مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

نبيل الجمل
السودان ينزف، والمأساة الإنسانية التي يعيشها تستدعي تحَرًّكًا عاجلًا لإنقاذ ما تبقى من الدولة، وحماية شعبها من بطش الحرب وإجرام قوات الدعم السريع.

إن ما يجري في السودان الشقيق لا يخلو من بصماتٍ خارجية واضحة؛ فابن زايد وابن سلمان يقفان وراء هذا الصراع المدمّـر.

ما يحدث اليوم في الفاشر لا يقل فظاعةً عما جرى في غزة على مدى سنوات.

بل إن أعمال قوات الدعم السريع قد تجاوزت حدود الوحشية والإجرام، لتصل إلى درجاتٍ صادمة من التنكيل بالمدنيين العُزّل.

إن ما يعانيه السودان هو نتاج تدخلاتٍ دولية ممنهجة، بقيادة سعوديّة–إماراتية، تُدار ضمن أجندة أمريكية–إسرائيلية.

وفي الفاشر خَاصَّة، تتكشف مشاهد مروّعة: فقد ذكر تقرير أطباء السودان أن أكثر من 4،500 شخص نزحوا من منازلهم، مع نقص حاد في الغذاء والمياه، وارتفاع مقلق في حالات المرض وسوء التغذية بين الأطفال وكبار السن.

اليوم، يمر السودان بأحد أحلك فصول تاريخه الحديث.

منذ اندلاع النزاع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في إبريل 2023، تحولت الخرطوم ومدنٌ أُخرى إلى ساحات قتال مفتوحة.

ولم تقتصر تداعيات هذه الحرب على الدمار المادي وانهيار البنية التحتية فحسب، بل امتدت لتُشكّل كارثة إنسانية غير مسبوقة: مجاعة في بعض المناطق، وغلاء فاحش، وأزمة وقود خانقة.

وكان المدنيون-بلا شك-الضحية الأولى والأكثر تضررًا.

فوضى قوات الدعم السريع وجرائمها المنهجية

في قلب هذه المأساة، تبرز الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قوات الدعم السريع-ميليشيا تم دمجها رسميًّا في الهيكل العسكري، لكنها تفتقر تمامًا إلى الانضباط المؤسّسي والضوابط الأخلاقية.

وتُشير تقارير المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى شهادات الناجين، إلى نمطٍ ثابت ومرعب من الجرائم المرتكبة في المناطق التي تسيطر عليها، خَاصَّة في الفاشر.

من بين أبشع هذه الجرائم:

القتل العمد خارج القانون للمدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال، خلال الاقتحامات والتفتيشات العشوائية.

استخدام العنف الجنسي كسلاح حرب، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي والاعتداء الجنسي ضد النساء والفتيات، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

النهب المنظّم للممتلكات الخَاصَّة، واستهداف المستشفيات والمدارس، بل وحتى مقار البعثات الدبلوماسية والمنظمات الإنسانية، مما زاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية.

وفي بعض المناطق، تجددت المخاوف من التطهير العرقي، حَيثُ استُهدِفت جماعات عرقية غير عربية؛ ما أَدَّى إلى موجات هائلة من النزوح الداخلي واللجوء إلى الدول المجاورة-مشهدٌ يعيد إلى الأذهان فصول الحرب الأهلية في دارفور قبل عقدين.

انهيار الحياة المدنية وانسداد طرق الإغاثة

أدت هذه الجرائم إلى انهيار شامل في النظام العام والحياة المدنية.

فرّ الآلاف من منازلهم، وبلغ عدد النازحين واللاجئين مستويات كارثية، ما يجعل الأزمة السودانية واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم اليوم.

معظم المستشفيات توقفت عن العمل أَو دمّـرت بالكامل، وأصبح الحصول على الغذاء والدواء شبه مستحيل في مناطق النزاع-مما يهدّد الملايين بالمجاعة وسوء التغذية، خَاصَّة الأطفال.

الأمر الأكثر إيلامًا أن القتال المُستمرّ والانتهاكات المنهجية تعيق وصول المساعدات الإنسانية.

فقد تعرضت قوافل الإغاثة والفرق الطبية للاستهداف والنهب، ما يحرم المحتاجين من أبسط مقومات البقاء.

ما المطلوب؟

إن استمرار الوضع على هذا النحو يهدّد بتفكك الدولة السودانية، ويفتح الباب أمام صراعات إقليمية أوسع.

ولا يمكن إنهاء هذه المأساة إلا عبر خطوات جادة وعاجلة:

وقف إطلاق نار دائم، يخضع لمراقبة دولية صارمة، لوقف الجرائم ضد الإنسانية.

محاسبة مرتكبي الجرائم، وخَاصَّة قادة قوات الدعم السريع، عبر آليات دولية تضمن عدم إفلاتهم من العقاب.

تحَرّك شعبي عربي وإسلامي واسع -احتجاجات، تظاهرات، ضغوط رأي عام- يكشف زيف الخطابات الرسمية ويوحّد الضمير العربي والإسلامي حول نصرة المظلومين.

ضغط إقليمي ودولي قوي على الأطراف المتحاربة لإعادتهم إلى طاولة المفاوضات، والانتقال إلى مسار سياسي مدني يضمن للشعب السوداني حقه في الأمن، والسلام، والكرامة.

وأخيرًا، يجب الحذر من أن الاحتلال غير المباشر -عبر الأنظمة العميلة- أحيانًا أخطر من الاحتلال المباشر؛ لأنه يخدّر الشعوب، ويُوهِمها بالأمان، ويعيق انبعاث روح المقاومة.

إن إدراك هذا النوع من السيطرة هو أول طريق التحرّر.

السودان اليوم ليس مُجَـرّد دولة في أزمة.. بل هو اختبار لضمير الأُمَّــة كلها.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر