مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

إبراهيم الهمداني
شهد القرآنُ الكريم على عظمة مَن أنزله، وكمال حامله، وأهميّة دوره الريادي والحضاري في بناء الأُمَّــة وتحقيق الاستخلاف، وهو – أَيْـضًا – المعجزة الخالدة للنبي الأكرم محمد -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-.

معجرةٌ ليس على مستوى فصاحته وبلاغته فحسب، بل على مستوى قضاياه ومضامينه الفكرية والمعرفية والحضارية، وقدرته على كشف انحطاط المشروع الحضاري اليهودي/ الغربي، وزيف صورتهم المثالية وشعاراتهم الإنسانية.

وأثبت عدم أهلية مشروعهم الزائف ليكون بديلًا عن المشروع الحضاري الإسلامي الذي قدمه القرآن الكريم، رغم محاولاتهم الدائبة عبر التاريخ صياغة مشروع حضاري يقدمهم عبر حلفائهم المتصهينين بوصفهم مركز الحياة البشرية، بخبرات بلغت من التراكم آلاف السنوات، وشملت معظم أصقاع المعمورة.

لذلك افتروا على الله الكذب، وألبسوا الحق بالباطل، وكتموا الحق وأظهروا الباطل، وبنوا – ما يسمى – مشروعهم الحضاري النهضوي على أَسَاس تلك المزاعم الباطلة، والمبادئ المنحرفة الزائفة، والمقولات العنصرية الحاقدة، والأفكار الضالة المريضة، التي تمجدهم رغم انحطاطهم، وتمنحهم الريادة الحضارية بحجّـة امتلاكهم التقنية المتطورة والقوة العسكرية الفتاكة، وزعموا أن ذلك كفيلًا بمنحهم لقب سادة المشروع الحضاري العالمي وقادة العالم بحق الهيمنة المطلقة، غير مستوعبين للسنن الإلهية، وأن الحضارة هي شرط إنساني روحي/ ديني قبل أن تكون شرطًا ماديًّا تقنيًّا/ دنيويًّا، وأن النهوض الحضاري لا يتحقّق إلا بامتلاك الشرطين وتكاملهما؛ بوصفهما الركيزة الأَسَاس لعملية الاستخلاف وتحقيق النهوض الحضاري الدائم، والتطور والبناء والارتقاء المُستمرّ القائم على منهج وهدى الله سبحانه وتعالى، بينما العدول عنهما أَو الاكتفاء بالشرط المادي دون الروحي لا يمكن أن يبني حضارة حقيقية دائمة، وهو ما أكّـده القرآن الكريم في حال الأقوام والأمم السابقة التي بلغت مستوى معينًا من التقدم والتطور المادي المفتقر إلى الشرط الروحي/ الديني الإيماني، ما جعل تلك الأمم تطغى وتتجبر وتنافس الله في سلطانه، فكان تطورها المادي النوعي سببًا في هلاكها وزوالها وسخط الله سبحانه وتعالى عليها.

وكما أنه لا يمكن القول إن فرعون وهأمان وقارون أصحاب مشروع حضاري حقيقي رغم امتلاكهم أسباب القوة والعلم والوفرة المادية، أَو إن النهضة العمرانية والزراعية والاقتصادية التي حقّقها قوم عاد في إرم ذات العماد، وقوم ثمود في قصورهم وجناتهم وبيوتهم المنحوتة في الجبال، تجارب حضارية يمكن الاقتدَاء بها والاهتداء بمعطياتها وأسبابها بوصفها نماذج حضارية إنسانية متكاملة ملهمة، كما لا يمكن القول إن قوم لوط قدموا النموذج الحضاري الحداثي في مقولاته التحرّرية الحقوقية والتعبيرية؛ لأن كُـلّ تلك المشاريع الحضارية انحرفت عن مقتضاها القيمي/ الروحي، وخرجت عن المقصد الإلهي والغاية الحقيقية من الاستخلاف، وشوهت المشروع الإلهي الحق، واستبدلت مفاهيم ومبادئ وقيم المنهج القويم بأُخرى وضعية نفعية بحتة.

ولذلك كان أنبياؤهم يحاولون جاهدين إعادتهم إلى الطريق الصحيح، وتقنين منجزهم الحضاري المادي بضوابط نظيره الإيماني الروحي/ الإنساني، وطالما ذكروهم بما هم فيه من النعم، من القوة والوفرة المادية، والنهضة الزراعية والعمرانية، والتطور العلمي والتقني، وغيرها من مظاهر التفوق الحضاري، بوصفها نعمًا إلهية خالصة، يجب أن يرافقها الشكر والاعتراف بالمنعم، والإيمان بالله وحده لا شريك له، والعمل بمقتضى ذلك الإيمان، وبدون ذلك الشرط الإيماني تفقد المشاريع الحضارية المزعومة قيمتها وإسهاماتها في مسيرة الوجود الإنساني، وتذهب هباءً أدراج الرياح، "كأن لم تغنَ بالأمس"، وتلك عاقبة القوم الظالمين.

كذلك الحال في واقع الحضارة الغربية اليوم، القائمة على مخرجات الفكر اليهودي/ الصهيوني المحرفة، الداخلة في خدمة وجوده ومشاريع هيمنته، ولم تكن الولايات المتحدة الأمريكية سوى الحامل – المؤقت – للمشروع الحضاري الغربي/ اليهودي، خَاصَّة وأنها قد أعلنت – مؤخّرًا – عن صهيونيتها؛ انتماء وهُـويةً ومشروعًا ووجودًا، وأعلنت اندماجها وتماهيها الكامل مع الكيان الإسرائيلي الإجرامي الغاصب، وشراكتها المطلقة في كُـلّ جرائمه وسياساته في المنطقة، وتبني مواقفه العدائية وسياساته التسلطية كلها بحجّـة الدفاع عن المشروع الحضاري ضد جماعات التطرف والهمجية والبدائية، على أَسَاس مبدأ البقاء للأقوى، من باب تمجيد القوة العسكرية كمعطى قيمي يحافظ على استمرار المسار الحضاري، وبذلك يمكن القول إن هذا المسار الحضاري المنحرف قد بلغ ذروة تسلطه وجبروته، وبالتالي بدأ العد التنازلي في مرحلة سقوطه وفقًا لمعطيات السنن الإلهية الحتمية.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر