منذ الاستهداف لمسيرتنا القرآنية بالحروب العسكرية، والعدوان العسكري، بدءًا بالحروب الست، وما تخللها، ثم العدوان الأمريكي السعودي، وصولاً إلى هذه المعركة الشاملة، التي يواجه فيها شعبنا اليمني المسلم العزيز أعداء هذه الأمة (الأمريكي، والإسرائيلي، والبريطاني) بشكلٍ مباشر، تجلَّى ويتجلى في كل مرحلة أهمية المشروع القرآني، والخيار القرآني؛ لأنه يبني الأمة في وعيها وبصيرتها، ورشدها، وحكمتها، وفي روحها المعنوية؛ لتكون بمستوى النهوض بمسؤوليتها، والشعور بمسؤوليتها، وأداء مسؤوليتها الإيمانية القرآنية الدينية، وخيارها الذي لا خيار سواه يمثل حلاً للأمة في مواجهة أعدائها، والتصدي للخطر الذي يستهدفها، يستهدفها في فلسطين، يستهدفها في لبنان، يستهدفها في كلِّ قطرٍ مسلم، في البلاد العربية وغيرها، فهذا شيءٌ تجلى، فالجبروت والعدوان الذي وُوجِهت به هذه المسيرة القرآنية، لم يكسر إرادة أمتها، وهذه الأمة التي وثقت بالله تعالى، وتحركت على أساس هديه وتعليماته، وبالبصيرة القرآنية، والوعي القرآني، والروح الإيمانية الجهادية، بقيت مستمرةً في مواجهة كل التحديات والصعوبات، إلى مستوى هذا الموقف المشرِّف العظيم، الذي يتحرك فيه شعبنا العزيز.
في المقابل، عندما نقارن واقع أمتنا الإسلامية بشكلٍ عام، أمة الملياري مسلم، ما الذي يكبِّلها؟! بعض الشعوب الإسلامية هي أكثر من مائتي مليون مسلم، بعضها أكثر من مائة مليون مسلم، شعوب مجاورة لفلسطين، شعوب كبرى، لديها إمكانيات ضخمة جداً، في البلدان العربية مجموع هذه الشعوب عددٌ كبيرٌ جداً، أكثر من (مائتين وخمسين مليون) عربي مسلم، ما الذي يكبِّل هذه الأمة أن تنطلق للموقف الصحيح لنصرة الشعب الفلسطيني، ضد عدوٍ هو عدوٌ لها جميعاً، وفيما يعنيها جميعاً، من مسؤوليات تجاه مقدَّساتها في فلسطين، تجاه الشعب الفلسطيني الذي هو جزءٌ منها، تجاه أرض فلسطين التي هي جزءٌ من هذا الوطن الكبير: وطن العرب، وطن الإسلام والمسلمين؟! ما الذي يكبِّل هذه الأمة؟! لأنها تفتقر وتفتقد إلى البصيرة، هي بحاجة إلى البصيرة، هي مفتقرةٌ جداً إلى البصيرة القرآنية، إلى الوعي القرآني، إلى النور، إلى الهدى، وإلى الروح المعنوية، والشعور بالمسؤولية، لتتحرك وفق رؤية عملية صحيحة، وإلَّا ليس الذي يكبِّلها نقصٌ في عددها، ولا نقصٌ في إمكاناتها، على العكس: إمكاناتها هائلة جداً، الإمكانات الضخمة لهذه الأمة إذا جُمِعت، فما يمتلكه العدو الإسرائيلي وما بحوزته لا يساوي شيئاً، إضافةً إلى أنَّ هذه الأمة لو تحركت على أساس صحيح؛ تحظى برعاية الله، بمعونة الله، بتأييد رب العالمين، القوي العزيز، ملك السماوات والأرض.
هذه الأمة الكبيرة في عددها، في جغرافيتها، في إمكاناتها، عندما نشاهد ما هي عليه من العجز، من الضعف، من الوهن، أمام هذا الاختبار الكبير تجاه ما يجري في فلسطين؛ ندرك أهمية الاستنهاض في أوساط الشعوب، قيمة التحرك لنشر الوعي والبصيرة، لتعزيز الروح المعنوية الإيمانية الجهادية، التي يمكن أن تحيي هذه الأمة، وأن تنهض بهذه الأمة، حتى تكون أمة فعَّالة؛ لأن الخطر ليس فقط على الشعب الفلسطيني لوحده، الخطر يستهدف هذه الأمة بشكلٍ عام، ووضعيتها جزءٌ من المشكلة نفسها؛ لأنها تطمع أعداءها فيها، وهم أعداء حاقدون، طامعون، وطمعهم رهيبٌ جداً، وجشعهم كبيرٌ جداً، وعندما يروا مثل هذه الوضعية المتاحة في واقع أمتنا، يعتبرون أنَّه من الغباء، ومن السذاجة، ومن الحمق ألَّا يستغلوا هذه الحالة، وألَّا يتوجَّهوا للاستفادة من هذه الفرصة، تجاه أمة يطمعون في ما تملك وفيما هي عليه، وفي نفس الوقت يحقدون عليها أشد الحقد، يعتبرونها فرصة لتصفية الحسابات معها، ولإبعادها عن كل عناصر القوى التي يمكن أن تحييها من جديد.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي
حـــول آخـــر التطـــورات والمستجـــدات الأسبوعيـــة
الخميس 12 جمادى الأولى 1446هـ 14 نوفمبر 2024م