{وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}؟، لأنهم عندما يكونون يسمعون رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، يعرفون أنه يقدم هدى الله، والله بعد هداه، هو الملك، هو المهيمن، يعلم ما يسرون، وما يعلنون، وما يكسبون، وما يعملون، وفي الأخير سيضربهم ولا أحد يستطيع أن يدفع عنهم.
هي قضية أساسية فيمن يدعو الناس إلى هذا الدين، أن يدعوهم إلى الله، أن يرسخ في أنفسهم معرفة الله، والخوف من الله، دائما يكون الغالب على مشاعرهم أن يدعوهم إلى الله يخوفهم بالله، وإلا فقد يقارن بينك وبين أطرف مدير ناحية، من أصغر واحد إلى أكبر واحد في الدنيا هذه مثلاً بوش، أليس هو سيقارن بينك وبين أمريكا؟ لاحظ الذين يقارنون بيننا وبين أمريكا أليسوا يهاجمون من يرفع شعار؟ لأنه يتصور هذه الجهة لا يخاف منها، لكن الآخرين يخاف منهم، هنا أليس هناك حاجة ماسة إلى هذا الأسلوب القرآني، أن يقول لهم القضية لا تعتقدوا بأن الذي أمامكم محمد، أو موسى، أو عيسى، أو فلان، وأنتم ترونه فقيراً، وليس لديه جنود، ولا معه أمن، ولا معه أشياء من هذه، لا، ذكِّرهم بأنه هو رقيب على كل شيء، وهو الذي سيعاقب ويثيب من رجع إليه.
يحتاجها الناس أنفسهم، المؤمنون يحتاجونها أن تترسخ لديهم الفكرة هذه، عندما ترى الآخرين يتجرءون عليك لا يحصل عندك شعور بأنك فعلاً ضعيف، وأنهم انفردوا بك، أبداً، أنت جندي من جنود الله، عندما يأتي جندي من طرف الدولة، وحصل عليه اعتداء أليس هو سيكون متذكراً بأنه من دولة، وأن الرئيس بعده، والجيش بعده؟ أليس هو يتصور هكذا؟ هذا الذي يجب أن يترسخ عندك، وإلا فقد يحصل عندك حالة من الغربة، وحالة من الضعف أن أولئك فعلاً انفردوا بنا، ولا هم يخافون منا، وفي الأخير تحاول إذا ما عندك فهم تبحث عن شيء تجعلهم يخافون منك، تبحث عن أي دولة تساندك، هذه التي يقع فيها بعض الأحزاب، حزب معين مثلاً معارض، وقد أصبح إلى درجة أنه معادي لحزب حاكم، يريد في يوم من الأيام يرى نفسه قد صار متمكناً؛ ليهبط هذا الحزب، ويضربه، ويزيح رموزه، ويزيح قياداته من الساحة فلينسق مع أمريكا، وليتفق مع أمريكا؛ من أجل أن يحصل على قوة كهذه، ونفوذ كهذا! أليس هكذا يحصل؟ لأن الله غائب في أذهانهم. هناك الكثير من الناس عندما تقول انطلق في هذا الموضوع سيطرح عليك هذه الفكرة [ما معنا ولا، ولا .. .] أليسوا يقولون هكذا؟ وإلا خلاصة الموضوع أننا نريد أن تتجند مع ملك السموات والأرض فقط، نحن جنود. ناسين لهذه، لكن لو يأتي مثلاً وقالوا الجهة الفلانية لازم ترفع هذا الشعار وإلا [سينفِّذون] عليك، مثلا يأتي له أمر ولو من مدير ناحية سيقول الله أكبر، الموت لأمريكا ... الخ. ولو يقولون سبع مرات سيرفعه سبع مرات لماذا؟ لأنه هنا قد صار خائفاً من هذا، لو لم يكن مؤمناً بالقضية سيرفع الشعار، إذا قد هو يأتي له أمر ولو من أطرف عسكري.
كلها الإشكالية هنا أن الناس يكونون ناسين لله أنه قوة، وأنه وراء كتابه وأنبيائه؛ ولهذا لاحظ كيف وجه سبحانه وتعالى رسوله إلى أن يقول أنا شخصياً {لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ} (الأنعام50) يعني أنا شخصياً لست بالشكل الذي يهددكم أنا، إذا أنتم تنظرون إليَّ كإنسان ليس لديه سلطة، ولا جنود، ولا جبروت مثلما يكون مترسخاً في نفوس الناس؛ لأنه مترسخ في أنفسهم [الأبَّهة] هذه، جهة معينة، وعندها أمن، وعندها سجون وعندها كذا ستضرب، هذه هي التي يمكن أن ينقاد لها، ويراها جديرة بأن تدعو إلى شيء ولو كان باطلاً سيمشي معها.
يقوللا، {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} (الأنعام50) معناه ماذا؟ {أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} (الكهف من الآية110) مثلما جاء في آية أخرى، {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} (الأنعام50) معناه ماذا؟ أنا فقط جندي من جنود الله أوحى الله إليَّ أن أبلغكم هذا القرآن، أن أنذركم بهذا القرآن {وَمَنْ بَلَغَ} (الأنعام من الآية19) كما قال في آية سابقة، أليس هذا نفسه ما يزال في نفس الإطار، أي لاحظ كيف تقدم القضية من جهة الله سبحانه وتعالى كأسلوب، في الآية السابقة {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} (الأنعام من الآية48)، ثم يوجه نبيه أن يكون هذا أسلوب يسلكه هو، أن يقول هكذا للناس {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} أليس معنى هذا أنه يقرر في أنفسهم [الله] الذي أوحى إليَّ هو وراء ما أوحى، يثيب ويعاقب؟.
فمن لا يكون على هذا النحو يعتبر أعمى فعلاً، أعمى وسيعتمي في أموره، ونحن نراهم فعلاً، الكثير ممن يعتمون كيف يتخبطون، الذين يمسكون من يرفع الشعار في الجامع هم في عمى، ومنطلقون من هذه الإنطلاقة، هم يرون أن الجهة التي ترفع الشعار لا تمثل شيئاً يخافون منه، والجهة التي يسترضونها بأبناء بلادهم، بإخوتهم، هي الجهة التي يخافون منها، أمريكا، هنا يقارنون بيننا وبين أمريكا، أليست هكذا؟ ناسين أن يقارنوا بين أمريكا وبين الله، ويعتبرون أن هؤلاء جنود من جنود الله، الذين يمسكونهم ربما بعدهم الله، في يوم من الأيام سوف يضربهم، ويضربهم بالأمريكيين أنفسهم، أو بالقاعدة، أو بأي جهة، الله يقول {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} (الحشر من الآية2) هذه القضية هامة جداً، يجب أن تتقرر، وأن تترسخ في نفوس الناس.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.