كلكم عرف موقف السيد العلامة الحجة بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه)، وكذلك موقف الشهيد القائد (رضوان الله عليه)، من حرب صيف،94 ورفضهم لها ولكل ما جرى في تلك الفترة ومعارضتهم الكبيرة لكل المواقف السياسية والإعلامية والفتاوى التي صدرت متبنية لقرار شن الحرب على الجنوب، لم يكن موقفهم وكل محبيهم صامتًا بل كان موقفًا صريحًا وعلنيًا في معارضة الحرب على الجنوب صيف94 ورفضها بشكل علم به القاصي والداني.
وكلكم عرف موقف السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي (يحفظه الله) قائد الثورة الحكيم من الجنوب وأهله ومظلوميته في زمن الثورة وبعد النصر المبين في 21 سبتمبر، وتنازل مكون أنصار الله عن بعض الوزارات التي كانت من نصيبه لأخوتنا في الجنوب وكل خطابته معروفة مشهورة ومعلومة وسمعها العالم وكان كل خطاب للسيد لا يُغفل الجنوب وأهلنا في الجنوب.
وعندما تحرك الجيش واللجان الشعبية إلى الجنوب لتأمينه من الفوضى والانفلات الأمني والتقطعات والاختطافات والاغتيالات والتفجيرات وكل ما كان معروفًا في ذلك الوقت، وبعد أن وصلوا عرفتم أن أنصار الله وحسن تعاملهم، وأنتم اليوم أكثر معرفة من خلال المقارنة بين فترة وجود الجيش واللجان الشعبية ووجود الاحتلال منذ خروج الجيش واللجان الشعبية وحتى اليوم تدركون تماما الفارق الكبير بينهم في أخلاقهم وتعاملهم وبين الاحتلال وممارساته هو ومرتزقته وأدواته، وكيف تخلت تلك القيادات الدُمية المربوطة بدول التحالف عن الناس وما يتعرضون له من انتهاكات وسفك للدماء وهتك للأعراض، وأصبح واقع المناطق المحتلة واقعًا موحشًا مؤلمًا.
وأعتقد أن ما جرى في تلك المناطق على مدى السنين الماضية كافٍ لأخذ الدروس والعبر وكافٍ في جعل أبناء الجنوب يستوعبون حجم الخداع الذي مارسه التحالف معهم طيلة الفترة الماضية، والاستغلال الرخيص الذي قام به للإيقاع بأبناء الجنوب ليحارب بهم ويُخلي الجنوب منهم، ليتمكن هو من احتلاله، واستضعاف أهله، وجرهم بعيدًا عن مناطقهم ليزج بهم في مختلف الجبهات التي تحولوا فيها إلى ضحايا بدون قضية ولا هدف ولا مشروع، بل حملوا إثم دعم التحالف والقتال بالوكالة نيابة عنه، وحملوا عار الفضاعات التي ارتكبها الجنجويد والإماراتيون وأدواتهم ومرتزقتهم من أعمال اغتصاب للرجال والنساء والأطفال، وما يمارسه في السجون التي شيدها لسحق كرامة الجنوبيين. والله يعلم أن تلك الممارسات تحز في نفوس كل الأحرار والشرفاء بعيدًا عن لغة العصبية من أي نوع كانت، فلا يوجد غيور صادق يقبل بتلك الأفعال حتى بعدوه فكيف ونحن أهل بلد واحد هو اليمن!! لا فرق بين من هم في شماله، أو جنوبه، ولا في شرقه، أو غربه.. كلهم واحد..
وكذلك أعتقد أن ما حصل كاف ليعقل الذين في قلوبهم مرض، وأصحاب المصالح الذين يخافون من الهزائم التي يتعرض لها المحتل ومرتزقته وأدواته، ويخافون من تواجد الجيش واللجان الشعبية باعتبار أن ذلك سيحقق الأمن ويجلب الطمأنينة لكل أخوتنا وأهلنا في الجنوب، ويخلصهم من غطرسة المحتل ومن ممارساته المنحطة والقذرة التي يقوم بها هو ومرتزقته وأدواته على مدى السنين التي مضت؛ وكافٍ في إدراك ما يقوم به الأبواق على وسائل الإعلام وحشرات وسائل التواصل الاجتماعي الذين يعملون على قلب الأمور، وتحريف الحقائق، وتسويق الادعاءات الباطلة ضد الجيش واللجان الشعبية والقيادة الحكيمة والصادقة المحبة لليمن واليمنيين، وأن الضجيج الذي يفتعلونه ليس حبًا للناس، ولا حرصًا على الناس، ولا خوفًا عليهم من عدو أكدت الأحداث وممارساته على عدوانيته وإجرامه وانحطاط أخلاقه.
