مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية

وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 

قطاع التوجيه والإرشاد

الإدارة العامة للوعظ والإرشاد

-----------------------------------                                             

 🟩.خطبة الجمعة الثالثة من شهر ربيع الأول 1443هـ 🟩

      🔰ربيع النصر) 🔰

(الخطبة الأولى)

بسم الله الرحمن الرحيم

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْحَمْدَ مِفْتَاحاً لِذِكْرِهِ وَسَبَباً لِلْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِهِ وَدَلِيلًا عَلَى آلَائِهِ وَعَظَمَتِهِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا تَبْرَحُ مِنْهُ رَحْمَةٌ، وَلَا تُفْقَدُ لَهُ نِعْمَةٌ، القائل في كتابه الحكيم: {لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، ونشهدُ ألَّا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، ونَشْهَدُ أنَّ سيدنا محمدًا عبدُهُ ورسولُه، الذي دَفَنَ اللَّهُ بِهِ الضَّغَائِنَ، وَأَطْفَأَ بِهِ الثَّوَائِرَ، وأَلَّفَ بِهِ إِخْوَاناً، وَفَرَّقَ بِهِ أَقْرَاناً، وأَعَزَّ بِهِ الذِّلَّةَ، وَأَذَلَّ بِهِ الْعِزَّةَ، كَلَامُهُ بَيَانٌ، وَ صَمْتُهُ لِسَانٌ، اللهم صلِّ وسلم على سيدِنا محمدٍ وعلى آلهِ الأطهار، وارضَ عن صحابته الأخيار المنتجبين.

أمـا بـعـد/ أيها الأكارم المؤمنون:

نبارك لكل أبناء شعبنا اليمني نجاح فعالية المولد النبوي الشريف، وبذلك الزخم والتفاعل الذي جسَّد ما قاله النبي الأكرم صلوات الله عليه وآله عن هذا الشعب حين قال: (الإيمان يمان، والحكمة يمانية)، هذه المناسبة التي أصبحت أعظم مناسبة لدى الشعب اليمني لأن صاحبها هو أعظم الخلق وأكرم الرسل عند الله تعالى، والشعب اليمني عبَّر بذلك عن محبته وإعزازه وتوقيره وتعظيمه لرسول الله محمد صلوات الله عليه وآله ، وعبَّر عن توليه الصادق واهتدائه واقتدائه برسول الله محمد الرحمة المهداة والنعمة المسداة، وعبَّر الشعب اليمني بذلك عن رفضه لكل محاولات الأعداء تشويه النبي وفصل الأمة عنه؛ فأمام شعب الإيمان والحكمة كل حروب الأعداء العسكرية والفكرية والثقافية والخشنة والناعمة فشلت وستفشل؛ لأن شعبنا جعل من مناسبة المولد موسمًا للوعي والنور والبصيرة والمعرفة والتزكية، ويعرف منها كيف يجب أن تكون علاقتنا بالنبي محمد تعظيمًا وتوقيرًا، ومعرفة صحيحة وتولياً واقتداءً، اليوم نحتفل برسول الله ونحن نقف نفس المواقف التي وقفها في بدر وأحد، من مواجهة للطواغيت والمستكبرين، ونحتفل به ونحن نواجه أحزاب الجاهلية الثانية كما واجه هو أحزاب الجاهلية الأولى، ونحتفل به ونحن نثقف أنفسنا بثقافة القرآن ونربي أنفسنا بتربيته، ونسير في المشروع الإلهي المحمدي القرآني الأصيل، ولنا قيادة ورثت من النبي صلوات الله عليه وآله إيمانه وحكمته وعزته، تتصل بمحمد وتُرَبِّينا على نهج محمد ومشروعه وهذا ما يميز احتفالاتنا في اليمن عن بقية المحتفلين، وهذا ما يقلق الأعداء.

