مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

كان مولده مولدًا للنور، وقدومًا للخير والخلاص، في وقتٍ كان العالم بأسره في كل أنحاء المعمورة في واقعٍ مظلمْ، وجاهليةٍ جهلاء، وضلالٍ مبين، والمجتمعات البشرية في مختلف أنحاء الأرض أسيرة الشقاء والضياع، والظلم والقهر والاستعباد.

وقد كانت إرهاصات ومقدمات المولد المبارك لرسول الله "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم"، هي تلك الحادثة العجيبة؛ حادثة أصحاب الفيل، الجيش الموالي للإمبراطورية الرومانية، والذي اتجه صوب مكة المكرمَّةِ، أثناء سيطرة الأحباش على اليمن؛ بهدف تدمير الكعبة المشرَّفةِ، والسيطرة على مكة، ومنع قيام المشروع الإلهي المنقذ للبشر، في الحقبة الأخيرة والرسالة الخاتمة، فجعل الله كيدهم في تضليل، وأرسل عليهم الطير الأبابيل، وأهلكهم، كما بيَّنَ ذلك في (سورة الفيل)، وكانت تلك آيةٌ عجيبة من مصاديق قوله تعالى: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[يوسف: من الآية21].

في عام الفيل ولد رسول الله وخاتم أنبيائه: محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب، ونشأ يتيمًا؛ لوفاة والده، وازداد يتمه بعد سنوات بوفاة والدته، وقد تولَّى الله " تَبَارَكَ وَتَعَالَى" رعايته، كما قال تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى}[الضحى: الآية6]، وهيأ له عنايةً خاصةً ومميزة من جده عبدالمطلب، ثم من بعد ذلك عمه أبي طالب، ونشأ نشأةً مباركةً طيبةً وفريدةً، بتكاملٍ عجيبٍ: في رشده، وأخلاقه، وطهارته من دنس الجاهلية، ومن شركها وآفاتها، وحظي بالإعداد الإلهي للمهمة العظيمة: الرسالة الإلهية المقدَّسة العالمية.

وفي تمام الأربعين من عمره الشريف ابتعثه الله تعالى بالرسالة إلى العالمين، وأنزل عليه القرآن الكريم المعجزة الخالدة، الذي يحتوي الرسالة الإلهية، وإرث النبوة والكتب الإلهية السابقة؛ لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، كما قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ}[إبراهيم: 1-3]، صدق الله العظيم.

وقد بدأ "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم" حركته بالرسالة الإلهية من مكة المكرَّمة، حيث واجهه أكثر قريشٍ بالتكذيب، والاتهامات، والعداء الشديد، فوجهوا التهم المتنوعة إليه: بالجنون، والسحر، والشعر، والكذب، ومارسوا الاضطهاد للمسلمين المستضعفين، وسعوا لاغتيال رسول الله "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، واستمروا على ذلك ما بين عشرٍ إلى ثلاثة عشر عامًا، ثم أذن الله له بالهجرة إلى يثرب (المدينة المنوَّرة)، حيث الأوس والخزرج، الذين آمنوا، وآووا، ونصروا، وحملوا راية الإسلام، وخرجوا من الظلمات إلى النور، وبدأت مرحلة جديدة، ابتنى فيها بنيان الأمَّة المسلمة، مواجهًا كل التحديات، وكل المؤامرات، وكل الأعداء، ومقدِّمًا النموذج المميَّزَ للإسلام، الذي وضَّحَ الفوارق الكبرى عن آثار ظلمات الجاهلية.

وواصل الرسول "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّم" جهوده لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، من خلال حركته بكتاب الله تعالى (القرآن الكريم)، متجهًا إلى هداية الناس، وتغيير مفاهيمهم وأفكارهم الخاطئة، والضالَّةِ، والظلاميَّةِ، وساعيًا لتزكية أنفسهم، وتربيتهم على مكارم الأخلاق.

وأول العناوين لإخراجهم من الظلمات إلى النور هو: تحريرهم من العبوديَّةِ لغير الله تعالى، فللأسف الشديد طرأت على البشر- من بعد انحرافهم عن منهج الله تعالى، ومخالفتهم لرسالاته، واتباعهم للمضلين الظلاميين- معتقدات الشرك، والاعتقاد بالشرك في الألوهية لآخرين اعتقدوهم شركاء لله، واعتبروا أنفسهم عبيدًا لهم، فالبعض اعتقد عبوديته لأصنام، والبعض للشمس، والبعض للنجوم، والبعض لحيوانات، والبعض لطغاةٍ من البشر، والبعض للملائكة، والبعض لأنبياء، والبعض لجن، ولا تزال تلك العقيدة الباطلة مستمرةً لدى كثيرٍ من المجتمعات، فكثيرٍ من النصارى في أمريكا والغرب يعتبرون أنفسهم عبيدًا لنبي الله عيسى "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، وفي واقع الحال هم يؤلِّهون المادَّة والشهوات، وهم على ارتدادٍ عن نهج نبي الله عيسى "عليه السلام البريء من الشرك، وفي المجتمعات الأخرى عبيدًا لغيره، فكيف يمكن أن يكون من يحملون عقيدة العبوديَّة لغير الله تعالى حملةً لراية الحريَّة! كما أنهم- ومن يتبعهم- يمنحون الإنسان حق التشريع والتحكم على أخيه الإنسان من دون الله تعالى، وذلك من الاستعباد للناس.

بينما رسالة الله تعالى وأنبياؤه وكتبه تحرر الإنسان من كل أشكال العبودية لغير الله تعالى، من جهة الاعتقاد، ومن جهة التوجه والممارسة، فكلُّ الناس عبيدٌ لله تعالى وحده، ولا يملك أحدٌ حق الألوهية والاستعباد لهم إلّا الله تعالى؛ لأنه ربهم الحقُّ، وخالقهم، ومالكهم، وله ما في السماوات والأرض، وهذا هو المعنى الحقيقي للحريَّةِ، والواقع الصحيح الذي يترجمها، فالرسالة الإلهية تبني مجتمعًا حرًّا بكل ما تعنيه الكلمة، ليس فيه أحدٌ عبدًا لأحد، والجميع عبيدٌ فقط لله ربِّ العالمين، ومبدأ التوحيد هو العنون الأول لرسالة الله تعالى، قال تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ}[النحل: الآية2]، وكلُّ ما يُعبِّدُ الإنسان لغير الله تعالى، من عقيدةٍ، أو ممارسةٍ، فهو باطلٌ، وضلالٌ، وظلمة، يخسر بها الإنسان حريته بمفهومها الحقيقي.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

خطاب السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف 1445هـ

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر