يقول الله -جلَّ شأنه- أيضاً: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، ليرشد وليدل على ضرورة الاعتصام بالله، بما يفيده من التجاء إلى الله -سبحانه وتعالى- من موقع الوعي والإدراك لمستوى هذا الخطر الكبير الذي يتهددنا، وهذا الالتجاء هو التجاءٌ عملي، التجاءٌ إلى الله -سبحانه وتعالى- بالسير على أساس هديه، على أساس تعليماته، ففي هذه المعركة لا بدَّ من الارتباط بالله -سبحانه وتعالى-، لا بدَّ من العودة إلى الله، لا بدَّ من الثقة بالله، لا بدَّ من التوكل على الله، لا بدَّ من الاعتماد على الله، ولا بدَّ من أن يكون هذا الالتجاء ليس التجاء الذين ينكفئون على الدعاء فحسب، ويقولون: [سندعو الله أن يقضي على إسرائيل]، هؤلاء الذين يتجهون اتجاه بني إسرائيل الذين قالوا لموسى -عليه السلام-: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}[المائدة: من الآية24]، إحالة هذه المعركة إلى الله، الله هو الغني، هو القاهر العزيز، هو -جلَّ شأنه- من يقدر على أن يسلبهم حياتهم في لحظةٍ واحدة، هم تحت سيطرته وقهره وسلطانه، لكنه لا بدَّ من الالتجاء العملي الحركي، الذي تتحرك فيه الأمة في كل المسارات التي يرشد القرآن الكريم إلى التحرك فيها، ولهذا قال الله -جلَّ شأنه-: {فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}؛ لأن هذا الالتجاء مبنيٌ على أساس التحرك، ولهذا تأتي الهداية، التحرك العملي، {فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
يرشد بعد ذلك إلى أهمية التقوى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}[آل عمران: من الآية102]، وفي هذا السياق حصراً، وفي هذا الموضع تحديداً من القرآن الكريم يأتي الأمر بالتقوى بأعلى درجات التقوى؛ ليحذر بأشد عبارات التحذير من التقصير والتفريط في هذه المسؤولية؛ لأنه عندما يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}، ولم يأت الأمر في القرآن الكريم بالتقوى بهذه الصيغة إلا في هذا الموضع، ليبين هنا أن الأمة في أحوج ما تحتاجه إلى أن تكون على أعلى درجة من التقوى، ومن الحذر من التفريط في هذه المسؤولية، والتفريط في مواجهة هذا الخطر الذي يهددها في دينها، في مبادئها، في أخلاقها، في قيمها، وبالتالي في حياتها وفي دنياها، يحتاج إلى التحلي بأعلى درجات المسؤولية والانتباه والاهتمام، {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران: من الآية102]، هذا خطر يهددكم في مبادئكم، في إيمانكم، قضية خطيرة للغاية، يبين لنا مستوى الخطورة الرهيبة جدًّا.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
يوم القدس العالمي 1441هـ 21-05-2020م.