أيها الأخوة المؤمنون: نحاول أن نستعرض موجزاً لمشروع الرسالة الإلهية ومسيرة حياة النبي محمد صلوات الله عليه وآله؛ فقد كان نبي الله عيسى (عليه السلام) آخر الأنبياء من بني إسرائيل، والمبشر بقدوم النبي محمد صلوات الله عليه وآله كما قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ} ولكن في الفترة الزمنية بعد عيسى وقبل ظهور محمد طمس المحرفون والطواغيت معالم الرسالة الإلهية وملأوا الساحة بالخرافات والضلال، وكانت البشارات والإرهاصات تتوالى بقدوم النبي الخاتم، وكانت أكبر تلك البشارات هي إهلاك الله تعالى لجيش أبرهة الموالي للروم والذي كان عازماً على قتل النبي وهدم الكعبة؛ فتعززت مكانة مكة والكعبة بعدها كمركز ديني، ومُنع الجن من اختراق السمع من السماء كما قال تعالى: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً}، وولد النبي محمد صلوات الله عليه وآله، وحظي برعاية عظيمة من الله تعالى؛ فلم يتدنس بدنس الجاهلية ولم يتلوث بفسادها، وعندما بلغ الأربعين من عمره الشريف بعثه الله بالرسالة الإلهية بشيراً ونذيراً وهادياً ومنقذاً ورحمةً ونوراً، وأنزل الله عليه القرآن الكريم ليخرج الناس به من تلك الظلمات إلى أنوار التوحيد والهداية قال تعالى: {الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}، وانطلق النبي صلوات الله عليه وآله يدعو الناس إلى الله بكل همة وعزيمة، وتوسعت الدعوة في أيام الحج حيث كان يدعو

 

القبائل العربية التي كانت تَفِدُ إلى مكة لأداء فريضة الحج، وامتازت الرسالة الإلهية التي حملها بانسجامها مع الفطرة التي فطر الله عليها الناس، كما تمتلك المعجزة الخالدة القرآن الكريم.

عباد الله: يصف الله لنا في القرآن الكريم جوانب كمال النبي محمد صلوات الله عليه وآله؛ فيصف لنا حكمته بأعظم وأبلغ وأوجز تعبير فيقول تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وهو من بلغ أعلى المراتب بين الأنبياء جميعاً في حكمته ورحمته وهدايته فيقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً} وهذا أرقى تعبير يعبر الله فيه أن نبيه محمد سراج يضيئ الظلمات وينير الطرقات للسالكين إلى الله؛ وما أحوج البشرية اليوم إلى ذلك النور في هذا الزمن المظلم، وهو في علمه وهداه من لا يشوبه شائبة قال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}، وهو في حرصه على هداية الناس بلغ مرتبة يكاد أن يهلك نفسه حزناً عليهم: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}، وهو في قدرته البيانية والمصداقية وقوة الإقناع كان يصل بالمتعنتين إلى الإقرار بالحق في قرارة أنفسهم: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ}، وهو في حكمته وعلمه والتزامه بتوجيهات الله تعالى من يقول الله عنه: {وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً}، وهو من أنزل الله عليه كتاباً فيه الشرف والعزة والرفعة لأمته فقال تعالى: {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}، ولكن عاندوه وكذبوه وحاربوه بالدعايات والأكاذيب والاتهامات والتعذيب لأتباعه؛ فكان أن أيده الله بحادثة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ليربط بينهما وبين النبي محمد، وكشفت آيات الإسراء مستقبل الصراع مع بني إسرائيل وتحدثت عن نهايتهم الوخيمة الحتمية والتسليط عليهم ونهاية علوهم واستكبارهم: {فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً} وهذا ما سيتجلى في أرض الواقع في القريب العاجل بإذن الله: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً. وَنَرَاهُ قَرِيباً}.

