مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة 
قطاع الإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️
الـعـنوان : إغتنام الوقت )
التاريخ :٧ / ٦ / ١٤٤٤ه‍  ٣٠ / ١٢/ ٢٠٢٢م 
الــرقـــــم ( ٢٢ ) 
الـخـطـبــة الأولى مــــن شــــهـر جـمـادى الآخـــر 

أولاً: نـقاط الجـمـعـة 

1- اغتنام الوقت في العبادة والطاعـة
{يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱرۡكَعُواْ وَٱسۡجُدُواْۤ وَٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمۡ وَٱفۡعَلُواْ ٱلۡخَيۡرَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ۩} (الحج:٧٧)
وكيف ستكون حياتنا لله 
2- الحذر من ضياع الوقت أمام التلفونات والقنوات التي أصبحت ميدان الحرب الناعمة
والعدو يستغل عامل الوقت لضرب النفوس وتدميرها وخاصة في حالة اللاحرب واللاسلم 
3- الوقت أمانة ومسؤولية وندعوا كل المسؤولين للاهتمام بالدوام الرسمي في الأوقات المحددة لهم وهو كاف لتسيير أعمال الناس 
4- الحث على أهمية العمل التطوعي والتعاون الجماعي 
والتكافل الإجتماعي وتحقيق الإكتفاء الذاتي فهي أعمال لها منزلتها ومكانتها في الاسلام 
{ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (المائدة:٢)
والعمل التطوعي مسؤولية جماعية على الرجال والنساء 
5- منذ بداية العدوان اعتمد شعبنا اليمني على الله وكان أبرز نجاحاتنا هي في الاستجابة لتوجيهات القيادة ومنها الأعمال الجماعية في كل المجالات.
▪️ثانياً:خـطـبـة الـجـمــعـة 

الخطبة الأولى
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ فاطرِ السماواتِ والأرضِ، وقيومِ السماواتِ والأرضِ، ومن لهُ ملكُ السماواتِ والأرضِ، خالقِ الخلقِ أجمعين، ومالكِ يومِ الدين، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَه، شهادةَ عبدٍ مؤمنٍ بِه، منقادٍ لَه، مسلّمٍ لأمرِه، مستجيرٍ بِه، تائبٍ إليه، مستغفرٍ رَبَّه، وأشهدُ أنَّ سيدَنا وحبيبَنا محمدًا عبدُهُ ورسولُه وحبيبُه ومصطفاه، صاحبُ المقامِ المحمود، والحوضِ المورود، صلواتُ ربي وسلامُه عليهِ وعلى آله الأطهار، وارضَ اللهم برضاك عن صحابتِه المنتجبين الأخيار، ما تعاقبَ الليلُ والنهار.
أمَّا بعدُ/ أيها المؤمنون:
أوصيكم ونفسيَ بتقوى اللهِ ولزومِ طاعتِه: (وَلَقَدۡ وَصَّيۡنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰابَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَإِيَّاكُمۡ ‌أَنِ ‌ٱتَّقُواْ ‌ٱللَّهَۚ وَإِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدٗا).
عبادَ الله:
يقول الله سبحانه وتعالى: (قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ‌ٱلَّيۡلَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰامَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِضِيَآءٍۚ أَفَلَا تَسۡمَعُونَ . قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰامَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِلَيۡلٖ تَسۡكُنُونَ فِيهِۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ . وَمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ)  في هذه الآيات الكريمة يُبَيّن اللهُ لنا الوقتَ وأهميتَهُ، فبيّن سبحانه أنَّ الوقتَ هو عبارةٌ عن الليل والنهار، وبين حاجتنا إلى الليلِ والنهارِ معًا، فنحنُ نحتاجُ حاجةً ماسَّةً إلى الليلِ لنسكنَ فيه ونرتاحَ بعدَ الحركةِ والتعبِ، ونحتاجُ إلى النهارِ لنتحركَ فيه ونعملَ ونبتغيَ منْ فضلِ الله، وهذا من رحمةِ الله سبحانه وتعالى.
ومن أهميةِ الوقتِ ما ذكرَه اللهُ تعالى في قوله: {وَجَعَلۡنَا ‌ٱلَّيۡلَ ‌وَٱلنَّهَارَ ءَايَتَيۡنِۖ فَمَحَوۡنَآ ءَايَةَ ٱلَّيۡلِ وَجَعَلۡنَآ ءَايَةَ ٱلنَّهَارِ مُبۡصِرَةٗ لِّتَبۡتَغُواْ فَضۡلٗا مِّن رَّبِّكُمۡ وَلِتَعۡلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلۡحِسَابَۚ وَكُلَّ شَيۡءٖ فَصَّلۡنَٰاهُ تَفۡصِيلٗا)؛ فقال سبحانه (وَلِتَعۡلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلۡحِسَابَۚ) فلولا تعاقبُ الليلِ والنهارِ ما علمْنا عدد السنين والحساب، وهذه السنواتُ هي أعمارُ البشرِ، وهذه السنواتُ هي الحياةُ الدنيا، وهي الوقتُ الذي نعيشُه؛ ولذلك فإن أهمية الوقتِ كبيرةٌ وعظيمةٌ؛ لأنَّ الوقتَ هو الحياةُ التي تعيشُها، والأيامُ والليالي التي تمضيها.

عبادَ الله:
ومن الأهميةِ الكبيرةِ للوقتِ هو أننا في أمسِّ الحاجة إليه؛ فلكي نعيشَ فنحن في حاجةٍ إليه، ولكي نعبدَ اللهَ فنحن في حاجةٍ إليه، ولكي نسعى في طلب الرزق فنحن في حاجةٍ إليه، ولكي نهدأَ ونسكنَ فنحنُ في حاجةٍ إليه، فمحيايَ ومحياكَ هو من الوقتُ، والله سبحانه قدْ وَجَّه رسولَه والمؤمنين إلى أنْ يجعلوا محياهم ومماتهم لله، فقال سبحانه:  (قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي ‌وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي

لله رَبِّ ٱلۡعَٰالَمِينَ)  فكيفَ يكونُ محيايَ لله؟ يكونُ محيايَ للهِ ومحياكَ للهِ في اغتنامِ الوقتِ في العبادةِ للهِ والطاعةِ له، والعبادةُ والطاعةُ لا بد أن تكون وفق المفهومِ القرآني الشامل حيثُ يقول الله مبينًا لها: (يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱرۡكَعُواْ وَٱسۡجُدُواْۤ ‌وَٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمۡ وَٱفۡعَلُواْ ٱلۡخَيۡرَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ . وَجَٰاهِدُواْ فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِۦۚ هُوَ ٱجۡتَبَاكُمۡ وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمۡ إِبۡرَٰهِيمَۚ هُوَ سَمَّاكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ مِن قَبۡلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيۡكُمۡ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِۚ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱعۡتَصِمُواْ بِٱللَّهِ هُوَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ فَنِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِيرُ) فهذهِ هيَ العبادةُ بالمفهومِ القرآني: إقامةُ الصلاةِ، وإيتاءُ الزكاةِ، وفعلُ الخيرِ، وعمارة الأرض، والجهادُ في سبيلِ الله، والاعتصامُ بالله، والاتباع لرسولِ الله، والتمسكُ بالإسلامِ (الملّةِ) التي ارتضاها الله لنا، وسمَّانا بها أبونا إبراهيم عليه السلام، ويقول الله سبحانه وتعالى: (وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفٗا مِّنَ ‌ٱلَّيۡلِۚ إِنَّ ٱلۡحَسَنَاٰتِ يُذۡهِبۡنَ ٱلسَّيِّـَٔاتِۚ ذَٰلِكَ ذِكۡرَىٰ لِلذَّٰاكِرِينَ) فكما أنَّ النهارَ للحركةِ والعملِ والمعاشِ، والليلَ للهدوءِ والسكنِ، فكذلك هما وقتٌ لإقامةِ الصلواتِ والطاعاتِ، فلا يجوزُ أن يُضَيِّع المسلمُ وقتَه في الملهياتِ، أو الانهماكِ بجمعِ الأموالِ والملذَّاتِ، بلْ يجبُ عليه أنْ يعلمَ أنَّه ما خُلِقَ إلا للعبادة، وما سخَّر الله لنا ما في السماوات وما في الأرضِ إلا لكي نستعينَ بها على أداءِ العبادةِ التي أمرنا بها: (وَمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ‌ٱلَّيۡلَ ‌وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ)  فقال: (وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ).
