الأمريكي يحاول أن يقلل من حجم هذا الانتصار لحزب الله، في أساليبه المتنوعة، التي يشتغل فيها لاحتواء الوضع السياسي، وقد حاول أثناء التصعيد (في ذروة التصعيد) أن يوظِّف الحالة التي تحصل، والهمجية الإسرائيلية في العدوان على لبنان، على أمل أن يكون هناك اهتزاز كبير في الساحة الداخلية اللبنانية؛ ليستغلها، لكنه فشل، ولا يزال يعيد الكرة من جديد.
العدو الإسرائيلي أيضاً يطلق تصريحات عنترية، يحاول أن يتحدث بلغة المنتصر، ولكنه فاشل، وفشله واضح، وهذا واضح في تصريحات بعض العسكريين المجرمين و[نتنياهو] المجرم.
الجولة هذه لا تعني نهاية الصراع، ولا نهاية الخطر الإسرائيلي على لبنان، وليس هناك أي ضمانة لحماية لبنان مستقبلاً، إلَّا مجاهدوها، وأهمية المعادلة الثلاثية: (الجيش، والشعب، والمقاومة)، وإلَّا فالخطر الإسرائيلي متربص، وبكل حقد، وبكل طمع، ووفق الرؤية الاستراتيجية للعدو، التي تجعل لبنان بكله جزءاً من مناطق السيطرة التي يسعى الإسرائيلي للسيطرة عليها.
الأمريكي يحرِّض باستمرار ضد حزب الله، ومن المتوقع أن يكثر من التحريض في هذه المرحلة، وأن يُشغِّل كل أبواقه، التي كانت من الماضي معاديةً لحزب الله، ومواليةً لإسرائيل، وكانت في مراحل معينة جزءاً من امتداد العملاء الموالين للعدو الإسرائيلي.
ما بعد انتصار لبنان- الذي نوجِّه التهاني والمباركة فيه لحزب الله قيادةً ومجاهدين، لكل المنتسبين لحزب الله، ولكل الحاضنة الشعبية لحزب الله، وجمهور المقاومة بكله، وللشعب اللبناني بكله، وللبنان رسمياً وشعبياً، ونسأل الله أن يُتِمَّ لهم هذا النصر، وأن يقيهم شر العدو الإسرائيلي- ما بعد هذا الانتصار تتعاظم المسؤولية على أمتنا الإسلامية لنصرة غزة، إذا كان لدى البعض تصور أنه ليس بالإمكان إفشال العدو الإسرائيلي؛ فهذا الانتصار التاريخي شاهدٌ من الواقع، على أنه بالإمكان أن يتمَّ إفشال العدو الإسرائيلي بالاستعانة بالله، وبالأخذ بالأسباب العملية.
الشيء المؤسف في واقع المسلمين في معظم الأنظمة، لدى العرب ولدى غيرهم من الأمة الإسلامية: أنه لم يتم اتِّخاذ الحد الأدنى من المواقف العملية، معظمهم اكتفوا بإصدار البيانات، حتى في قممهم الكبيرة والضخمة، التي جعلوا منها مجرد منتديات لإلقاء كلمات بدون أي مواقف عملية، وإصدار بيانات بدون أي مواقف وإجراءات عملية، ولو على المستوى السياسي، على المستوى الاقتصادي، ولو بمستوى ما تفعله بعض الدول غير المسلمة، أكثر الدول العربية لم ترق في موقفها إلى مستوى موقف كولومبيا، أو فنزويلا، أو دول أخرى من البلدان تلك، التي اتَّخذت مواقف استجابةً للضمير الإنساني، لابدَّ أن يكون هناك عمل جاد لنصرة الشعب الفلسطيني.
على مستوى المحور: من المهم البناء على ما قد حققته الجبهة اللبنانية، والتوجه للتصعيد أكثر، ولاسيَّما من جبهتي (العراق، واليمن)، الجبهة اللبنانية في مرحلة الإسناد، وفي مرحلة مواجهة العدوان الإسرائيلي على لبنان، حققت نتائج مهمة في النكاية بالعدو الإسرائيلي، وألحقت به الخسائر الكبيرة، أصبح جيشه- كما هو واضح- في مستوى واضح وجلي من الإنهاك، وكذلك الواقع الإسرائيلي بشكلٍ عام، فما قد تحقق من الجبهة اللبنانية ينبغي البناء عليه بجهدٍ أكبر من ذي قبل.
جبهة العراق: جبهة العراق جبهة قوية ومهمة، وتمتلك مقومات تساعدها على أن تكون فاعلةً- بإذن الله تعالى- أكثر في مواجهة العدو الإسرائيلي، والعدو الإسرائيلي يخشى تلك الجبهة، ويدرك أنها تمتلك مقومات يمكن أن ترتقي بأدائها وفاعليتها إلى مستوى أكثر، والأمريكي يحاول بشكلٍ مباشر، وعبر البعض من الدول العربية، من الأنظمة العربية، والبعض من الدول الأخرى، أن يمارس الضغوط السياسية لإضعاف الموقف في الجبهة العراقية، أو الحدِّ منه، أو تقزيمه، ويحاول أن يستفيد من بعض القوى في العراق في هذا الضغط، لتحقيق هذا الهدف لخدمة العدو الإسرائيلي.
العدو الإسرائيلي أيضاً يحاول أن يقدِّم من جانبه بعض التهديدات، التي يحاول بها الضغط على المستوى الرسمي في العراق، لكن الظروف الراهنة ظروف مهمة للغاية، وحسَّاسة جداً، المعاناة التي يعانيها الشعب الفلسطيني في غزة معاناة كبيرة للغاية للغاية؛ ولــذلك ينبغي أن يكون التوجه هو مضاعفة الجهد.
جبهة الإسناد في اليمن: نسعى- بإذن الله تعالى- إلى فعل أقصى ما نستطيعه، وآمُل من كل الإخوة المجاهدين في الجيش، في القوة الصاروخية، في الطيران المسيَّر، في القوات الجوية... في كل التشكيلات، على المستوى الشعبي، الكل أن ندرك أن مسؤوليتنا أن نسعى ونبذل الجهد، ونستعين بالله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" ليساعدنا ويعيننا على فعل ما هو أقوى، وأكثر، وأكبر في التصعيد ضد العدو الإسرائيلي، ولنصرة الشعب الفلسطيني في غزة.
قيام المحور (محور الجهاد والمقاومة) بواجبه، لا يعني إعفاء بقية الأمة من المسؤولية، ومن اللوم على التفريط في هذه المسؤولية، يجب على الجميع أن يتحرَّكوا بشكلٍ جاد، ويجب التذكير المستمر بهذه المسؤولية، وعلى كلٍّ أن يسهم في ذلك، يجب على المستوى الإعلامي في الجبهة الإعلامية، في الجبهة الثقافية، أن يسهم الجميع في التذكير بهذه المسؤولية، أن يستمر النداء لأبناء الأمة لينهضوا، ليلتفتوا إلى ما يعانيه الشعب الفلسطيني، إلى مظلوميته التي لا مثيل لها، إلى مأساته الكبيرة؛ لأن الإهمال، والتغافل، والتجاهل، والتنصل عن المسؤولية، يعتبر مساهمةً مع العدو الإسرائيلي، فيما يفعله هناك من إبادة جماعية، ويرتكبه من جرائم فظيعة جداً، ضد الشعب الفلسطيني في غزة وسائر فلسطين، في غزة بالدرجة الأولى.
للأسبوع الستين، وعدوان الإبادة الجماعية مستمرٌ من العدو الصهيوني على الشعب الفلسطيني، جرائمه الفظيعة التي يرتكبها في شمال غزة صنعت مأساةً تفوق الوصف والتعبير، والمشاهد (مشاهد الفيديو) التي تنقلها القنوات والفضائية تُعبِّر عنها أكثر من الكلمات، التدمير الشامل، والنسف الكلي للأحياء السكنية على رؤوس ساكنيها، والتجريف، وإهلاك الحرث والنسل، والتدمير للمدارس على رؤوس النازحين، والتجويع الشديد، لليوم الخامس والخمسين في شمال قطاع غزة، والمجاعة تعمُّ قطاع غزة، لا يدخل من الاحتياجات الضرورية إلى قطاع غزة ما يلبِّي حاجة 6% من السكان، هذه جريمة كبيرة جداً، وهذا أيضاً تفريطٌ رهيبٌ جداً من المسلمين، ومن العرب، ومن البلدان المجاورة لفلسطين، معاناة مع البرد القارس، والأمطار، وانعدام الغذاء والدواء، معاناة شاملة في كل قطاع غزة، يجب التحرك الجاد من الحكومات والشعوب، ووفق إجراءات عملية، وليس فقط إصدار بيانات وتصريحات.
العواقب خطيرة؛ لأن هذا- كما قلنا- هذا التجاهل، والتغافل، والتنصل عن المسؤولية، هو إسهام، يشجِّع العدو الإسرائيلي على الاستمرار بفعل ما هو أسوأ، وأكبر، وأفظع، وأن يواصل ما فعله في شمال القطاع إلى وسط القطاع، وإلى جنوب القطاع، وهذه قضية خطيرة للغاية، هناك من الأنظمة العربية بعد السابع من أكتوبر من شجَّع الأمريكي والإسرائيلي على فعل ما يفعلون، وحرَّض ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهذا جرم كبير جداً، ولكن من الجرم الاستمرار في التجاهل، والتنصل عن المسؤولية، بالرغم من كل ما يحصل.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة
الخميس 26 جمادى الأولى 1446هـ 28 نوفمبر 2024م