أيها المؤمنون الأكارم: عرض النبي صلوات الله عليه وآله الإسلام على ثلاثين قبيلة فرفضوا واشترطوا الشروط على الاستجابة، وحظي اليمنيون بشرف الإسلام واستقبال النبي مهاجراً ونصرته والجهاد بين يديه، وجاءت مرحلة جديدة من التمكين للحق والدين، وتحرك الطواغيت لمحاربة الإسلام عسكرياً، وبدأت بذلك قريش تعد العدة للهجوم على المدينة، وبتشجيع اليهود؛ فلم يأذن الله بالتخاذل والاستسلام، ونزل قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}؛ فكان الجهاد في سبيل الله هو الوسيلة المناسبة لدفع الطغاة الأشرار المجرمين المعتدين، وأتى أمر الله لرسوله بالخروج لمواجهة المستكبرين: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ. يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ}، وتحرك النبي جهاداً وكفاحاً ومواجهة مع الطواغيت، وقاد ونظَّم قرابة ثمانين غزوة وسرية، تصدى بها لمشركي العرب ولليهود وللنصارى، ولم يتوانَ ولم يضعف ولم يتوقف، متوكلاً على الله وصابراً، ولم يكل ولم يمل حتى حطَّم كل الطواغيت، وأزهق الله به الباطل وأحق به الحق:

مضى إلى الفتح لا بغياً ولا طمعاً لكن حناناً وتطهيراً لأوزارِ

فأنزل الجور قبراً وابتنى زمناً عدلاً تُدبِّره أفكارُ أحرارِ

أيها المؤمنون: من العوائق التي كان يعانيها النبي صلوات الله عليه وآله هي حركة المنافقين الذين كانوا يتحركون بين المسلمين تثبيطاً وتهويلاً وإثارة للفتن والمشاكل الداخلية وإعاقة للتحرك الجهادي وإقامة علاقات مع أعداء الإسلام، وعند كل حدث جديد كانوا يتحركون، وكان بعض المسلمين يتأثرون بأساليبهم: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ}، فكانوا يرون الجهاد مع النبي فتنة: {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي

 

الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ}، وكانوا يرون الجهاد مع النبي مغامرة فاشلة لا يثقون بنصر الله: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، وكانوا يثبطون عن الإنفاق في سبيل الله: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ}، وحتى في أصعب الظروف كانوا يثبطون عن الجهاد في سبيل الله: {يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا}، وكانوا يستغلون النقاط الصعبة للتثبيط: {وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}، وكانوا يفرحون لأي معاناة تحل بالنبي والمؤمنين، ويتألمون لأي نصر ينالونه: {إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ}، ويحمِّلون الرسول المسؤولية في أي شيء يحدث: {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ}، وكانوا يشككون في الحركة الجهادية عندما يطلب منهم المشاركة فيها؛ ففضحهم القرآن وكشف ما في قلوبهم فقال تعالى: {وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ}، ووبخهم الله تعالى وذمهم على تخاذلهم عن الجهاد في سبيل الله فقال تعالى: {رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ}، ولكن رغم كل ذلك لم يتوقف النبي والمؤمنون عن الجهاد في سبيل الله فقال الله تعالى: {لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، ففي الجهاد الخيرات، وفي الجهاد الفلاح للفرد والأمة في الدنيا والآخرة وفي الجهاد النصر والعزة.

قلت ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

🔰الخطبة الثانية 🔰

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله رب العالمين, ونشهدُ ألَّا إله إلاّ الله وحدَه لا شريك له, ونشهد أنَّ سيدَنا محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله الطاهرينَ، ورَضِيَ اللهُ عنْ أصحابهِ المنتجبين.

أما بعد/ أيها المؤمنون: جعل الله الجهاد في سبيل الله علامة اختبار لإيمان الإنسان الصادق فقال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}، وجعل الله الجهاد مفتاحاً وطريقاً للجنة وقاطعاً لأعذار المتنصلين: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}، وكان أعظم قول قاله الله لنبيه وهو يأمره بالقتال في سبيله: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً}، وخاطبه الله بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}، وأمره أن يحرض المؤمنين على القتال في سبيل الله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ}، فكان يحرض ويربي وتابع ويحرك المسلمين على الجهاد في سبيل الله، وجاء في القرآن التذكير للمسلمين بقبح التقصير والتفريط عن الجهاد في سبيل الله وفي ركاب الرسول في حين أسوتهم وقدوتهم النبي محمد أعظم الناس جهاداً في سبيل الله: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ}، ثم يأمر الله المسلمين بالاقتداء بنبيه في جهاده ومواجهته للطاغوت فيقول تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً}.

