ولكن الحالة التي اتجه إليها البعض، هي اتجاه مختلف، اتجهوا إلى جانب الأمريكي والإسرائيلي في حرب بأشكال كثيرة، المؤامرة التكفيرية التي استهدفت حزب الله، واستهدفت سوريا، واستهدفت الشعب العراقي، هي جزءٌ من هذه المعركة، في خدمة أمريكا وإسرائيل.
ومع ذلك على المستوى الإعلامي، سلبية بشكلٍ واضح، وحرف لبوصلة العداء، وتقديم صورة مختلفة عن العدو الصهيوني، وكأنه هو الصديق الذي يجب على كل شعوب الأمة أن تواليه، وكأن من يقفون في وجهه يدافعون عن أنفسهم، وعن الأمة من خلفهم، كأنهم العدو، وكأنهم المشكلة، وكأنهم من يجب أن تتجه نحوه بوصلة العداء.
وتجلت الأمور أكثر فأكثر في كل هذه المراحل إلى درجة عجيبة، حتى في المرحلة الأخيرة، في عملية سيف القدس، كان الإعلام السعودي والإعلام الإماراتي يتحدث عن المقاومة الفلسطينية وكأنها عدو، وكأنها هي على الباطل، وكأنها ليست صاحب قضية، وكأنها إنما فقط تنفذ أجندة إيرانية، مع كل الوضوح في مظلومية الشعب الفلسطيني، مع كل الوضوح في أنه صاحب قضية واضحة جداً، مع كل الوضوح- فيما قبل عملية سيف القدس- فيما يفعله الإسرائيلي من انتهاكات واستهداف للمسجد الأقصى الشريف، الذي هو مقدس من مقدسات الأمة بكلها، تجد الحديث في الإعلام السعودي وقح إلى درجة عجيبة، في الإعلام الإماراتي أوقح، وهو يتحدث عن حماس، عن حركة الجهاد الإسلامي، عن المقاومة الفلسطينية، بعبارات تسيء إليها، ويسخر من صواريخها، ويستهزئ من صمودها، من موقفها، وحتى من انتصارها، ويحاول أن يقلل من هذا الانتصار، ومن أهمية هذا الانتصار، وكأن تلك المحطات محطات إسرائيلية، وكأن أولئك الإعلاميين إعلاميون إسرائيليون، يتحدثون بنفس المنطق الإسرائيلي.
ولعلم الجميع فإن الحديث الدائم عن أن العدو هو الجمهورية الإسلامية في إيران، وحزب الله، ثم إلحاقاً بذلك المقاومة الفلسطينية، ثم إلحاقاً بذلك المسيرة القرآنية في اليمن، هو حديثٌ إسرائيلي، هو منطقٌ إسرائيلي، قبل أن يتحدث به أولئك، كمثل ما يفعله الببغاء، في قنواتهم، في وسائل إعلامهم، الإسرائيلي كان يتحدث هكذا، الأمريكي كان يتحدث هكذا: الخطر هو إيران، الخطر هو حزب الله، الخطر هو المقاومة الفلسطينية، ثم أضيف إلى ذلك أحرار العراق، ثم أضيف إلى ذلك أيضاً سوريا، أضيفت إلى ذلك فيما بعد الشعب اليمني، وهذه المسيرة القرآنية في اليمن.
العداء لهذه الشعوب الحرة، والمتحركة، والناهضة، والتي هي في صدارة الأمة في موقفها، وإن كان وجدان الشعب العربي في كل أقطاره معها، الوجدان العام، الشعور العام، التعاطف العام، إلا أن التوجه الرسمي المعادي، الذي هو شاذٌ عمَّا ينبغي أن يكون عليه موقف الأمة جمعاء، التوجه المعادي يتميز ويتبين أكثر فأكثر، ونحن اليوم أمام واقعٍ واضح، أمام فرزٍ عجيب، في إطار سنة الله "سبحانه وتعالى"، الذي هو "جلَّ شأنه" في سنته مع عباده يميز الخبيث من الطيب، {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}[آل عمران: من الآية179].
تبين في كل هذه المراحل جدوائية وقيمة وفاعلية هذا التحرك، الذي هو مبنيٌ على توجهٌ صحيح ضد الخطر الأمريكي والإسرائيلي، وأنه توجهٌ ناجح، وإيجابي، وجاد، ومثمر، ومع أنه يعاني من ظروف كبيرة، من محاصرة، من حروب، من استهداف بكل أشكال الاستهداف، إلا أن فاعليته، وثباته، وجدوائيته، ونجاحاته، واضحة لا لُبس فيها، وبالتالي لا مبرر لكل الذين اتجهوا نحو العمالة، نحو الولاء للعدو الإسرائيلي، نحو التنفيذ للمخططات والمؤامرات الأمريكية التي تستهدف الأمة، ولا مبرر- في نفس الوقت- للجامدين لليائسين، للمهزومين نفسياً، للذين جمدوا وخنعوا ويأسوا، لا مبرر لهم، هذه النجاحات واضحة، وآخرها النجاح الكبير للمقاومة الفلسطينية في عملية سيف القدس، نجاحات واضحة، والحجة قائمة على الجميع من أبناء أمتنا؛ لأن هناك مسؤولية دينية ما بيننا وبين الله "سبحانه وتعالى" في أن نتحرك بجدية.
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة في وجه المستكبرين 1442هـ