حتى المؤمنين نهو عن المنّ، وجَعل المنّ مما يبطل أثر الصدقة، وحَكَم القضية بالنسبة للمعطي ـ إذا كان يريد أن يكون لعطائه أثر ـ هو أن يبتغي به وجه الله {لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا} (الإنسان: من الآية9) بحيث لا يشعر الطرف الآخر بأنه يراد مني من وراء ما أعطى استغلال عواطفي نحوه، فهذا أشبه شيء بمن يعطي رياء مثلما قال:{كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} (البقرة: من الآية264) {لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا} {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} (الليل:19ـ20).
أو أقل شيء إذا لم يكن الإنسان متذكرًا لهذه الأشياء مثلما يحصل ربما للكثير الكثير من البشر فأن يكون من منطلق إنساني بحت، أو منطلق المكافئة المتبادلة فيما بين الناس، من باب {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (الرحمن:60).
أن نرسخ في المجتمع ـ من خلال المنّ بما نعطي ـ نرسخ في المجتمع إخضاع العواطف للتأثيرات المادية هذه سيظهر لها سلبيتها الكبيرة حتى وإن كنا مؤمنين، نحن قد لا نستخدم العواطف التي قد يتركها ما نعطي في هذا الشخص، قد لا نستخدمها في جانب الباطل، لكن المنّ الذي يعني التذكير واستغلال العواطف وإشعار الآخر بأن عليه أن يسير كما أريد، ترسيخه يصبح مما يعرِّض المجتمع لخطورة بالغة بالنسبة لأهل الباطل، فيأتوا ليدفعوا أموالًا أكثر منك، ويستخدموا نفس الأسلوب في التذكير بما أعطوا، ويعرضوا للآخرين منجزاتهم فيما أنجزوه في مجال كذا وكذا وكذا، فتصبح ذهنيتنا ـ وبحكم أننا قد روَّضْناها على أن تسير خلف من يسدي إليها معروفًا ـ فتصبح معرضة لأن تدفع بالإنسان إلى أن يقف المواقف الباطلة، ويؤيد الباطل، ويدخل في الباطل.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
سلسلة دروس معرفة الله (3 - 15)
الدرس الثالث
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 20/1/2002م
اليمن – صعدة