الصلاة على محمد وعلى آل محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) جاءت الصلاة بلفظ الدعاء، أن ندعو نحن، نقول: [اللهم صل على محمد وعلى آل محمد] أن تأتي الصلاة على محمد وعلى آل محمد بلفظ أن ندعو نحن لهم بأن الله يصلي عليهم، هذه لها وحدها دلالة مهمة، هي تقررنا، وألسنتنا تنطق بأننا في واقعنا مسلِّمين بقضية محمد وآل محمد: أنهم هداة الأمة وقادتها، أنهم أعلام الدين، وورثة نبي الله، وورثة كتابه الذي جاء به من عند الله، فنحن مسلِّمون بهذه المسألة أساسًا، وإنما لأن هذه قضية مهمة، نحن ندعو لهم.
أعباء الرسالة، أعباء وراثة الكتاب، أعمال ومسؤولية هداية الأمة، مسؤولية كبيرة جدًا ليست سهلة، مسؤولية مهمة جدًا، ألسنا نجد أننا نعجز عن هداية أسرنا؟ قد تكون أسرتك ثمانية أو عشرة أشخاص فيتعبونك، أليس هذا هو ما يحصل؟ تتعب وأنت تريد أن تهدي أسرتك، وأن تجعلهم أسرة مستقيمة، وهم عشرة، أو اثنا عشر شخصًا، فما بالك بمن حمل رسالة إلى البشرية كلها، إنه حمل كبير كما قال الله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}(المزمل: 5).
من جعلهم الله ورثة للكتاب وجعلهم أعلامًا للدين، وأناط بهم مسؤولية هداية الأمة، إقامة الحق في الأمة، أيضًا مسؤولية كبيرة جدًا، مسؤولية كبيرة جدًا، تحتاج إلى أخلاق عالية، تحتاج إلى صدر فسيح، تحتاج إلى تحمل، تحتاج إلى صبر، إلى حلم، إلى كظم غيظ، إلى عفو، إلى أشياء كثيرة جدًا.
فنحن كأننا نقول: يا إلهي نحن نؤمن بأن محمدًا هو رسولك، ونؤمن بأن آل محمد هم ورثة كتابك، ونحن نعرف أيضًا أن مهمتهم كبيرة، فنحن نطلب منك أن تمنحهم من الرعاية والحظوة لديك والمكانة والمجد والرفعة ما منحته إبراهيم وآل إبراهيم.
عندما تتولى علياً فإن تولي علياً هو مفتاح لأبواب الهداية بالقرآن، وستجد نفسك لا تصطدم مع آية قرآنية، لكن الآخرين هم من يتقافزون على الآيات القرآنية! هذه، لا؛ لأنها تمس بمقام فلان! هذه الآية وإن كانت فيها لهجة قاسية يسمونها عتاباً رقيقاً، وعتابا لطيفاً؛ لأنها تمس بمقام فلان، ومقام فلان، أو مقام الصحابة الأجلاء! وهكذا.
ما أسوأ الإنسان عندما يعتقد باسم الإسلام عقيدة تجعله غير منسجم مع القرآن، تجعله مرتاباً في نفسه أمام القرآن، والقرآن هو الذي يقول الله عنه: {لاَ رَيْبَ فِيهِ}(البقرة2) فأي عقيدة تنسجم معه هي العقيدة التي لا ريب فيها.
من السوء أيضاً، من الباطل أيضاً، أن تجد نفسك في عقيدتك لا تنسجم مع صريح قول النبي (صلوات الله عليه وعلى آله). لماذا نحن نحتفل بيوم الغدير؛ لأن الحديث عن علي لا يصطدم مع أي عقيدة لنا أخرى، هل هناك شيء يصطدم معه؟. لكن الآخرين - كما كررت - لا، لماذا؟ أمامهم أبو بكر، وعمر! إذاً حَجُّوا على أبي بكر وعمر، وتاقوا عليهم، وانشغلوا بهم.
ونحن نقول - أيها الإخوة - : إنها نعمة عظيمة علينا، نعمة عظيمة علينا أن نكون نحن الشيعة من اختصينا، ومن اختصنا الله بهذه العقيدة الصحيحة، المنسجمة مع كتاب الله، ومع رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله)، أن نكون نحن من نحيي ذكرى هذا اليوم، من نحيي ذكرى الولاية، من ننصر الله - كما قلت سابقاً - إن الله يقول: {يَا أيُها الَّذِيْنَ آمَنُوْا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ}(الصف14).
إن من لا يعلنون ما أعلنه الرسول في هذا اليوم هم من يَصِمُون الله في حكمته، وفي عدله، وفي رحمته، هم من يضيفون النقص إلى الله.
كيف يجوز على الله سبحانه وتعالى، الذي سمى نفسه بالحكيم، العليم، العدل، الذي سمى نفسه بالرحمن الرحيم، أن يأتي لينظم شؤون كل أسرة، لينظم حتى المواريث، ثم لا ينظم شأن الأمة، ويترك الأمة دون أن ينظم أمرها!.
هل يجوز على الله؟ هذا لا يجوز على الله، لكن الآخرين جوزوه على الله، ولما جوزوا على الله أن يكون أهمل شأن الأمة رأينا عشرات الخلفاء، والرؤساء، والزعماء الذين هم بعيدون عن الإسلام يتقافزون على حكم المسلمين، وعلى أكتاف المسلمين جيلاً بعد جيل.
هل يجوز على الله أن يهمل أمر الأمة؛ ليفسح المجال لأولئك الذين لا يدينون بدينه، ولا يخشونه، ولا يخشون اليوم الآخر، هل يجوز على الله أن يترك شأن الأمة؟ لا يجوز.
فنحن عندما نجتمع في مثل هذا اليوم، نحن نقول: إن الإسلام دين ودولة، ومن الله جاء الإسلام هكذا: نظام شامل للحياة كلها، لا يمكن أن يغفل جانباً من جوانبها، ولا أن يفسح ولا قيد أنملة للضالين والمضلين، والظالمين، أن يتحكموا على رقاب الأمة.
إنه دين الله الحكيم، الذي نزله الحكيم، على رسوله الحكيم، دين عظيم، من إله عظيم، نزل على رسول عظيم؛ لينشأ أمة عظيمة، لا مجال فيها لهؤلاء الضعاف، لا مجال فيها لهؤلاء الأقزام، الذين وجدناهم أقزاماً أمام اليهود.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
معنى الصلاة على محمد وآله
ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ 8/ 2/ 2002
اليمن – صعدة