اليوم نحن معنيون بأن نحمل الوعي تجاه المسار التخريبي والسلبي لحركة النفاق في الأمة، ولحركة كل الذين في قلوبهم مرض من أبناء الأمة، الذين يتحركون في نشاطهم، في مساعيهم، في مؤامراتهم، في أجندتهم، وفق ما يحقق خدمة حقيقية وواضحة لإسرائيل وأمريكا، وباتوا اليوم مكشوفين أكثر، وواضحين أكثر، وبينين أكثر.
النفاق في القرآن هو هذا الولاء، هو هذا الارتباط بأعداء الأمة، وتقديم هذه الخدمات لهم، والعداء للأمة، في مقابل اتخاذ أولئك أصدقاء، أليست اليوم أمريكا صديقة لهم بشكلٍ صريحٍ وواضح؟! وأكثر من صديقة، هي سيدتهم، هي قائدتهم، أليست إسرائيل صديقة وحليفة لهم وبشكلٍ واضح، أليسوا يتجهون بكل عدائية إلى أبناء الأمة، وإلى اتجاهات واضحة من أبناء الأمة وبشكل صريح وواضح، أمريكا وإسرائيل أصدقاء لهم، واتجاهات أخرى من أبناء الأمة عدوة لهم، يعادونها ويستهدفونها بكل ما يستطيعونه، وكجبهة مرتبطة بأمريكا وإسرائيل، الموقف موحد، والاتجاه واحد، والمسار واحد، فالسعودي هو في نفس المسار الأمريكي، وضمن الموقف الأمريكي، المصطلحات واحدة، العناوين واحدة، والموقف والاتجاه واحد، النظام الإماراتي تجد نفس الاتجاه: من تعتبره أمريكا عدوًا، من تسعى أمريكا إلى محاربته، من تطلق تجاهه عناوين وتبريرات، يتخذون نفس الموقف، ويطلقون نفس العناوين، ونفس التبريرات، يتحركون في نفس الاتجاه، بكل ما في ذلك: العناوين، الأسماء، الأساليب… وهكذا، حركة واحدة، اتجاه واحد، موقف واحد.
هذا ما يجب أن نعيه جيدًا؛ حتى لا ينخدع البعض من الناس بالعناوين الثانوية والهامشية والتبريرية، فإذا أتى العنوان المذهبي، وإذا أتى النظام السعودي ليحرك البعض في استهداف حركات المقاومة، أو في استهداف شعوب هذه الأمة، هذا الشعب، أو هذا الشعب من أبناء الأمة، تحت عنوان طائفي ومذهبي، ليقول: [رافضة، وكفَّار، ومجوس]، لنفهم أن المسألة ليست كذلك، المسألة أن الهدف الرئيسي إخضاع هذا الشعب لأمريكا وعملاء أمريكا، وتفتيت هذا البلد لصالح استحواذ إسرائيل وسيطرة إسرائيل، لنفهم الأمور بحقائقها، إذا أتى ليرفع عنوان القومية العربية، والعروبة، ومحاربة الفرس، ومحاربة مدري ما هو ذاك، والكلام حول هذه العناوين، لنعرف أن المسألة ليست كذلك أبدًا، المسألة معاداة من تعاديه أمريكا، فإيران كبلد إسلامي، والشعب الإيراني كشعب مسلم يُعَادَى لماذا، ويُستهدَف لماذا؟ لأنه لم يخضع لأمريكا، ولم يخضع لإسرائيل، ولأنه يتبنى قضايا الأمة الكبرى، ويقف إلى جانب الشعب الفلسطيني والمقاومة اللبنانية، هذه هي المشكلة الحقيقية، وليس في إسلامنا أن نعادي قومًا معينين لعرقهم، أو لاختلاف لغتهم، هذا ليس من الإسلام في شيء، هذا هو من العناوين الجاهلية غير المقبولة، وأما أن يأتي أحد ليكفِّر شعبًا مسلمًا بكله، فهذه إساءة، وهذه جناية لخدمة أمريكا.
أصل القضية وحقيقتها هو: أن الشعب الإيراني يُعَادَى لهذين السببين: كشعب حر لم يخضع للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، ويساند الشعب الفلسطيني، وحركات المقاومة في فلسطين، وحركات المقاومة في لبنان، وحزب الله اللبناني، هذه هي المسألة بحقيقتها.
الشعب اليمني يُستَهدف لماذا؟ لتوجهه الحر، المناهض للهيمنة الأمريكية، المعادي لإسرائيل، هذا التوجه التحرري هو أصل مشكلتنا مع الآخرين، الذين أرادوا أن يستحوذوا علينا مع بقية شعوب المنطقة، وكما قلنا: ضمن مساعي قوى الطاغوت والاستكبار التي تريد السيطرة علينا في كل ما يمثِّله ذلك من تهديد لهويتنا، لحريتنا، لكرامتنا، لاستقلالنا، لمبادئنا؛ لأن ذلك يمثِّل حالة من الاستعباد لصالح الطاغوت، وهذا أمر يتناقض كليًا مع انتمائنا الديني والإسلامي {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا}[البقرة: من الآية256].
ولذلك تمثِّل اليوم قضية فلسطين والمسجد الأقصى والمقدسات تمثِّل عنوانًا لهذا الصراع، تمثِّل عنوانًا لهذه القضية، التي هي قضية الأمة بكلها، المسألة أن هناك سعيًا حقيقيًا لاستعباد الجميع، والسيطرة على الكل، والاستحواذ على كل شيء، وطمس هذه الهوية: هويتك الحقيقية كمسلم، يبقى إسلامك شكلًا لا مضمون له، إسلامًا لا يحررك، إسلامًا لم يعبِّدك لله، إسلامًا عبَّدك للطاغوت على نحو ما عليه النظام السعودي، إسلامًا يخضعك لترامب، لأمريكا، لإسرائيل، إسلامًا يحوِّلك إلى أداة في يد أمريكا وفي يد إسرائيل، لدرجة أن تضحي بروحك في خدمتهم وتسمي ذلك جهادًا، وتعتبر ذلك استشهادًا، في اللحظة التي أنت تضحي بحياتك، حالة من التضليل، من التلبيس، من الخداع، تتحرك فيها قوى الطاغوت، ومعها من داخل الأمة حركة النفاق في داخل الأمة، إنهم منافقون وفي قلوبهم مرض، هذا ما يقوله القرآن الذي نحن نؤمن به ونصدقه، هذا توصيفه، وهذه تسميته.
ولذلك هم يستحقون بجدارة وعيد الله للمنافقين في القرآن {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً} [النساء: الآية145]، هم يستحقون، مستوى الدور التخريبي في الأمة هو ما نراه اليوم، هي هذه المأساة التي نعيشها كشعبٍ يمني، هذه المأساة الكبيرة جدًّا: الآلاف، بل عشرات الآلاف من الشهداء، والجرحى، والمعاقين، هي هذه النكبة التي تعشيها الأمة في مختلف أقطارها، هي نتاج ذلك الدور التخريبي لقوى النفاق.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
يوم القدس العالمي 1439هـ.