إنه كلما تأخرت الأمة عن القيام بمسئوليتها تجاه هذه القضية يعظم الضرر، ويتفاقم الخطر، وتفسح المجال وتعطي الفرصة للعدو لتحقيق تقدمٍ كبير في ضرب الأمة، ونجاح مؤامراته التي تؤخرها إلى الوراء أكثر فأكثر، وتزيدها ضعفاً وعجزاً، وتصعّب عليها أي مواقف مستقبلية، بما قد صنعه العدو من عراقيل وعوائق، مستفيداً من جمود الأمة وغفلتها، إذ هي تُستهدَف ولا تَستهدِف، وتُضرب ولا تَضرِب، وبالتالي تتاح له الفرصة لإغراق الأمة من مشكلةٍ إلى مشكلة، ومن معضلةٍ إلى معضلة، ومن مؤامرةٍ إلى أخرى.. وهذه الأمة التي أراد لها ربها، وفرض عليها في دينها أن تكون الأمة التي تسارع وتسابق في إطار ما هو رضاً لله، وما هو في إطار مسئوليتها، لا يليق بها أن تتأخر ولا أن تتثاقل، ولا أن تتنصل عن المسئولية، فيما العدو يتحرك ولا يتوقف أبداً، ويحرص على أن يأخذ دائماً بزمام المبادرة، ويعمل باستمرار كيداً ومكراً وغدراً، ويصنع المؤامرات، لا يكلّ ولا يملّ.
-يحرص دائماً على إضعاف الأمة ليوصلها إلى درجة العجز، وليفقدها كل مقومات الموقف اللاَّزم على المستوى المعنوي، وعلى المستوى المادي، يسعى بكل الوسائل والأساليب مستفيداً من آلته الإعلامية، مستفيداً من تأثيره السياسي، مستفيداً من القوى التي تخدمه من داخل الأمة، يسعى إلى إفقاد الأمة الإحساس بالخطر، يسعى إلى ذلك، يحرص على أن لا يكون هناك إحساس بخطورته، فبالتالي يهيئ الأمة للتثاقل، والتخاذل، واللاَّمبالاة، والتنصل عن المسئولية بكل ما يمثله من خطر، بشرِّه الذي نرى آثاره وأضراره كل يوم وكل ليلة مع كل ذلك يحاول أن يُفقد الأمة الإحساس بالخطر حتى يضمن بقاءها قيد الاستسلام، وبعيداً عن التحرك، وبعيداً عن القيام بالمسئولية.
-يحرص على إفقاد هذه الأمة الشعور بالمسئولية، جُهد سياسي، أنشطة تثقيفية، أنشطة إعلامية مكثفة مباشرة وغير مباشرة تعزز في نفوس الناس حالة الإهمال، وحالة اللاّمبالاة، وتفقدهم الشعور بالمسئولية، وكأننا بالنسبة لنا كمسلمين وكشعوب لسنا معنيين بما يحصل على مستوى شعبنا في فلسطين، على مستوى مقدساتنا، على مستوى واقعنا بكله، يسعى إلى إفقاد أمتنا الوعي، ويعمل على تضليلها وتزييف وعيها بكل الوسائل والأساليب، الوعي بمؤامراته ومكائده، الوعي تجاه المواقف الحكيمة التي ينبغي أن تتبناها الأمة، الوعي فيما يبني الأمة لتكون بمستوى المسئولية، يحرص على تزييف حالة الوعي لتبقى الأمة غارقةً في الظلام متحيرة تجاه الأحداث والمستجدات.
-يحرص كذلك على تفريق الأمة، وتغذية الصراع والنزاعات داخلها تحت عناوين كثيرة، منها سياسية ومنها غير سياسية، وأبرزها الفتنة الطائفية التي يعتمد في إثارتها على التكفيريين المتحالفين معه، والذين لا ينطلقون فيما ينطلقون فيه من إثارةٍ للفتن، ومن خلقٍ للنزاعات، ومن إغراقٍ للأمة في المشاكل، لا بدافع الحرص على مذهب، ولا بدافع حتى العصبية لطائفة، وإنما هم بدافع التآمر على أبناء الأمة، وبدافع الكيد لهذه الأمة، وبدافع تنفيذ مؤامرات ومشاريع ومخططات تخدم العدو الإسرائيلي والأمريكي بالدرجة الأولى.
-يحرص العدو فيما يفعل وفيما يتآمر وفيما يتحرك فيه على ترويض الأمة، على التغاضي عن خطوات خطيرة، يروِّض الناس أن يسكتوا عن شيء ثم يروضهم على السكوت عما هو أسوأ.. وهكذا يحرص على ترويض الناس على التغاضي عن خطوات خطيرة حتى تكون مهيأةً للتغاضي عما هو أسوأ، ونرى الأقصى الآن في خطر أكبر من أي وقت مضى، الحفريات تحت المسجد الأقصى تمهيداً لهدمه، وإنما بانتظار الظروف المهيأة التي تكون الأمة فيها مهيأة، ويكون العدو الإسرائيلي مطمئناً من ردة الفعل التي يخشاها، التهويد لمدينة القدس، توسُّع الاستيطان، كل هذا في ظل تخاذلٍ عربي متزايد.! وصمتٍ كبير.!
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بمناسبة يوم القدس العالمي: 1434هـ.