 

أيها الأخوة المؤمنون: هكذا كانت مسيرة الرسول صلوات الله عليه وآله، مسيرة هداية ورحمة وتربية وجهاد وقتال للطواغيت المستكبرين، واليوم لا زلنا نسير على ذلك المسار، ويجب أن تتضاعف جهودنا الجهادية لمواجهة أعداء رسول الله محمد وأعداء منهجه، واليوم يعمل الأعداء وأذنابهم على تسمية التطبيع ـ الذي هو عبارة عن موالاة للكافرين ـ باتفاق إبراهيم، وهو إساءة بالغة إلى نبي الله إبراهيم (عليه السلام) الذي جسد البراءة من أعداء الله، وقد حاول اليهود والنصارى نسبة أباطيلهم وأكاذيبهم إلى نبي الله إبراهيم عبر التاريخ، ولكن الله رد عليهم في كتابه العزيز بقوله: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، والوارث لإبراهيم والمقتدي بإبراهيم والسائر على نهج إبراهيم هو نبي الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن يسير في مساره كما قال الله تعالى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}، والمحرفون والمنحرفون اليوم نشروا الظلم والفساد والمنكرات والانحلال الأخلاقي إضافة إلى عملهم على تشويه الإسلام عبر عناصرهم الاستخباراتية والعمل على نشر الفرقة والعداوة بين المسلمين، وبذلك نؤكد على الثبات في مواقفنا المبدئية من قضايا الأمة، ومواصلة الجهاد في سبيل الله لدفع المعتدين على شعبنا وندعو جميع أبناء شعبنا المجاهد إلى مواصلة السير في هذا الطريق، حتى النصر الكامل على كل الأعداء، وتحرير كل أرض محتلة، وتحرير كل الأسرى وتعويض كل الأضرار؛ فالحفاظ على حريتنا واستقلالنا هو هدف مقدس له علاقة بتوحيدنا لله عز وجل، ولا يمكن أن نتنازل عنه بأي حال من الأحوال، وقائدنا ومعلمنا ومرشدنا في ذلك هو رسول الله محمد صلى الله عليه وآله.

إخوة الإيمان : 

مما يجب التذكير به في كل وقت وفي كل حين هو الإهتمام الكبير بالزراعة بجميع مجالاتها لإنها الركيزة التي نستطيع أن ننتصر بها على أعدائنا والتي لن تنهض اليمن وشعبها إلا بها فيجب على الجميع التوجه نحو الإكتفاء الذاتي .

. ولا ننسى أن الله يريد لنا أن نكون بصحة ممتازة حتى نقوم بمهامنا في إعمار الأرض وتحمل المسئولية ولكن هناك مع الأسف عادات سيئة يمارسها الكثير من الناس ويدمنوا عليها مثل التدخين بكافة أنواعه وتعاطي الشمة وما شابهها، وقد ثبت علمياً أن التدخين يحتوي على أكثر من 60 مادة مسرطنة تسبب السرطان بجميع أنواعه، وكذلك الشمة التي لها تأثير وعلاقة مباشرة بنشوء سرطان الفم واللثة مما يجعل الإنسان قادر على فعل أي شيئ.

وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله, والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ عليماً {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}, اللهم صلِّ وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم, وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب, وعلى زوجتهِ الحوراء، سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء, وعلى ولديهما سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين, وعلى آل بيت نبيك الأطهار, وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار, مِنَ المهاجرين والأنصار, وعلى من سار على نهجهم, واقتفى أثرهم إلى يوم الدين, وعلينا معهم بمنِك وفضلك يا أرحم الراحمين.

اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجاً, ومن كلِ ضيقٍ مخرجاً, ومن النارِ النجا, اللهم انصر عَلَمَ الجهاد, واقمع أهل الشرك والعدوان والفساد, وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل، وأئمة النفاق السعودية والإمارات وكلَ من حالفهم وعاونهم يا رب العالمين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}. 

عباد الله: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

 

 ..

➖➖➖➖➖ ➖

 📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للوعـظ والإرشاد

 بديـوان عــام الــوزارة.

-


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر