اليوم هناك فراغ كبير في واقع الأُمَّة، الملايين في الأُمَّة ذهنياتهم فارغة، من يأتي يحشوها بأي حشو يريد، يأتي الأمريكي يحشوها، يأتي الإسْرَائيْلي يحشوها… يأتي من هب ودب، كُلٌّ يؤثر، كُلٌّ يشتغل في هذه الساحة، نحن طالما نتألم نعبِّر عن أسفنا من هذا الواقع المرير في العالم الإسْلَامي، هذه الأُمَّة التي يفترض أنها أمة النور، أمة القرآن، أمة الهدى، التي يفترض أن لديها من النور ما يحصنها من كُلِّ الظلمات، من الحق ما يحميها من تأثير الباطل، من القيم والأخلاق ما يجعل منها أمةً عظيمةً متميزةً بتلك الأخلاق، بتلك القيم على نحوٍ بارز ومؤثر وواقعي في الحياة، هي اليوم بيئة مستهدفة مفتوحة، وفيها فراغ كبير.
قيم كثيرة غابت؛ أفسحت مجالاً للأعداء، أتوا ليعزّزوا بدلاً منها أباطيلَهم، ليعززوا بدلاً منها سمومهم التي تدمِّر الأخلاق، تدمِّر القيم، تدمِّر حتى الفطرة الإنْسَانية، اليوم يتجه الأعداء بكل جهد إلى تفريغ الإنْسَان المسلم من مضمونه: مضمونه الإنْسَاني، مضمونه الأخلاقي، مضمونه القيمي، مضمونه المبدئي؛ حتى يصبح الإنْسَان مفرَّغ، لم يعد لديه لا مبادئ تحكم توجهه، تمسكه في اتجاه ثابت، وصراط مستقيم، وسير واضح، ولا أخلاق تضبط تفاعلاته، توجهاته، مواقفه، ولا قيم، هم يسعون إلى تفريغ الإنْسَان المسلم من مضمونه حتى الإنْسَاني، حتى يفقد إنْسَانيته وفطرته الإنْسَانية، بعد أن يفرَّغَ من مضمونه المبدئي، القيمي، الأخلاقي، الإنْسَاني، الفكري، الثقافي، وبعد أن يحولوا بينه وبين النور ويجروه إلى مربّع الظلام؛ حينها يصبح فريسةً سهلة يصطادونه بكل بساطة، وفريسةً سهلة يستطيعون أن يوجهوه أينما شاءوا، أين ما أرادوا، أن يدفعوا به في أي موقف، أن يحرِّكوه تحت أي عنوان، يصبح بدلاً عن أن يكون إنْسَاناً مستنيراً، مبصراً، واعياً، ناضجاً، راشداً، فاهماً، واعياً؛ يصبح إنْسَاناً ضالاً، تائهاً، جاهلاً، ويصبح إنْسَاناً ساذجاً، قابلاً للتأثير، قابلاً للتضليل، قابلاً لأن يقودوْه إلى حيث شاءوا وأرادوا، وهم يريدون هكذا، هذا هو شغل الشيطان، هذا شغل أولياء الشيطان، هذا هو العمل الاستراتيجي والرئيسي الذي تركِّز عليه أمريكا، تُركِّز عليه إسْرَائيْل؛ لاحتواء الأُمَّة، لاستعباد الناس، للهيمنة التامة عليهم، الهيمنة على النفوس، على العقول، على التفكير، على التوجه، على الموقف… على كُلِّ شيء، وهذه هي المسألة الخطيرة جدًّا.
فعملية التجريد من القيم، التجريد من الوعي، التجريد من الأخلاق، التجريد من المبادئ، تحول الإنْسَان إلى إنْسَان مفرَّغ جاهز، أشبه ما يكون بالإنْسَان الآلي الذي يتحكمون به بالريموت، ريموت معين كذا وكذا يوجهونه كما يشاؤون ويريدون، اليوم نشاهد أنَّ هناك اختلالاً كبيراً في واقع الأُمَّة والأمة تدفع ثمنه، لاحظوا يكفي الأمريكي ويكفي الإسْرَائيْلي أن يأتي ليرسم خطةً معينة في داخل الأُمَّة تهدف إلى بعثرة الأُمَّة، إلى ضرب الأُمَّة، إلى قتل الأُمَّة، إلى امتهان الأُمَّة، إلى إذلال الأُمَّة، إلى تفكيك كيان الأُمَّة…الخ. إلى كُلِّ ما يضر بالأمة، يرسم خطة معينة، هذه الخطة يتولى تنفيذها، تمويلها، التحرك فيها، القيام بها، العمل بها مَنْ؟ هل الأمريكي يحتاج أن يدفع هو مئات المليارات؟ هل الأمريكي يحتاج هو أن ينفذ المسألة، الخطة بكل حذافيرها، وأن ينزل للميدان إلى كُلِّ قرية، إلى كُلِّ منطقة، إلى كُلِّ مدينة؟ |لا| من داخل الأُمَّة أصبح له امتداد في عُمْقِ الأُمَّة، هذا هو الاختراقُ: امتداد في عمق الأُمَّة، اليوم هناك دول، حكومات، شعوب، بعضٌ من الشعوب وإلّا فمعظمُ الشعوب ضحية، بعضٌ منهم، لكن هناك كيانات كبرى في الأُمَّة، دول متمكنة، أنظمة قوية تسخِّر نفسها وكل ما تملك، وكل ما تملكه الأُمَّة، وكل طاقات الأُمَّة، وكل قدرات الأُمَّة لتنفيذ خطة أمريكية إسْرَائيْلية، لتفكيك الأُمَّة، لبعثرت الأُمَّة، لقتل أبناء الأُمَّة، لضرب قيم الأُمَّة وأخلاق الأُمَّة، لتمزيق الأُمَّة، لإنهاء أي تقارب بين الأُمَّة، والحيلولة دون توحدها نهائياً، وبكل تباهٍ يرى البعض نفسه أنه أصبح عظيماً بقدر ما أخلص للأمريكيين، وعبَّد نفسه لهم، وأذل نفسه لهم.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة يوم الولاية 1437هـ