وأن تؤمن بأن الوعد والوعيد يبدأ مِن هنا من الدنيا؛ أنت ستستطيع أن تفهم واقعك، تستطيع أن تعرف وضعيتك التي أنت فيها، هل أنت في وعد أو وعيد؟ هل أنت داخل مثوبة من الله، أو داخل عقوبة من الله؟
لو كنا نفهم أنَّ الوعد والوعيد يبدأ من هنا من الدنيا لما اختلطت الأوراق علينا، فأصبحنا نتعبّد الله بالبقاء على حالة الذلة التي نحن عليها، كيف هذا؟ أصبحت العقوبات هنا في الدنيا لا نُحس بها، العقوبات الإلهية، ألم يقل عن بني إسرائيل عندما ضرب عليهم الذلة والمسكنة بأنه {بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} أي هكذا سيعمل بالعصاة وسيعمل بالمعتدين؟ هذه الأشياء التي نؤكد على ضرورة اعتماد القرآن الكريم فيها بالذات: أن نفهم الوعد والوعيد الإلهي بمعناه الكامل، الذي يبدأ من هنا من الدنيا وينتهي في الآخرة.
وأن كل ذلك الوعد والوعيد الذي يبدأ من الدنيا وينتهي في الآخرة، عندما يحدثنا عنه بأنه لن يتخلف؛ كله ليدفعنا إلى الاستقامة على هديه، والثبات على ما أرشدنا إليه.
جهنم، أليست جهنم هي لدينا وقُدمت في القرآن الكريم هي العذاب الشديد؟ فعلاً – نعوذ بالله من جهنم – جهنم هي مستقر غضب الله سبحانه وتعالى وسخطه، جهنم جعلها الله عذاباً شديداً فوق ما يمكن أن يتصور الناس {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}.
الجنة هي النعيم العظيم، النعيم الذي وصفه الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) بعبارة موجزة: ((فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر)).
كيف نؤمن بهما؟ وما هو الأثر الذي يتركه الإيمان بهما؟ وكيف نؤمن باليوم الآخر بتفصيلاته تلك المهولة، بتلك الأهوال التي تأتي في ذلك اليوم؟ ما علاقته بمعرفة الله؟ الإيمان باليوم الآخر، الإيمان بالجنة، الإيمان بالنار، يجب أن يكون إيماناً بالشكل الذي يترك أثره في نفوسنا، إيماناً يشدنا إلى الله سبحانه وتعالى لأن الجنة بيده والنار بيده، وهو من يبعث عباده ويحشرهم ويحاسبهم، وهو من يصنع كل تلك الأهوال في ذلك اليوم.
أوليس من أسمائه الحسنى سبحانه وتعالى: الجبار؟ ألم يصف نفسه سبحانه وتعالى بأنه شديد العقاب؟ أن نؤمن بأنه جبار، جبار على من يتمردون عليه، على من لا يهتدون بهديه، على من يعاندون ما أنزله على أنبيائه من الهدى، من الآيات البينات؟ شديد العقاب لا أحد غيره يمكن أن تصل عقوبته إلى معشار معشار العقوبة من الله سبحانه وتعالى، هذا نفسه سيربطنا بالله سبحانه وتعالى بالجبار، بشديد العقاب، يربطنا به فنعرفه بهذا سبحانه وتعالى بأنه جبار، وشديد العقاب؛ فيدفعنا ذلك إلى أن نخشاه، إلى أن نخاف على أنفسنا من مخالفة ما هدانا إليه وأرشدنا إليه.
الإيمان السائد بالله سبحانه وتعالى هو إيمان: (الله غفور رحيم) أليس كذلك؟ {نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ} {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ} أليس يريد أن نؤمن بالأمرين معاً؟: أنه غفور رحيم، وأن عذابه هو العذاب الأليم، أنه غفور رحيم، وأنه شديد العقاب، أنه {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ}؟
أعمالنا في هذه الدنيا أليست تسير على شق واحد: هو شق: (الله غفور رحيم)؟ أليس هذا الذي يحصل؟ أيْ إيماننا ناقص بالنسبة لله سبحانه وتعالى؛ لأن الإيمان به ليس – فقط – إيماناً بمجرد وجوده. الإيمان به مرتبط بالإيمان برسوله، بكتبه، باليوم الآخر.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
سلسلة دروس معرفة الله
الدرس التاسع- وعده ووعيده
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 28/1/2002م
اليمن صعدة