لأنهم يقفون مع هذا العدو ويخافون من اندحاره أيضا لا حبا فيه، بل خوفًا على فقدان مصالحهم وافتضاحهم. والناس قد عرفوا على مدى تلك السنين أن القيادة الثورية والسياسية والعسكرية والجيش واللجان الشعبية هم الذين أكدت الأحداث والواقع على أنهم أصحاب المبادئ والقيم والأخلاق في شعورهم بالمسؤولية تجاه الناس في مناطقهم، وحتى تجاه الناس في المناطق التي يتواجد فيها المحتل ومرتزقته وأدواته، أو الناس في السعودية والإمارات حيث وصلت صواريخهم وطائراتهم إليها، لكنها لم تستهدف هدفًا واحدًا غير مشروع، حتى ولو عن طريق الخطأ، بل وحتى في تعاملهم مع أسرى وجرحى المرتزقة، وكذلك حرصهم على الناس في قرار العفو وفتح المجال للمغرر بهم والمخدوعين ليعودوا إلى حضن وطنهم.
لقد كان تعاملهم ذلك التعامل الذي لم يكن فيه أي اندفاع وراء مشاعر الغضب المنفلتة ولا انسياق خلف مشاعر الانتقام غير المسؤولة، ولا انزلاق إلى مثل ذلك الحضيض الذي عليه دول العدوان وأدواتهم ومرتزقتهم في أفعالهم وجرائمهم المنسلخة عن الدين والقيم والأخلاق والأعراف والإنسانية.
إذن لم يعد لذلك الضجيج والنقيق والنهيق المتصاعد من أولئك الذين يقتاتون على فتات موائد الشياطين وعلى حساب دماء وأشلاء وأعراض وكرامات اليمنيين، لم يعد لضجيجهم أي قيمة، فقد باتوا مكشوفين، ولن يكون في بركة وحلهم إلا من كانوا على شاكلتهم وفي دنائتهم. أما من لا يزال في قلبه ذرة من غيرة، وأنفة، ونخوة، وإحساس بالكرامة، فلا يمكن أن يقبل على نفسه مواصلة السير في ذلك الطابور الساقط في منحدر الهوان والذل والخسران، لا يمكن أن يرضى لنفسه ولا لأهل بلده أن يظلوا عرضة للقهر وسحق الكرامة والاستعباد، ولا أن يكون غبيًا أحمق أمام دجل تلك الوسائل المكشوفة، ولا أعمى البصر والبصيرة، وقد رأى كل ذلك الزيف المفضوح الذي عرته حقائق وشواهد الواقع والأحداث والممارسات، لا يمكن أن يقبل البقاء مُستحمَرًا لآلات الحرب الناعمة.
ومن هنا فإن المسؤولية الكبيرة أمام الله والناس والأجيال يتحملها أبناء الجنوب الشرفاء في القيام بواجبهم الديني، والوطني، والإنساني، والأخلاقي في العمل جنبًا إلى جنب مع كل الأحرار والشرفاء للتخلص من الاحتلال الحقيقي والغازي الحقيقي والعميل الخسيس والمرتزق الحقير الذي لا يفكر بوطنه، ولا يشعر بمعاناة الناس، ولا يحس بلهيب آلام تلك الكرامات التي داسها أولئك الساقطون. الغزاة والمحتلون ومرتزقتهم باتوا عرضة لغضب الله وسخطه، وأهلا لحلول نقمته واستحقاق خذلانه وعذابه، وهو ما يجعل لكل المظلومين عونًا من الله على كل الطغاة الظالمين، وتحرُّك الجميع سيسرّع عجلة زوالهم وسقوطهم واقتلاعهم من كامل جغرافيا وطننا الحبيب.
ــــــــــــــــ
بقلم / محمد القعمي