إذًا فأمام العقوبة هذه جعل ما يضمن فعلاً الحياة للناس، ولتعرف أن هذه العقوبة عادة على أساس أن الكثير فعلاً من النوعية هذه، هي نوعية مما يخشاها البشر، فيجب أن يكون هناك عقوبة؛ لتندفع وترتدع هذه النوعية من الناس، أما النوع الآخر وهم من؟ المتقين فهم لا يمثلون خطورة على الآخرين على الإطلاق؛ لأنه هنا قال: {مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} بمعنى: أن هذه النوعية من الناس، الناس الطيبين، الناس المتقين، لا يشكلون خطورة على البشر على الإطلاق. إذًا فأنت عندما تدافع عن تنفيذ عقوبة الإعدام، تعمل على إلغائها بشكل قانون، كما يعملون في هذا الزمن، فمعناه أنك تفسح المجال أمام من؟ أمام مجرمين، أنت تفسح المجال أمام مجرمين، ليس معنى ذلك أنك ستفك إشكالية أمام ناس صالحين وأبرار وطيبين.لا.
هناك جانب آخر الدية، وقضية تعود إلى نفسية أولياء المقتول، وأجواء القضية، وفعلا قد يكون كثير من القضايا مثلما هو معروف، بعض القضايا قد يرى الأولياء بأنها فعلا مناسب أن يعفوا نهائيا، بعضهم يعفو نهائيا، ولا حتى دية، وبعضهم قد يقبل دية، وبعضهم قد يقبل شيئا معينا مقابل تكاليف الحادثة.
هذا أول شيء: أن هناك حاجة ماسة إلى إقامة هذا الحكم الإلهي، وهو القصاص؛ لأن هناك فعلا نوعية من البشر على هذا النحو، أن يقال لبني إسرائيل أنفسهم: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ} سترى أن بني إسرائيل هم، أنفسهم، هم يحملون نفسية هذا الشخص الذي قتل أخاه دون مبرر، فكانوا يقتلون الأنبياء بغير حق، أليس هذا شيء واضح؟ بغير حق. إذًا فعندما تراهم أنت الآن يعملون حملات كثيرة من أجل إلغاء عقوبة الإعدام إنما من أجل أن يفسحوا لأنفسهم أن يجرموا ويرتكبوا الجريمة هذه، كما رأينا الأمريكيين حاولوا بشكل كبير على أن لا يحاكم جنودهم في محكمة الجزاء الدولية، فعلا لا يشملهم أحكام نهائيا؛ باعتبارهم وكأنهم أناس صالحون، وأناس أبرار، وإنما محررون ويضربون الطغاة. وأشياء من هذه! لا، إذا لم تكن هذه العقوبة قائمة فإنما يفسح المجال للمجرمين فعلا، ومنهم ـ فعلاً ـ من هذه النوعية؟ هم الكثير من بني إسرائيل، الكثير من بني إسرائيل، لأنك تجد فعلا برزت فيهم هذه القضية بشكل كامل، القتل بدون حق وقتل من؟ قتل مجرمين أو قتل من؟ قتل أنبياء !.
وفي نفس الوقت فساد في الأرض، ألم يحك عنهم هذه؟ {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً} (المائدة: من الآية64) هذه القضية معروفة عنهم والبشر الآن يصيحون من فسادهم، أليس رئيس الوزراء الماليزي في مؤتمر القمة الإسلامية تحدث عن فساد اليهود، وضج منهم، وحصل تأييد كثير؛ لأن الناس يعرفون هذه الآن في العالم تقريباً أصبحت القضية واضحة، خاصة من بعد الأحداث هذه الأخيرة، الأحداث التي يسمونها: أحداث أحد عشر سبتمبر .
{مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ} القضية قد تكون على هذا النحو {كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ} وهناك قدم عقوبة ارتكاب هذه الجريمة بالنسبة لبني إسرائيل بالذات تمثل رادعا لهم، أن يجعلها كبيرة جداً، جداً بهذا الشكل الذي {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً}؛ لأنهم بحاجة إلى أن تغلظ أمامهم هذه الجريمة؛ لأنهم أناس يقتلون بغير حق، يقتلون الأنبياء بغير حق، وسيقتلون من أصحابهم داخل كنائس، أو معابد بغير حق، من أجل مصلحة سياسية، من أجل يقوم عليها دعاية معينة لهم، تخدمهم سياسيا . إذاً فعلاً هذه النوعية هم بحاجة إلى أن تغلظ الجريمة أمامهم بشكل كبير جداً، جداً أكثر ربما من أي نوع آخر من الناس، أيّ فئة من الناس الآخرين.
{عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} ليدفعهم أيضاً إلى الحافظ على حياة الآخرين، وأرواح الآخرين، أن يقدم لهم هذا الفضل العظيم لماذا؟ ليبعدهم مهما أمكن، ومع هذا ترى بأنه لم يجدِ معهم. إذًا فعندما ينادون هم بإلغاء عقوبة الإعدام نقول: لا..هي ضرورية لكم أنتم بالذات؛ لأنكم أنتم الذين تشكلون خطورة على البشر، لا تعتبر انتهاك لحقوق الإنسان ..لا. وإنما تعتبر رادعاً وزاجراً لمن يتجه لسفك دماء بني الإنسان.
سبق في خطاب للمسلمين كتشريع مباشر لهذه الأمة: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 179) لأنه يبدو فعلا أن بني إسرائيل فضيعين جداً بالنسبة لنفسياتهم، جرأتهم فيما لو تمكنوا؛ ولهذا كما نقول أكثر من مرة، من خلال ما نفهم من كتاب الله، نلاحظ كم حصل من تخفيف في واقعهم: ذلة، ومسكنة، وغضب إلهي، وعداوة وبغضاء فيما بينهم، وتهويل للجريمة على هذا النحو عندما يقول: كتبنا عليهم على هذا النحو، ومع هذا لا يزال البشر يصيحون منهم الآن! كيف لو أنهم ما زالوا في أجواء طبيعية، لا يوجد لا ذلة ولا مسكنة ولا عداوة ولا بغضاء ولا، ولا.. كيف سيكونون؟ رهيبين، عندهم جرأة، عندهم استخفاف، ويبدو فعلا أنها قضية لديهم ترسخت بشكل ثقافة، النظرة إلى الآخرين من البشر إلى درجة أنه كما يعرف عنهم، ويقال عنهم، أنهم لا يعتبرون الباقي من الناس أناساً بما تعنيه الكلمة، إنما هم حيوانات أخرى، مخلوق آخر؛ ولهذا يحاولون وعن طريق أبحاث معينة يطلعون أن اصل هذا الإنسان قرد، أو شيء من هذا، يعتبرونه مخلوقاً ثانياً، خلق فقط لخدمتهم، وإنما خلق على شكلهم لينسجم معهم في خدمتهم!!
إذاً هم لا يقيمون لهذا الإنسان أيَّ وزن على الإطلاق، لا يقيمون له أيَّ وزن حتى منهم، لاحظ لجرأتهم حتى منهم، على مستوى أنبياء؛ لذلك عندما نسمع أحداثاً كهذه، مثلما حصل في [تركيا] لا تستبعد على الإطلاق، البعض من الناس استبعدوا بأنه كيف يمكن أن الأمريكيين يقتلون أصحابهم في حادث [نيويورك] أو يقتلون مثلما حصل في معبد اليهود في تركيا، هؤلاء أناس ما كأنهم يقرؤون القرآن، أليس الله يذكر عنهم في أكثر من آية أنهم يقتلون الأنبياء؟ وهم أنبياء منهم، بغير حق، فكيف لا يقتل من أجل مصلحة سياسية كبيرة، وهو يعتبر أنه سيترتب عليها مصالح مادية، وسياسية كبيرة جداً؟! سيدمر ولو مليون شخص، لا يبالي، منهم، ما بالك من الآخرين. إذًا فهل تتوقع لناس من هذا النوع أن يكونوا متجهين لتحرير الآخرين، أو للحفاظ على أمن الشعوب الأخرى، شعوب عربية إسلامية، شعوب أخرى؟ أبداً، فهم مخادعون، مضللون، كذابون، هكذا قدمهم الله في القرآن الكريم؛ ليكون الناس منهم على حذر.
{وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ} فمن هنا نفهم معنى أن يقول: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} لأن بني إسرائيل سيحصل منهم مثل ذلك، فنفسياتهم كنفسيات ذلك الذي قتل أخاه بدون حق هكذا..{فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ} .{وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} (المائدة من الآية: 32) وهذه من البينات الهامة جدًا أن يقال لهم: أن من قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً ، يبتعدون عن هذه الجريمة الكبيرة التي هم قريبون منها، وليوقعوا هذه العقوبة، عقوبة الإعدام عليه؛ لأنه ارتكب جريمة كبيرة جداً، فكأنه قتل الناس جميعاً، هل ما زال بالإمكان أن تقول أمام هذه: أن نحاول أن نلغي العقوبة هذه، من أجل الحفاظ على حياته، وهو في الواقع كأنه قتل الناس جميعا؟ .
عندما قال في الآية: {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ} يأتي أيضا {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (المائدة: 33) فلتعرف أن هذه الأحكام ضرورية جدًا للبشر، لحياة الناس، حياتهم هم، ولممتلكاتهم، وأعراضهم، فيأتي هذا الحكم الإلهي من القصاص؛ لأن هناك حاجة ماسة إلى هذا الحكم، والله هو الذي يعلم، وهو الذي له الحكم، وله الأمر في عباده كما قال سابقا: {إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا} (النساء من الآية: 135) هو أولى بعباده،
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم:
القاهاالسيد / حسين بدرالدين الحوثي / رضوان الله عليه .
الدرس الثاني والعشرون من دروس رمضان / ص - 3 - 4 .