أيها المؤمنون:
إنَّ الوقتَ هو الحياةُ التي نعيشها منذ أن خلقنا الله إلى أن نلقى الله سبحانه وتعالى؛ فيجبُ علينا أنَّ نعمرَ أوقاتنا بالطاعةِ والقربِ من اللهِ، وطلبِ مغفرتِه، ونشرِ دينِه، ونصرةِ المستضعفين، والجهادِ في سبيلِ الله، وكما قال الإمام زين العابدين في دعاء مكارم الأخلاق: (وعمّرني ما كان عمري بذلةً في طاعتك فإذا كان عمري مرتعًا للشيطان فاقبضني إليك قبل أن يسبق مقتك إليَّ أو يستحكم غضبك عليَّ).
عباد الله:
إنَّ منْ أعظمِ الحسراتِ في يومَ القيامةِ: أنْ يُضَيِّعَ المرءُ وقتَه في الأمورِ التي لا تنفَعُه في دينه ودنياه وآخرتِه، وأعظمُ الناسِ حسرةً وندامةً هو منْ يُضَيِّعُ وقتَه ويمضيه في معصيَةِ الله والعياذ بالله، وهناك من يضيع أكثر أوقاته في الغفلة وفيما لا يفيد، بل وربما فيما يضره في دينه وفي صحته وفي ماله؛ فهناك من يضيعُ وقتَه وهو مخزِّن بالقات منْ بعدِ الظهرِ إلى منتصفِ الليل؛  فتمضي عليه أوقاتُ الصلواتِ وهو لم يصلِّ، وينامُ إلى النهار ولا يصلي الفجر، وهذا تغييرٌ لسنةِ الله في خلق الليل والنهار؛ فالليل لباس وسكن، والنهار معاش وحركة، قال تعالى: (وَجَعَلۡنَا ‌ٱلَّيۡلَ لِبَاسٗا . وَجَعَلۡنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشٗا).   
ومن ضياع الوقت أنْ نقضيَه على التلفونات والقنوات الفضائية الماجنة، التي أعدَّها أعداءُ الدين ليُضِلُّوا أبناءَ الأمةِ وليصرفوهم عن دينِ الله قال سبحانه: (أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰابِ يَشۡتَرُونَ ٱلضَّلَٰالَةَ وَيُرِيدُونَ ‌أَن ‌تَضِلُّواْ ٱلسَّبِيلَ).
أيها المؤمنون:
يجبُ علينا الحذرُ من التفريطِ ومنْ تضييعِ الوقتِ؛ لأننا سنسألُ عنْ أعمارنا وأوقاتنا، يقولُ الله سبحانه: (فَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرۡسِلَ إِلَيۡهِمۡ وَلَنَسۡـَٔلَنَّ ٱلۡمُرۡسَلِينَ . فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيۡهِم بِعِلۡمٖۖ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ .  وَٱلۡوَزۡنُ ‌يَوۡمَئِذٍ ٱلۡحَقُّۚ فَمَن ثَقُلَتۡ مَوَٰازِينُهُۥ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ)، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَنْ تزولَ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ‌حَتَّى ‌يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وعن علمه ماذا عمل به».
عباد الله:
إنّ من اللازم علينا: الاهتمام بالوقت واغتنامه فيما يفيد وينفع ويرضي الله سبحانه؛ فقد قال صلى الله عليه وآله: (اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك) فالحياة لا تدوم، والصحة لا تستمر، والشباب لا يبقى، والغنى قد يتحول؛ فاغتنموا هذه الفرص قبل مجيء ما يُغيرها.

قلت ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم: (بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ . وَٱلۡعَصۡرِ . إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ . إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰالِحَٰاتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ).
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلدْ ولمْ يولدْ، وأشهدُ ألا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ لَه، وأشهدُ أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلوات ربي وسلامُه عليهِ وعلى آلِه، وارضَ اللهم برضاك عن صحابته المنتجبين برحمتك اللهم يا ربَّ العالمين.
    أيها المؤمنون: 
لقد حثَّ الله على التعاونِ على البرِّ والتقوى فقال سبحانه وتعالى: (‌وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ) والعملُ التطوعي في الإسلام هو من ركائزِ التكافلِ الاجتماعي، والمجتمعِ اليمني مشهورٌ على مدى التاريخ بالتعاونِ والعملِ التطوعي، وليسَ هذا بغريبٍ على مجتمعنا اليمني الذي وصف الله أرضَه بالبلدةِ الطيبةِ، واختصَّه رسولُ الله صلوات الله عليه وعلى آله بالهويةِ الإيمانية، وللعمل التطوعي مرتبةٌ عاليةٌ وعظيمةٌ، يقول الله تعالى: (وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗاۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرٗا وَأَعۡظَمَ أَجۡرٗاۚ وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمُۢ) ، وقال جل وعلا: (‌لَّا ‌خَيۡرَ ‌فِي كَثِيرٖ مِّن نَّجۡوَىٰهُمۡ إِلَّا مَنۡ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوۡ مَعۡرُوفٍ أَوۡ إِصۡلَٰاحِۭ بَيۡنَ ٱلنَّاسِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ ٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا)  ويعرضُ الله لنا في القرآنِ الكريم قصةَ ذي القرني كنموذجٍ راقٍ من نماذجِ التعاونِ والعمل التطوعي والاجتماعي، حيث يقول سبحانه: (قَالُواْ يَا ٰذَا ٱلۡقَرۡنَيۡنِ إِنَّ يَأۡجُوجَ وَمَأۡجُوجَ مُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَهَلۡ نَجۡعَلُ لَكَ خَرۡجًا عَلَىٰٓ أَن تَجۡعَلَ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَهُمۡ سَدّٗا  قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيۡرٞ ‌فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُمۡ رَدۡمًا) فقال: (‌فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ) والقوةُ هنا: (الأيدي العاملةُ).
ولاحظ كيف كانَ الخطابُ معهم جماعيا: (آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا)، فماذا كانت النتيجة: (‌فَمَا ‌ٱسۡطَٰاعُوٓاْ أَن يَظۡهَرُوهُ وَمَا ٱسۡتَطَٰاعُواْ لَهُۥ نَقۡبٗا) فكانت تلك هي النتيجةُ: قوةٌ وتمكنٌ.
ومنْ فضل الله علينا - أيها المؤمنون - أنَّ شعبَنا اليمنيَّ على مدى ثمانِ سنوات من العدوانِ والحصارِ منْ قِبَلِ قُوى العدوانِ، كانَ منْ أبرزِ نجاحاتِه هيَ: التعاونُ والعملُ الجماعي والتطوعي؛ فكانتْ النتيجةُ: الصمودُ والانتصارُ بفضلِ الله، والله تعالى عندما أمر بالتعاون هو وجَّه أمرَه إلى الجميعِ: (الذكرِ والأنثى)، قال سبحانه: (‌وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰانِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ).
عباد الله:
إن العدوَّ يستغل الوقت في حالة اللَّاسلم واللَّاحرب في زَعْزَعَةِ الصفِّ الداخلي، وتفكيكِه، وإقلاقِ السكينةِ العامةِ، ونشرِ الشائعاتِ الكاذبةِ، وقلبِ الحقائقِ، وتزييفِها، والذي يجبُ علينا إزاءَ ذلك هو: الثباتُ والوعي والبصيرة فكلنا يعرف أن ما حصل لشعبنا هو بسبب العدوان والحصار، ولو خرج الغزاة من بلادنا وتركوا منابع الثروة لشعبنا، ولو تم تطهير اليمن من أولئك الغزاة الطامعين وتم فك الحصار عن الموانئ والمطارات؛ لتم صرفُ المرتبات ولتحسنت الأوضاع المعيشية لشعبنا؛ لأن من ينهب الثروات اليوم هم الغزاة والمعتدون، ومن يحاصر الشعب هم الطامعون والمحتلون، ومن يتسبب في معاناة شعبنا هم من اعتدى على اليمن وشعبنا يعرف ذلك.
ولذلك فإن الأولوية اليوم هي لمواجهة العدوان وفك الحصار، ولن تستمر حالة اللاحرب واللاسلم، وقد سمع الوفد العماني من قيادتنا: الرسائل الواضحة، وشعبنا اليوم يمتلك أسلحة الردع بفضل الله، ويستطيع أخذ حقوقه بالسلم أو بالحرب، وشعبنا اليمني اليوم عرف أن دول العدوان لا تريد السلام، وانما تريد اللعب بالوقت، وهذا مالا يمكن أن تسمح به قيادتنا وشعبنا.

