يها الإخوة والأخوات: في ذكرى عاشوراء ننادي المتخاذلين الفئة الصامتة، ننادي في هذا اليوم يوم الكلمة المسؤولة، يوم نبرة العزة والحرية، يوم الموقف، يوم الإباء، يوم الثبات، من مدرسة محمد، من المنبر الحسيني، ننادي كل المتخاذلين كل الصامتين كل المستسلمين نقول لهم: راجعوا موقفكم، راجعوا موقفكم، تعلموا من الحسين، تعلموا من سبط رسول الله كيف تكونون أعزاء، كيف تتحملون المسؤولية بإباءٍ وعزة وصبرٍ وثبات، تعلموا كيف يكون لكم دورٌ في الحياة، فلا يكون دوركم في الحياة أن تكونوا صامتين ساكتين يائسين حياديين. لا حياد بين الخير والشر، وبين العدل والظلم، وبين النور والظلام، كفى تخاذلاً، لا حيادية بين الحق والباطل. إن موقف المتخاذلين ليس حياديًا في حقيقة الأمر وإن وهموا، إذا كانوا يتوهمون أنهم محايدون فإن موقفهم في حقيقة الأمر ليس حياديًا، إنه محسوبٌ للمستفيد منه وهم الطغاة هم الطغاة.
إن التخاذل عاملٌ أساسي في تمكن الظالمين وسيطرتهم، ولولا سكوت الساكتين ولولا رضوخ وخنوع المستكينين الخانعين من جماهير الأمة لكان واقع الأمة مختلفًا عما هو عليه، إن التخاذل والاستكانة والخضوع موقفٌ سلبي قائمٌ على رؤية غير صحيحة, غلط.. غلط حقيقي موقف متخاذل سلبي ليس له مستند ليس له برهان، إذا كانوا يتوهمون أنهم بذلك سيسلمون من تبعات المسؤولية من ثمن الموقف فهم واهمون ـ الأحداث التي لا تتوقف الأحداث المتلاحقة والمتسارعة تطال الجميع والواقع بحلوه ومره يطال الجميع ـ موقفهم غلط.
يجب على الإنسان أن يراجع نفسه في هذا اليوم ثم يختار في أي موقف يجعل نفسه، تحت أي راية. إن مأساة الأمة قائمة ومستمرة منذ مأساة كربلاء، ومدرسة الطغيان يتخرج منها الكثير من أمثال يزيد وأسوأ من يزيد، ويزيد وابن زياد أساتذة في الطغيان كما هو حال فرعون، كما هو حال النمرود، كما هو حال كل الطغاة الذين تحدث عنهم التاريخ، وعلى خطاهم وفي دربهم يتحرك المجرمون للتنكيل بالشعوب وبوحشية وإجرام تطال حتى الأطفال الرضع على سنّة من آل فرعون. فالواقع والمشكلة والتحدي لم ينته بعد, لم ينته بعد, مدرسة الطغيان موجودة والمتخرجون منها كثر يمارسون ظلمهم وطغيانهم وإجرامهم بحق الأمة، وقد عانت أمتنا الإسلامية كثيرًا وكثيرًا .
آن الأوان للتغيير، المشروع الذي تحرك به الإمام الحسين من قبل ألف وثلاثمائة وسبعين عامًا آن الأوان لنبذ الأشرار وشرهم والمفسدين وفسادهم وطرد المستبدين والطغاة, لا يجوز للأمة أن تسكت لهم ليتحكموا بها أكثر مما قد حصل في الماضي, يكفي الأمة ما قد وصلت إليه, يكفي الأمة الإسلامية قرونًا طويلة مئات السنين من الاستبداد والظلم والقهر والانحطاط ونتيجتها واضحة .
لقد آن الأوان لتصحح الأمة وضعيتها وتتجه لبناء حضارة راقية متميزة قائمة على العدل، متميزة بالقيم، والمشروع الحسيني القرآني المحمدي لتصحيح مسار الأمة والإصلاح فيها يجب أن نستمر فيه بثبات وعزم وإيمان في مواجهة فساد وإجرام وطغيان أشكال يزيد، وتلامذة يزيد، من حاملي لواء الظلم والاستبداد الجائرين الظالمين المفسدين في عصرنا وزماننا .
وثوراتنا العربية يجب أن تستفيد من الحسين وتتمسك بمشروعه وتحمل روحيته وتقتبس من عزمه وثباته، القيم والروحية والعزيمة والرؤية الحسينية هي الضمانة لاستمرارية الثورات العربية حتى تحقيق أهدافها في مواجهة مسار احتوائها؛ لأن هناك جهدًا كبيرًا ومكائد كبيرة ومكر كبير لاحتواء الثورات العربية لإفشالها، للحيلولة دون تحقيق أهدافها، ولذلك يجب أن نقتبس في ثوراتنا من روحية الحسين، من ثباته من عزمه، وحينها لن يستطيع أحد أن يقف بوجهنا مهما حاول، مهما كان كيده ومكره، ومهما كانت التحديات والضغوط.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة ذكرى عاشوراء
للعام الهجري 1434هـ