وفعلاً كانوا أذكياء، الأمريكيون والإسرائيليون هم أذكياء عندما استخدموا هذا الأسلوب: أسلوب الاختراق للأمة، وتوظيف صراعاتها ومشاكلها، والتحرك تحت عناوين مخادعة، وأساليب مخادعة، والتوظيف لأدوات، والتفعيل لقوى وكيانات تشتغل وتعمل لمصلحتها، هذا وفَّر للأمريكيين الكثير، أولاً- وفَّر لهم العنصر البشري، بدلاً من أن يقتل الآلاف من الجنود الأمريكيين، وهذا ما لا تتحمله أمريكا ولا تتحمله إسرائيل، هذا الشيء معروف، لا الأمريكيين ولا الإسرائيليين يتحملون أن يقدموا تضحيات جسيمة ورهيبة في حروب مباشرة مع الأمة، وأن يقتل- مثلاً– منهم عشرات الآلاف من الجنود، هذا أمر لا يطيقه لا الأمريكيون ولا الإسرائيليون.
نلحظ- مثلاً- أيام الاحتلال المباشر الأمريكي في العراق، في الحالات التي يقتل فيها جنود أمريكيون، عندما وصل أعداد الجنود الأمريكيين المقتولين في العراق لمئات اهتزت أمريكا، الرأي العام الأمريكي بات معارضاً للوجود المباشر العسكري الأمريكي في العراق بتلك الطريقة التي تكبدهم خسائر يومية، أصبح في كل يوم يقتل منهم، المقاومة العراقية الباسلة، والمجاهدين في العراق أصبحوا في كل يوم يستهدفون الأمريكيين، وأصبح في كل يوم يُقتل جنود أمريكيون في العراق، بالتالي لم تتحمل أمريكا هذا، فصارت هناك ضجة في أمريكا، اعتراض، وأصبحت المسألة غير مقبولة، ولا مُطاقة، ولا يتحملونها.
الحالة السابقة للجنود الإسرائيليين- مثلاً– في جنوب لبنان، عندما تحرك حزب الله والمقاومة اللبنانية واستهدفوهم بعمليات مباشرة وضربات متتالية، وكبدوهم الخسائر الجسيمة، وأصبحوا يقتلون يومياً، أو شبه يومي، فإذا بهم لا يتحملون ذلك؛ فإذا بالانسحاب من لبنان أصبح دعاية في الانتخابات الإسرائيلية، ينجح بها أصحابها ويفوزون بها، وإذا بالهروب الإسرائيلي من جنوب لبنان أصبح وسيلة ملحَّة بالنسبة لهم، وطريقة ضرورية للتخلص من هذا الثمن الذي يدفعونه يومياً.
فالأمريكي والإٍسرائيلي لا يريد أن تكون التكاليف باهظة، والخسائر جسيمة في جنوده، في ضباطه، وأن تسفك دماؤهم في مواجهات مباشرة بأعداد كبيرة جدًّا، هو يريد أن يأتي من يقاتل بالوكالة عنه، بالنيابة عنه، جيوش، جماعات تنزل إلى الساحة، تواجه كل من يعترض عليه، كل من يتصدى له، كل من يعارض احتلاله للمنطقة وسيطرته على الأمة، ونجح في هذا، ويأتي بالتالي حضوره تابعاً ووراء أولئك، تأتي تلك التشكيلات، تأتي تلك القوى التي تحارب بالوكالة، ويأتي خلفها، فتكون قواعده خلفها وتكون مؤمَّنةً بها، ومحميةً بها، محميةً بالعرب كجيوش، أو بالعرب كجماعات، يتحلقون حولها، فيكونون هم المِترس والحصن الذي يتحصن به الأمريكي، والذراع التي يبطش بها ويحارب بها الآخرين، استفاد من هذا كثيراً، وهذا أمر مؤسف جدًّا.
استفاد- أيضاً- في تفادي الكلفة المالية والاقتصادية، في بداية غزوه للعراق كلَّفه غزوه للعراق كثيراً (مليارات الدولارات)، فإذا به يتأذّى في وضعه الاقتصادي، ويتضرر في وضعه الاقتصادي، ويضغط عليه ذلك في وضعه الاقتصادي، في النهاية رأى أن في أسلوب الدفع بالآخرين ليقاتلوا بالنيابة عنه، وبطريقة بالنسبة له طريقة ممتازة، لا يكلفه ذلك شيئاً، بل على العكس يقاتلون بالوكالة عنه ويدفعون له المال، يكون- أيضاً– من يَدفع له، يَدفع ليس فقط بالوكالة عنه، وإنما يدفع له بالوكالة عنه، يعني أمر عجيب هذه الحالة الرهيبة الفظيعة!!
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من خطاب السيد القائد/ عبد الملك بدرالدين الحوثي
بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد القائد/ 1439 هـ الموافق 2018 - 4 -13- م.