مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

عندما نأتي أيضًا إلى القرآن الكريم كيف يتحدث– أيضًا– في هذا السياق، يقول الله -سبحانه وتعالى-: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ}[التوبة: من الآية81]، (الْمُخَلَّفُونَ): هذه السِّمة، وهذا التوصيف الذي يمثِّل- فعلًا– علامةً سلبية لمن يتصفون به، المُخَلَّفُون: هم أولئك الذين تنصَّلوا عن المسؤولية، هم أولئك الذين لم تحركهم لا فطرتهم، ولا مشاعرهم الإنسانية، وهم يرون الخطر على أمتهم من حولهم، الخطر الذي يشملهم، كما هو خطرٌ على الأمة بكلها، رضوا لأنفسهم بالتنصل عن المسؤولية، رضوا لأنفسهم أن يعيشوا في واقع الذل والهوان والجمود والاستسلام، رضوا لأنفسهم بالخنوع، لا يمتلكون الطاقة الإيمانية والدافع الإيماني، ولا الضمير الإنساني، ولا الإحساس بالواقع من حولهم، قلوب ميتة وجامدة وباردة، لا تلتفت ولا تتفاعل مع ما حولها.

{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ}، كان لهم ذنبان: الذنب الأول هو قعودهم، قعودهم بنفسه ذنب، وتخلفهم عن النهوض بالمسؤولية والتحرك ذنب، وإضافةً إلى ذلك فرحوا، فرحهم هو ذنبٌ آخر، الفرح بقعودهم؛ لأنهم يعتبرون قعودهم هو الصواب، وهو السياسة، وهو الحكمة، وأنهم أذكياء، وأنهم عباقرة، لم يورِّطوا أنفسهم كما فعل الآخرون، يرون في نهوض الآخرين بالمسؤولية، وتحركهم للتصدي للخطر أنَّه تَوَرُّط، وأنه غباء سياسي، وأنه حماقة، وأنه كان ينبغي لهم أن يخنعوا، وأن يستكينوا، وأن يستسلموا لأعداء الأمة… فهم فرحوا بما هم عليه من قعود، واعتبروا أنفسهم أذكياء، وعباقرة، وسياسيين، وحكماء، وأن الآخرين أغبياء ومتهورين.

{وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ}، عندهم كره للجهاد، وصل بهم الحال إلى أن يكرهوا الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس، ليس عندهم أي رغبة في ذلك، ولا أي اندفاع، هذا يدل على خواء إيماني، على فراغ؛ لأن الجانب الإيماني ثمرته في النفس: رغبة فيما هو رضى لله، هذا أمرٌ لا شك فيه، ثمرة الإيمان رغبة، اندفاع، تفاعل مع ما فيه مرضاة الله -سبحانه وتعالى- فهؤلاء- على العكس- كَرِهُواْ، معقَّد من الجهاد، يعني: البعض من شدة تعقده لا يرغب حتى بأن يسمع الكلام، حتى اسم الجهاد، عنده عقدة نفسية من نفس الاسم، وعلى هذا يجري الحال في بعض المناطق، لا يرغب حتى أن يسمع في خطبة جمعة، أو في حديث، أو في تذكير بآيات الله، أي كلمة فيها مفردة: (قتال في سبيل الله)، أو (جهاد في سبيل الله)، هذه الحالة الشاذة سنتحدث عنها على ضوء بعض الآيات- إن شاء الله- أيضًا فيما سيأتي.

{وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ}، لا يكتفي بأن يقعد بكل ما هو عليه من عار القعود، عار التخلف، هذا الذي شهد عليه أنه قد تفرغ من كل المشاعر الإنسانية والدوافع الإيمانية، لا يكتفي، بل يتجه إلى الآخرين لتثبيطهم تحت أي عنوان: إما عنوان مثل هذا العنوان {لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ}، أو أي إشكالية يستغلها، أو أي عنوان آخر يرى أنه وسيلة للتثبيط، يسعى للتثبيط من خلاله.

{قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}؛ لأنهم موعودون بالعذاب، هم موعودون بعذاب الله -نعوذ بالله!- {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً}، هذا وعيد بجهنم، {لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}؛ لأنهم قد تبلَّدوا، وانغلقت عندهم كل منافذ الوعي، المتخلفون، الجامدون، القاعدون، يصلون إلى هذه الحالة من الخذلان.

{فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً} [التوبة: الآية82]، فيما هم عليه من تباهٍ وارتياح بتخلفهم، واستخفافهم بالآخرين، وسخرية من الآخرين الذين تحركوا في مسؤوليتهم، {وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً}؛ لأن أمامهم في جهنم العذاب الشديد الذي سيكونون فيه حالة بكاء لا انقطاع له، {جَزَاءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}، مع أن البعض حتى في الدنيا تصل إليهم: {وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً}.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

المحاضرة الرابعة بمناسبة الهجرة النبوية 1440هـ – 4 – 4أبريل, 2019م.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر