لقد دمعَت عيني اليوم كرتين..
فقد كنتُ خارج المنزل، وتلقيتُ رسائل كثيرة، من أصدقاء ومن الأهل، لكنَّ رسالة ابنتي ذات العقد الأول من عمرها وهي تقول(مقابلة السيد القائد الساعة السابعة والنصف لا تنساها فالعالم يترقب) أسقطت من عيني الدمعة الأولى، وكنتُ حينها أعلم الخبر وبل وأقفُ مستعدًا لهذه اللحظة أمام تلفاز كبير،ولكني تعجبت لكمية الحب والولاء الذي انغرس لهذا القائد في قلب الطفلة والأم والأخ والصديق والطالب والعامل والموظف والعاطل والعالم والمتعلم والقريب والبعيد..
لحظات وظهرَ الإعلامي ملاطف الموجاني، وكم غبطته على هذا الشرف وهذا المقام...
وبعد المقدمة يُطل سيد العرب، ومفخرة الأحرار، وقدوة الثوَّار، وتسقط من عيني الدمعة الثانية..ويمتلئ القلب بإحساس وجداني لا يستطيع القلم وصفه، ولا الكلمات بيانه، إنَّه الحب الممزوج بالسيرة، إنَّه الولاء المرتبط بالخمسة، إنه المسير المعمَّد بالدم..
سأوجز بعض الثمرات لهذا اللقاء الشيق ما استطعت لذلك سبيلا...
كان الصمَّاد فاتحة اللقاء، وعنوان المساء، وكم كان لاستشهاده من أثر عظيم في أعماق القائد، لكن ذلك الدم هو البركان الذي اجتاح جحافل الأعداء..ودخول السنة الخامسة هي للمؤمنين نصر وللأعداء فشل، فإنهم وترسانتهم الضخمة وقد تمزقت على صخور اليمن وسيوف رجال اليمن هم الفاشلون والمحبطون..
وإلى عوامل النصر كان حديث سيد النصر والتي لخصها في ثلاثة أمور منها الإلتجاء إلى الله بإيمان وثقة وعزة وكرامة وإباء، والوعي بحقيقة هذا العدوان وأهدافه ومخاطر الاستسلام،والثالث هو حجم الجرائم والتي أوجعت اليمنيين وأدمت قلوبهم وكان لها الأثر الكبير في اندفاع السيوف اليمانية البتارة..
وأما طول الحرب وأثره فإن العدو هو الخاسر الأكبر، ونحن نجني ثمرة الصمود..
والمنطقة بكلها تشهد مخاضا عسيرا، خاصة مع تدخل الأمريكي والإسرائيلي بشكل كبير، وهو لا يخسر شيئًا، فالمال من الخليج، والدم من المرتزقة، وهو من يتحكم ويحقق بهم أهدافه وأطماعه..
وأما المفاوضات فإقامة للحجة، وكشف حجج المرتزقة الذين يأتي بهم الغزاة فيما يغيب العدو الحقيقي عن المفاوضات كالسعودي والإماراتي والأمريكي.. ولهذا هم في اتفاق السويد يهربون من الاستحقاقات، مع ما طرحه عليهم رئيس الوفد الوطني من حلول منها تحييد الحديدة عسكريًا، ودور رقابي للأمم المتحدة..
وفي ملف الأسرى لا يبالي العدوان بأسراه، ويقومون بعمل لا إنساني مع الأسرى، ويصورون ذلك ببشاعة وكأنهم وحوش وعصابات.
وأما الحصار؛ فقد أصبح حافزًا ودافعًا للتصدي لهذا العدوان..
والدور البريطاني في الحرب لا يزال يحمل النزعة الإستعمارية، وهو إلى جانب الأمريكي حاضر وشريك..
وعن لقاءات المبعوث الدولي فإنه مبعوث وموفد ولايمتلك أي مبررات لإغلاق مطار صنعاء وحصار الشعب اليمني، وهو يشعر بالحرج، ولكنه عاجز أمام قوى الهيمنة الحقيقية الكبرى..
وحول ظهور وزير خارجية الفنادق في وارسو بجوار نتنياهو كان تعليق القائد شاملاً حيث أفاد بأن التدخل الأجنبي هو احتلال للبلد، وسيطرة على موانئه ومنابع نفطه، ولا يستطيع عبدربه ولا غيره أن يتجاوز سلطة الأجنبي، بل حتى لا يستطيع أن يأتي إلى عدن، ويطرده الإماراتي، وهذه حالة احتلال..وهم بهذه الوجوه القابلة للإحتلال أرادوا إخضاع اليمن للتطبيع مع إسرائيل، ولهذا جلبوا ذلك الخائن إلى وارسو ليمثل توجه أرادوه لنا كشعبٍ يمني.
وأما الخطر على السعودية فقد أكد القائد بأنه لا خطر من اليمن على مملكة بني سعود بامتداد التاريخ، وأن الخطر منها هو القادم لليمن وعلى اليمنيين، منذ قتل الحمدي..والحقيقة أنه ليس لديهم مخاوف بل يريدون اليمن خاضع وتحت السيطرة..هم مطالبون بتغيير نظرتهم وحسن الجوار واحترام السيادة والاستقلال، والاحترام المتبادل، ويتخلوا عن الطموحات غير المشروعة، والأخوة الإسلامية...وبعدها ليسوا بحاجة لأن يقدموا أموالهم للأمريكي لكي يحميهم.
وبالنسبة للإمارات فقد أكد القائد بأنَّ استثماراتها ستتعرض للخطر إذا استمر مسلسل العدوان والإجرام وتمنى أن تصلهم الرسالة بوضوح.
ولخَّص نظرة السعودية لليمنيين في قول محمد سلمان حين قال(نريد في اليمن موظفين وليس وكلاء) هكذا هي نظرتهم، لا يقتنعوا بوكلاء، بل يريدون موظفين يأمرونهم فيطيعون، وينهونهم فينتهون، وينفذون كل أجندتهم، ولهذا يريدون أولئك المروضين والمدجنين؛ القابعين في الفنادق..وهذا بالنسبة لليمنيين الأحرار غير مقبول، وغير وارد.
وأما تماسك الجبهة الداخلية سياسيًا واجتماعيًا فهو نجاح كبير..
وأما الضادات الحيوية في مؤسسات الدولة والوزارات، فهو قائم على قدم وساق، وهناك نجاحات، وعلى رأسها تماسك كيان الدولة، وهناك تطور في الأداء، ومحاولة للتخلص من تركة أعباء الفساد السابق الثقيلة، ومن الإنجاز التحرر من التدخل الخارجي والذي كان في السابق يتم عن طريق السفراء بشكل سافر.
وأنه لن تكون هناك أي حماية لأي فاسد من أي طرف كان..
ويجب أن يكون الشعب واعيًا لخطر بعض المنظمات، وأدوات الحرب الناعمة والتي تهدف إلى ضرب المجتمعات فكريًا وأخلاقيًا، ولكن الشعب اليمني لديه رصيد من القيم والأخلاق والعادات والتقاليد.
وأنه لولا الدور الأمريكي ثم الدور البريطاني لتوقف العدوان، وكذلك الدور الإسرائيلي والذي أصبح فوق الطاولة والحرب على اليمن هي من أجل تصفية القضية الفلسطينية، وإبرام صفقة القرن..لكن بسالة اليمنيين في الحرب فاجأتهم وكسرت شوكتهم وخيبت آمالهم فقد ظنوها لأيام أو أسابيع فإذا بها تطول، وتتكسر أنيابهم وقرونهم وأظافرهم ومخالبهم على صخور اليمن الصلبة..
ولقد فشلوا فشلاً ذريعًا في المناطق التي دخلوها فمثلاً الكثير من مرتزقة اليمن ظنوا بأن عدن ستصبح مثل دبي أو جدة فإذا بهم يكتشفون أنهم عبيد وخدم ومهانين ويزج بهم في السجون ويلقون هناك الضرب والاغتصاب، ويكتشفون أنه لا رخاء تحقق، ولا مال خليجي تدفق، بل مجارٍ طافحة، وطوابير مهانة، وسجون ممتلئة.
ولجبهات الحدود اهتمام كبير، ولم تبدأ إلا بعد أربعين يومًا، تم فيها الإعذار والإنذار، وقد شكلت للسعودية ضربة قاصمة أدت إلى انهيار كامل للجيش السعودي، وبعدها جاء بمرتزقة بالآلاف من أنحاء العالم منهم اليمني والسوري والسوداني وهؤلاء يموتون بلا كرامة وبلا قضية، وسيصل السعودي إلى مرحلة التوقف.
وأما حجم الرد فكان القائد دقيقا، فقد لخصه في كلمات..صواريخ الرياض وما بعد الرياض، وأبو ظبي..فهم يعرفون..نأمل أن يعوا الدرس!
وأما بناء القدرات العسكرية اليمنية فيتم بأيد يمنية وهم يشترون سلاحهم من المصانع الغربية، ولا يمتلكون الصيانة، ولا قطع الغيار، وفي كثير من الأحيان، لا يعرفون حتى الاستخدام، واليمني يصنع ويطور وينتج، ولديه العقول والخبرات الكبيرة والقادرة، والعقل اليمني جبَّار في ابتكاره وصبره وجلده.
وأما القوات البحرية، فهناك تفاصيل لا تزال أسرارًا عسكرية، وهناك أسلحة سيتم الحديث عنها في المرحلة المقبلة.
وفي قلب القائد فلسطين..ويأمل أن تتاح الفرصة لفعل ما يمكن فعله من واجب.
والعلاقة مع حزب الله تنطلق من خلال رؤية طبيعية كمسلمين إخوة، نتفاهم، نتعاون، نتآخى، تحت شعار "واعتصموا بحبل الله جميعا..." وتحت عنوان"إنما المؤمنون إخوة" وتحت تحذير"ولا تنازعوا فتفشلوا..."
واليمنيون يتطلعون إلى علاقات مع كل الأمة العربية والإسلامية والعالمية..والبعض حينما يسمع أن اليمنيين يعادون إسرائيل يجعلون هذا منطقًا إيرانيًا..نحن نناهض المشروع الأمريكي الإستعماري ونعادي إسرائيل وهذا عدو ويجب على الجميع معاداته.
ومن خلال هذه الرؤية تتشكل العلاقة مع حزب الله وإيران، ونسعى لعلاقة مع كل الأمة ومع كل دولة أو حركة أو جماعة تحت هذه القاعدة، ونعتبر أنفسنا أمة واحدة، وأي خطر من الجانب الأمريكي أو الإسرائيلي يعتبر خطرًا على الأمة كلها..
وعما يحدث في الوطن العربي كالجزائر وليبيا والسودان ألمح القائد إلى أن السعودية والإمارات وهما أدوات الأمريكي في المنطقة، ولهذا قال لهم ترامب (أنه لولا أمريكا لما بقيت السعودية اسبوعين)، ولكنهما أدوات ويؤديان دورهما بإتقان ولهذا
قامتا باحتواء الثورة السودانية، وحرصوا على ألا يغيب إلا شخص البشير، وما زالوا يستكملون سرقة ثورة السودانيين.
وكان حديث القائد مستفيضًا؛ عن دور القبيلة المشرف عبر التاريخ، وأنه اليوم امتداد للماضي العريق، وهي الحاضرة في الجبهات والساحات، والإمداد والقوافل، وذلك غير غريب على القبيلة اليمنية فهي منبع الوفاء والكرم والشموخ والإباء، والحمية والشجاعة في الصدي لهذا العدوان الغاشم.
وعند سؤال القائد عن ترحيبه بالشعب اليمني وشكره، وتحياته له قبل السلام في ذكرى المولد النبوي الشريف..
كان جواب القائد عظيمًا كعظمته، حين قال:
أحب هذا الشعب وأقدره، وهذا الشعب مضياف ومعطاء..وبرغم الظروف الإقتصادية الصعبة، فقد كان حضورهم إيماني ، وليس هناك في العالم كله شعب يتفاعل مع ذكرى المولد النبوي كما هو الشعب اليمني..برغم المرض وخطر القصف وصعوبة الحياة وأجواء الحرب.
وكثقة القائد بربه كذلك هي ثقة الجيش واللجان، ولخصها القائد في قوله..نطمئن إلى ما نراه في الشعب من صبر وتضحيات، ونطمئن للإرادة الفولاذية، وسنحظى برحمة الله وعنايته ونصره.
وفي كلمته للشعب حث القائد على أن رمضان فرصة عظيمة يجب أن نستغلها بالدعاء والالتجاء إلى الله بطلب النصر المبين، والاعتصام بكتاب الله، والاستمرار في بذل المال والنفس، والتفاعل مع هيئة الزكاة، لكي تتمكن من معالجة الحالات المحتاجة..
وأكد القائد بأن الشعوب المتضامنة مع الشعب اليمني ليست فقط ؛شعب الجمهورية الإسلامية الإيرانية وشعب لبنان وسوريا، وأن التعاطف كبير من تونس إلى الجزائر إلى غيرهما من الشعوب إلا أن تلك الشعوب لا تستطيع التعاطف حتى مع فلسطين خوفًا من القمع فكيف بالتعاطف مع اليمن..
ولكنه بشرنا ببشارة قائد لا تخيب..حين قال..ويومًا ما ستتحرر تلك الشعوب المسلمة.
وختم حديثه بالتحية لكل الجمهور المتابع للقاء...
أرجو أن أكون قد لخصت بعض أهم المحاور بالمعنى في كثير من السطور لا بالنص..
وختامًا..
نيابة عن ملايين المستمعين والمشاهدين في كل بقاع الأرض من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها؛ أتوجه بالتحية والإجلال والإكبار والعرفان إلى حامي العروبة والوطن، إلى كاسر قرن الشيطان، إلى من يواجه أمريكا وذيولها العُربان، إلى جبل الصبر، وقبلة الأحرار، وقائد الثوار السيد القائد عبد الملك الحوثي...
وإني أرى النصر في كل حرف من حروف لقائه، ومن لم يؤمن بما أؤمن فليكحل عينيه في مقاطع الانتصارات لجنود القائد؛ في جبهات العزة والكرامة من جيزان إلى الضالع.
ــــــــــــــــ
بقلم / مصباح الهمداني