هنا يتضح أن كل العناوين والتبريرات الزائفة التي يعلنها هذا النظام الظالم الغشوم، هي زائفة، زائفة ولا أساس لها أبداً، المسألة ليست محاربةً للنفوذ الإيراني؛ لأن الذي يحدث في المنطقة ليست مشكلته النفوذ الإيراني، أو بسبب نفوذٍ إيراني، الخطر في المنطقة بكلها، الشر في المنطقة بكلها هو إسرائيل، ومن ثم كل ما هو امتداد للخطر الإسرائيلي، الخطر التكفيري؛ لأنه امتداد للخطر الإسرائيلي، ولمصلحة إسرائيل، ويساعد على تعاظم هذا الخطر.
ولذلك عندما نتأمل ما يحصل في مِصر، هل هناك نفوذ إيراني في مصر؟ |لا| الحكومة المصرية، السيسي نفسه هل هو من أدوات إيران، أو له علاقة بإيران؟ لا. ما يحصل في تونس شاهدٌ واضح ودليلٌ كافٍ، ما يحصل في ليبيا أيضاً، كلما يثار عن محاربة النفوذ الإيراني إنما هو ضجيجٌ بهدف التشويش على هذه الحقائق، المسألة هي فرضٌ للنفوذ الإسرائيلي، وللهيمنة الأمريكية في المنطقة، وتحت هذا الشعار، وتحت هذا العنوان، وإلا فمن المؤكد أن ايران لو غيّرت سياستها، وصادقت إسرائيل، وصادقت أمريكا، وتحالفت مع إسرائيل، لكان الوضع مختلفاً معها تماماً كما كان أيام الشاه، أيام كانت سياستها مختلفةً عن ما بعد الثورة الإسلامية في إيران، ومن المعلوم أساساً أن تبنّي العداء لإسرائيل، وتنامي الوعي في الشعوب العربية تجاه الخطر الإسرائيلي، لا يعبّر بأي حالٍ من الأحوال عن النفوذ الإيراني، هذه مسألة إنسانية، مبدئية، أخلاقية، قيمية، دينية، بكل الاعتبارات والمقاييس يفترض أن نتحرك فيها، وكعرب بالأصالة، وإيران تتبنى سياسةً حميدةً صحيحةً سليمةً، مبدئية في دعمها للقضية الفلسطينية، في وقوفها مع المقاومة في فلسطين وفي لبنان، في تبنيها النهج العدائي لإسرائيل، هذا موقف صحيح، موقف مبدئي، موقف سليم، يفترض على كل الأحرار في العالم أن يتبنوه بالأصالة، وليس عبارة عن تقليد لإيران.
فعندما يتنامى الوعي، ويُحِسُ أي شعب من الشعوب العربية بالمسئولية تجاه هذه القضية كقضية تعنينا جميعاً، وتعنينا بكل الاعتبارات: من باب المسئولية الدينية، والمسئولية الوطنية، والمسئولية الإنسانية، من باب الأخلاق والقيم، فإنما هو بالأصالة، ليس عبارةً عن امتدادٍ لنفوذ من هنا أو هناك، هذا مجرد تضليل، النظام السعودي يحاول أن يضلل شعوب المنطقة، فمن يتبنى العداء لإسرائيل يقولون عنه: [إذاً أنت إيراني]، من يتبنى التحرك الداعم للمقاومة الفلسطينية واللبنانية في مواجهة إسرائيل يقولون عنه: [إذاً أنت إيراني]، في محاولةٍ لإخراس الجميع، ومحاولة لأن يصنعوا قوالب جديدة للقضايا الاستراتيجية في المنطقة؛ فيصبح التطبيع مع إسرائيل والعمالة لإسرائيل عروبةً وحفاظاً على الأمن القومي العربي، والمناهضة لإسرائيل والهيمنة الإسرائيلية، والتضامن مع الشعب ا لفلسطيني، والإحساس بالمسئولية تجاه الأقصى والمقدسات في فلسطين؛ تصبح أنها مسألة إيرانية، وأن من يتبنى هكذا توجهاً يجب أن يتجه الجميع لاستهدافه؛ لأنه خرج عن العروبة. هل العروبة عبارة عن عمالة، عن دناءة، عن انحطاط، عن استسلام عن خضوع لإسرائيل، عن تماهي مع الأنظمة العميلة لإسرائيل؟!
هذا التشويش لن يفيدكم شيئاً، لن يفيدكم شيئاً؛ لأن عمالتكم مع إسرائيل مكشوفة، أصبحتم حقيقةً- نقول للنظام السعودي وللأدوات التكفيرية- أصبحتم صهاينة الهوى، وإسرائيليُ الولاء، هذا حالكم، هذا شأنكم، أصبحتم تدفعون في محاولة لأن يكون هناك عناوين أخرى للصراعات واستنزاف للأمة فيها، بدلاً عن حيث يجب أن تتجه بوصلة العداء من الجميع لإسرائيل، ولإسرائيل بالدرجة الأولى.
واستطاع- فعلاً- استطاع الكيان الإسرائيلي أن يؤثر في دفع النظام السعودي ليتبنى هذا المشروع، ويكون على رأسه، ثم يتجه في دفع بقية الأنظمة، وفي تحريك الأدوات التكفيرية في هذا الاتجاه، لاستهداف الشعوب، لإبعادها عن إسرائيل تماماً، لتحويل مسالة العداء لإسرائيل، والموقف من إسرائيل، والموقف المسئول تجاه القضية الفلسطينية والمقدسات في فلسطين وأرض فلسطين وشعب فلسطين مسألة إيرانية، مع أنه كان يفترض أن تكون عربيةً في المقام الأول، وإسلاميةً بالتأكيد، ثم إنسانية على مستوى أحرار العالم أجمع، نجحوا إلى حدٍ كبير في ذلك، وتمكن الكيان الإسرائيلي من تطويع النظام السعودي ليؤدي هذا الدور كدورٍ أساسي، أصبح النظام السعودي يعتبر هذا الدور دوراً أساسياً بالنسبة له، مشروعاً أساسياً يسخر فيه كل إمكاناته وكل قدراته، ويتحرك فيه بكل ما يقدر ويتمكن.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
بمناسبة يوم القدس العالمي: 1436هـ.