أيها المؤمنون:
ستحتفل كثير من دول العالم الغربي برأس السنة الميلادية، وستحتفل معهم أنظمة العمالة والخيانة بمظاهر من الترف والمجون والغفلة، ولن تسمعوا الانتقادات التي سمعتموها على الاحتفال بالمولد النبوي؛ لأن أصوات النشاز متخصصة فقط بالاعتراض على تعظيم رسول الله صلى الله عليه وآله، وكم هو فخر لشعبنا اليمني: التعظيم لرسوله المصطفى في الوقت الذي ينفق الآخرون أموالهم على لعبة كرة دون أن يربحوا الفوز في المباراة أو يسلموا خسارة الأموال الكبيرة التي لو صُرفت على المسلمين لما بقي فيهم مسكين ولا فقير، وكم كنا نتمنى من المسلمين أن يتفاعلوا مع مظلومية فلسطين كما تفاعلوا مع كرة القدم، وأن يعظموا رسولهم كما فعل الشعب اليمني الذي تميز بحبه وولائه لرسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله.
اخواني المؤمنون:
قال تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الإثم والعدوان) من هذا الامر الألهي  يتوجب علينا جميعا ان نتعاون ونتكاتف، وان نبادر في اعمال الخير، ومنها المبادرات المجتمعية التي من شأنها أن تسهم في حل الكثير من مشاكلنا، والكثير من الصعوبات فبناء الأوطان لاتقوم إلا على سواعد أبنائها فابالتعاون سنحقق الكثير ، فما نشاهده هذه الأيام من مبادرات مجتمعية في بناء السدود والحواجز المائية ، ورص الطرقات سواء في ريمة ووصاب وغيرها  يجعلنا نتذكر قصة ذي القرنين التي ذكرت في سورة الكهف عندما طلب منها بناء سد ليحميهم من هجمات يأجوج ومأجوج، فهو لم يأخذ منهم المال بل طلب منهم أن يعينوه {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيۡرٞ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُمۡ رَدۡمًا} (الكهف:٩٥)

هذا وأكثروا من ذكر الله ومن الصلاة والسلام على رسول الله وآله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وصل اللهم وسلم على وصيهِ وبابِ مدينةِ علمِهِ سيدِنا ومولانا الإمامِ عليٍّ بنِ أبي طالب، وعلى زوجته الحوراء فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى سيدي شبابِ أهل الجنةِ أبي محمدٍ الحسنِ وأبي عبدالله الحسينِ، وارض اللهم برضاك عن أصحاب رسولك المنتجبين، وعن زوجاتِ نبيك أمهاتِ المؤمنين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أصلح من في صلاحه صلاحٌ للإسلام والمسلمين، وأهلك من في هلاكه صلاحٌ للإسلام والمسلمين، اللهم انصرْ الإسلام والمسلمين واخذلْ أعداءك أعداءَ الدين، اللهم انصرْ المجاهدين في سبيلك في كل الجبهات وفي كلِّ مكان وثبّتْ أقدامَهم وسددْ رمْيَهم واحفظْهُم بحفظِك وأكْلَأْهُم برعايتك ونكِّلْ بعدوِّك وعدوِّنا بأيدينا وأيدي المؤمنين يا رب العالمين.
عباد الله:
(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْـمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).

➖➖➖➖➖ ➖
📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين
 بديـوان عــام الــوزارة.
------------


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر