مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

يقول السيد حسين رضوان الله عليه:

إن ما حصل في هذا اليوم التاريخي (يوم الولاية) لم يكن مجرد إعلان خلافة فكلمة مولى وكلمة ولي هي أبلغ وأوسع وأشمل من كلمة خليفة، فالنبي (صلوات الله عليه وعلى آله) أعطى الإمام عليًّا (عليه السلام) أوسع من لو قال هذا خليفتكم أو هذا خليفتي من بعدي، كلمة: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» أشمل بكثير من كلمة هذا هو الخليفة من بعدي، الخليفة من بعدي هو يشير إلى منصب سياسي فقط يدير شأن الأمة إلى أن تنتهي حياته، لا، هنا أعطاه كامل المهمة التي كان يقوم بها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في حياته إلا النبوة؛ ولهذا كانت الكلمة التي قبلها: «ألست أولى بكم من أنفسكم؟» قالوا: بلى يا رسول الله. ألست أولى بكم من أنفسكم العبارة هذه تشير إلى الآية القرآنية (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ)[الأحزاب:6] أعطى هذه المكانة للإمام علي فهي ولاية، ولاية أمر مرجعية دينية وقيادة سياسية وعلم وقدوة وأسوة وكل ما كان للنبي (صلوات الله عليه وعلى آله) في هذا المجال إلا النبوة، أعطاه للإمام علي (عليه السلام) لم تكن المسألة فقط مجرد قيادة مثل ولاية عهد، لماذا؟ لأن الدولة في نظر الإسلام ليست مجرد تدبير شأن بل هي أيضًا هداية وقيادة، هداية وقيادة، تربية وقيادة وفق الآية القرآنية: (َومِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)[الأعراف:181] هداة في منطقهم، في عملهم، ويعدلون بين الأمة هنا إقامة العدل يعني دولة إدارة وهداية، ترافق هداية وإدارة (أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ).
فلهذا نفهم كم هي قيمة كلمة: (ولي)، هو من يتولى مختلف الشؤون، الشؤون المتعلقة بك في إطار المهمة الكبرى المنوطة بك في مختلف مجالات الحياة وأنت تتحرك. هي نفسها ما أعطاه الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) عليًّا (عليه السلام) يوم الغدير عندما قال: «فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه».

كيف يجب أن ننظر إلى الإمام علي؟

إذاً فعَليٌّ ولايتنا لـه أن ننظر إليه كولي أمرنا، ما هو أمرنا؟ مهامنا في الحياة، مهامنا ونحن نربِّي أنفسنا ونرشدها لنـزكيها، وليس كما يقال: الإمامة رئاسة عامة، أي: إقامة الحدود: نقتُل هذا، ونقطع يد هذا، ونجلد هذا، أليست هذه أوامر؟ الأمر الذي هو وليك فيه هو الأمر الواسع، هي المهام الواسعة في مقام تزكية نفسك، في مقام أداء مسؤولياتك في الحياة، هذه هي الأمور (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) ماذا يعني هنا كلمة (أمر)؟ هل تعني من لم يهتم بأن يأمر المسلمين فإذا لم ينفذوا ضرَبهم؟ هل هي هكذا؟
بأمر المسلمين: بأمورهم التي يجب أن تكون محط اهتمامه، أمورهم تلك المتعلقة بنفوسهم لتزكو، تلك المتعلقة بحياتهم لتُبنى وتعمر على الصلاح والعزة، تلك الأمور التي يجب أن تتهيأ لهذه الأمة وتجتمع عليها لتكون أمة عزيزة قوية، ألم تأتِ هنا: (من لم يهتم بأمر المسلمين) كما نقول: (ولي أمر المسلمين) (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ)[الأحزاب:6] ماذا تعني: (أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ)؟ هل أنك دائماً تتعامل مع نفسك أوامر؟ كيف يتعامل الواحد منا مع نفسه؟ هل أصدرت مرة أمراً على نفسك؟ أمر [اسْرَحْ يا حسين اطلب الله، اسْرَحْ يا حسين إلى السوق] سيقال له مجنون من يتعامل مع نفسه على هذا النحو، أليس كذلك؟
لكن نفسك هذه ما هي؟ ماذا يُراد لها؟ أليس يُراد لها أن تتعلم أن تزكو، أن تنطلق قائمة بالقسط، أن تكون عضواً في حزب الله، أن تكون جندياً من أنصار الله؟ أليست هذه نفسك؟ طيِّب، من الذي سيبنيها على هذا النحو؟ دع النبي ليبنيها على هذا النحو، فهو أولى بك من نفسك؛ لأنك أنت لن تستطيع، لا تملك أيضاً أن تجعل من نفسك هذا الإنسان على هذا النحو (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ?[آل عمران:164] ألم يقل: ?يُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ?؟ يعلمهم ويزكيهم، أليست هذه هي التي تكررت في أكثر من آية: (يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ)[البقرة:129]؟ أي: يعلّم نفسك، يزكي نفسك، يؤهِّل نفسك، يبني نفسك، يثقفها، يُنوِّرُها.

(النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ)

على هذا النحو، هو الذي يتولى بنايتها، وبالطبع أنت إذا لم تدع النبي يتولى هو أن يبني نفسك، ويتولى شؤون نفسك، ليجعل منك عنصراً صالحاً في هذه الدنيا؛ فستصبح ماذا؟ عنصراً باطلاً، عنصر ضلال، عنصراً مُخرِّباً، تكون خبيثاً، أين مكان الخبيث؟ جهنم، أليس كذلك؟ في يوم القيامة: (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ)[الأنفال:37] أليس كذلك؟
أنت في هذه الدنيا إذا لم تجعل وليَّك هو الله ورسوله والذين آمنوا، ووليّك بمعنى تسلّم له نفسك، هو الذي يعلمها هو الذي يزكيها، هو الذي يُؤهِّلُها لتكون من حزب الله، لتكون من أنصار الله (فإنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُوْنَ)[المائدة:56] (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ)[الصف:14] (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ)[النساء:135] فتكون ممن يقومون بالقسط، هو يؤدبك، هو يُربِّيك، هو يثقفك، إذا لم تسلّم نفسك له وتشعر بأنه أولى بنفسك منك، أو أولى بك من نفسك - التعبير متقارب - فستصبح ماذا؟ شيطاناً وضالاً، وفي الأخير تتحول إلى خبيث، وفي الأخير يكون مصيرك جهنم.  
علينا أن نفكر أيضاً فيما جلبه مَن أقصوا علياً والقرآن الذي جاهد من أجله علي، وقُرن به علي، ما جلبوه من وبال وشقاء وفساد على هذه الأمة، وأن نرجع إلى ما قاله الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) في فضل علي؛ لنَدِينَ بالولاء للإمام علي.
الولاء للإمام علي كما يقول الإمام الهادي، هو يعتبره ركناً لا بد منه بالنسبة للإنسان المسلم، لا بد أن يَدِينَ بالولاء لعلي كما نَصّ على هذا في مقدمة (الأحكام) وفي داخل رسائله في (المجموعة الفاخرة).
بل جعل الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) - قبل ذلك كله - حُبَّ علي إيماناً وبغضه نفاقاً، بل جعله قَسِيمَ النار والجنة كما ورد في الأثر، وعندما استبعد بعض الناس أن يكون علي قَسِيمَ النار كيف يمكن هذا؟ فقال أحد العلماء : ألم يقل فيه الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم)  «لا يُحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق»؟ قالوا: بلى. قال: فأين المؤمن؟ قالوا: في الجنة. قال: فأين المنافق؟ قالوا: في النار. قال: إذاً صح أن يكون علي قَسِيم النار  يعني من يبغضه إلى النار ومن يحبه إلى الجنة، أليس هنا يقسم الناس نصفين؟ منافق للنار، والمؤمن لعلي في الجنة.
فلنستلهم من الإمام علي  عليه السلام  الرؤى الحكيمة، التوجيهات الحكيمة في مختلف الميادين، في مختلف المجالات.  
بل نجد القرآن الكريم عندما يحدثنا كيف نكون أنصارًا لدينه هو يؤهلنا في نفس الوقت، بدءًا من توليه هو؛ لأنها ثلاثة أشياء نسير فيها بشكل واع في تولينا، تولينا لله، تولينا لرسوله تولينا للإمام علي.

الولاية هنا امتداد لولاية الرسول

الإمام علي - عليه السلام - ولايته هي امتداد لولاية الرسول قائدًا من بعده للأمة قائدًا، معلمًا، مرشدًا، زعيمًا يعمل على هداية الأمة، يواصل مشوار الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في بناء الأمة، في هدايتها، في إدارة شؤونها، في تطبيق دينها وفقًا لمسؤوليتها العظيمة ودورها العظيم، الإمام علي - عليه السلام - أبلغ الرسول أمته في بلاغه الشهير والذي نحرص من خلال إحيائنا لهذه المناسبة أن نحافظ على ذلك البلاغ ليبقى للأمة عبر الأجيال، شهادة للرسول بالبلاغ وإكمالًا للحجة وإتمامًا لها على الناس، الرسول خطب في الثامن عشر وقال في خطابه المشهور عندما وصل إلى الموضوع المطلوب «يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله» الإمام علي بمؤهلاته الإيمانية والربانية كان هو الجدير بهذا الموقع، كان لديه الكفاءة اللازمة لمسؤولية بهذا الحجم، مسؤولية عظيمة أن يخلف النبي صلوات الله عليه وعلى آله، ويتولى من بعده الموقع الأول في الأمة، هاديًا ومربيًا ومعلمًا وزعيمًا ومرشدًا وبانيًا لهذه الأمة .

محاولات فاشلة

من أغرب الأشياء وكنتيجة لثقافة أصول الفقه التي ضربت جمال اللغة العربية أن يأتي من تربوا على هذه الثقافة ليقولوا - بناء على هذه القواعد - بأن حديث الغدير دلالته على ولاية الإمام علي، على خلافته دلالة خفية؟ لماذا لأن كلمة (مولى تحتمل وتحتمل وتحتمل...) فيتعاملون مع المفردة وحدها متجاهلين ما يحيط بالقضية من عوامل وترتيبات حددت بجلاء لا لبس فيه المعنى المراد، ويتجاهلون كل عمل الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) كل ذلك العمل، وكل ذلك الكلام وكل تلك الترتيبات التي تبين بجلاء المراد من كلامه، يعني في الأخير أننا لم نفهم ماذا يريد؟!.
أليس هذا مما يدل على الإساءة إلى اللغة العربية نفسها، وإلى الرسول؟ يعمل الرسول تلك الأعمال ويعمل تلك الترتيبات ثم يتكلم ذلك الكلام ونحن في الأخير نقول: نحن لم نعلم ماذا تريد؟ أليس هذا معناه؟ إذًا فاللغة هذه ـ حسب قولهم ـ هي لغة لا يصح التخاطب بها، لغة لا أحد من الناس يستطيع أن يفهم الآخر ماذا يريد!.
هي لغة تعتمد على المقامات، تعتمد على القرائن، تعتمد على السياق، تعتمد على أشياء كثيرة تحيط بالموضوع فتقدم المعنى كاملًا وافيًا، وفي أجمل ثوب، وأزهى ثوب.. البلاغة أليس معناها أن يقدم المعنى في ثوب جميل؟ وليس فقط مجرد معرفة المعنى المراد، اللغة العربية تقدم المعنى المراد، بل تستطيع أن تقدمه في أزهى ثوب، بل تستطيع أن تقدمه في أعمق ما يمكن.
أليس القرآن الكريم يقول عنه الإمام علي (عليه السلام) بأنه بحر لا يدرك قعره؟ وهو كتاب عربي، هو بلغة العرب، لكن هذه اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، الذي أصبح بحرًا لا يدرك قعره هي - في نظر أصحاب أصول الفقه - اللغة التي لا يفهم الناس ماذا يريد بعضهم بعضًا عندما يتحدثون بها!.
لاحظ الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أليس أفصح العرب؟ لكن في يوم الغدير نزل من فوق أقتاب الإبل، ونحن لم نفهم ماذا يريد! قالوا: دلالة خفية، ليست قطعية، لماذا؟ لأن كلمة مولى تحتمل عدة معانٍ! ألم تأت هكذا؟.
وهكذا تجد القرآن الكريم مفردات فيه كثيرة جدًّا تحتمل عدة معانٍ، الأحاديث التي وردت عن النبي فيها مفردات قالها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) تحتمل عدة معانٍ! إذًا فالكل دلالته ظنية، والكل خفي، والكل لا أحد يستطيع أن يقطع بالمعنى المراد لله ولرسوله!.
فنفهم في مساجدنا، في مجالسنا عندما يتحدث الناس مع بعضهم بعض ألسنا نفهم؟ هل نحن نلحظ قطعيًّا وظنيًّا ونحن نتحدث مع بعضنا بعض؟ أم أن كل واحد يعرف ماذا يريد الآخر؟ هذا سؤال، عندما يجلس الناس في مجلس كهذا يتحدثون مع بعضهم البعض لفترة طويلة أليس كل واحد يفهم ماذا يريد الآخر؟ هل أنت تنظر إلى عبارة صاحبك بأنها قطعية أو ظنية؟ أم أن هناك أساليب توصل المعنى المراد إلى الإنسان من خلال ما يسمعه، ومن خلال الأجواء المحيطة بالكلام؟.
هكذا أساليب اللغة العربية، أساليب اللغة العربية هي على هذا النحو، يفهم الناس ما كان يريد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) فهي لغة البيان (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ).
ولأنهم عندما يقولون: ظنيًّا هو لأننا لا نستطيع أن نحدد بعد المعنى المراد، ظني يعني يحتمل أن يكون أراد هذا، وأن يكون أراد هذا، وأن يكون أراد هذا المعنى الآخر، فأن نقول: إنه أراد هذا هو مجرد احتمال فقط، إذًا فأن نقول: إنه يدل على هذا مجرد ظنِّ فقط؛ لهذا سمي ظنيًّا.
القرآن هو عربي نزل بلغتنا ونحن في الواقع لا نزال عربًا، لا تزال أساليب الخطاب العربي أكثرها ما تزال قائمة، وإن اختلف التعبير بالمفردات، لكن لا تزال مشاعر وأجواء الخطاب قائمة بين الناس، بل ربما حتى عند غير العرب، الإنسان كإنسان له أسلوب في تخاطبه مع أبناء جنسه، قد يكون متقاربًا، قد يكون شبه واحد في مختلف اللغات وإن اختلفت المفردات.
مع أنه من إيجابية اللغة العربية أن المفردة الواحدة تدل على معانٍ متعددة ويكون السياق هو الذي يحدد المعنى، السياق وظروفه ظروف الخطاب ظروف وواقع الأجواء المحيطة بالخطاب هي التي تحدد حتمًا ما هو المقصود من المفردة، والناس في واقع حياتهم يتعاملون على أساس القطع، هم لا يتعاملون مع ما يسمعونه على أساس الظن، أن دلالته ظنية؛ لأن كل المفردات الآن حتى في واقع حياتنا عندما نأتي إلى خطابنا مثلًا، خطابنا لبعضنا بعض في حياتنا في معاملاتنا في مشاكلنا في أمورنا كلها يبني الناس فيها على أن الخطاب المدلول قطعي، حالات نادرة التي يبنون فيها على أنه ظني، حالات نادرة وإلا فالشخص منا يتكلم وهو مطمئن بأن كلامه قد فهم ولن يختلفوا حول المعنى المراد من كلامه، أو أن هذا الشخص يذهب إلى البحث في قائمة معاني تلك المفردة ليقول فيما بعد: احتمال أن المقصود هذا المعنى، واحتمال أن المقصود هذا المعنى، واحتمال أن المقصود هذا المعنى .

ويقول في الدرس الثالث المائدة:

تجد كلمة (وليّ) في القرآن الكريم استخدمت بشكل كبير في مجال العلاقة فيما بين الله وبين الإنسان وبين عباده بالذات المسلمين لتعبر عن أن مصاديقها متعددة، وليست معانيها - كما يقول البعض - متعددة (مولى) تأتي بمعنى كذا وبمعنى كذا وبمعنى كذا. كلمة (مولى) هي كلمة واسعة مصاديقها متعددة: في ميدان الهداية هو وليك يهديك، في ميدان المواجهة هو وليك يـنصرك ويؤيدك. هكذا المحافظ يعمل مع الرئيس أليس كذلك؟ في ميدان المواجهة اتصال مستمر (ألووو يا فندم) ماذا نعمل؟ كيف نتحرك؟ أليس كذلك؟ في ميدان الثقافة في ميادين أخرى، أليس على اتصال مستمر به، هو وليه يستمد منه كذا، ويتلقى منه كذا، ويتحرك على وفق ما يرشده إليه، وليست فقط على نحو ما نتصور هكذا كنظرة الشخص منا للعلاقة بينه وبين الرئيس، القضية الآن معروفة؟

فلهذا نفهم كم هي قيِّمة كلمة: (وليّ) هو من يتولى مختلف الشؤون، الشؤون المتعلقة بك في إطار المهمة الكبرى المنوطة بك في مختلف مجالات الحياة وأنت تتحرك، هي نفسها ما أعطاه الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) عليًّا  عليه السلام  يوم الغدير عندما قال: «فمن كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه» فيأتي بعد من لا يفهم فيقول: لماذا لم يقل: (خليفتي)؟ نفهم السلطة، نفهم العلاقة على أضيق نطاق، نفهمها ضيقة جداً، نفهمها من خلال ما فهّمنا الخلفاء الجبابرة والسلاطين الجبابرة عن العلاقة بيننا وبينهم، ومن خلال ما فُهِّمنا فعلاً من داخل كتب (عِلم الكلام) وكتب (عِلم أصول الفقه) تجعل علاقتي بالله كعلاقة أيّ واحد منا بـ(علي عبد الله).
انحططنا بشكل رهيب، أضعنا مسؤوليتنا، فلم نعد نعرف ما هي العلاقة بيننا وبين الله؛ فنرى كم هي متشعبة، ثم نرى كم هي واسعة، ثم نرى كم شؤونها متعددة، أو أن الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ما كان يفهم ما كان يعرف كلمة (خليفة) وكلمة (سلطان) وكلمة (مَلِك) وما كان يسمع هذه ولا يعرفها؟ هو يعرف، لكنه يريد أن يقول: أنت أيها الإنسان خليفة لربك في هذه الأرض، أنت أيها المسلم، أنت أيها العربي المسلم مَنُوطةٌ بك مهمة كبرى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)[آل عمران:110] أليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إطـارًا واسعًا جداً جداً؟ يشمل كل مجالات الحياة، يشمل كل المجالات: ونحن نتجه إلى الإنسان لنبنيه، كيف نربيه، كيف نثقفه، كيف نعلمه، كيف نصنعه، ويشمل كل مجالات الحياة، ونحن نبنيها (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)[آل عمران:110] إذاً المسألة ليست مسألة تسلط، بل مسألة هداية، الله يصف نفسه بهذا.
أليس الله سبحانه وتعالى وهو يهدينا ويرشدنا داخل كتابه الكريم يصف نفسه بالرحمة، أم أنه يصدر إرشاداته بشكل قوانين بشكل مرسوم ملكي، أو قرار من رئاسة الجمهورية: (مادة اثنين يعمل به من تاريخ صدوره، وينشر في الجريدة الرسمية)؟ أليس يصدر هكـذا، أم أنه يقول: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، حم ، تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)[غافر:1،2] (تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)[فصلت:2]
(هُدَىً لِلنَّاسِ)[البقرة:185] (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَـعَ رِضْوَانَهُ سُبُـلَ السَّلاَمِ) [المائدة:16] (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)[الأنبياء:107]؟
ما هذا؟ منطق ماذا؟ منطق ولي، لا ينظر إليك نظرة تسلط وتجبُّر وهيمنة على النحو الذي تفهمه أنت من خلال علاقتك برئيس أو بملك من زعماء الدنيا، ليس على هذا النحو. أليس الله هو من يعرض كيف يحسن إلينا؟ (وَمَا بِكُم مِن نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ)[النحل:53] (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)[لقمان:20] أليس هو من يُدَللنا ويسير بنا على نحو معين؛ لننطلق في السير على صراطه المستقيم؟ وهو يلفنا برحمة وبرفق ولين، هَلُمّ إلى هنا إلى الصراط المستقيم، تكاد - وأنت تتأمل - أن تنسى أن الله يتعامل معك كملك على النحو الذي أنت تفهم من خلال تعامل زعماء الدنيا معك.
(وليّ) يرعاك، يدبِّر أمرك، يهمه أمرك، يحرص عليك، يرحمك، يرفق بك، لا يريد أن تضل، لا يريد أن تشقى (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ)[آل عمران:108] وهكذا كان رسوله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) وهكذا العلاقة مع رسوله، وهكذا العلاقة مع علي بن أبي طالب  عليه السلام .
إذاً فعَليٌّ ولايتنا لـه أن ننظر إليه كولي أمرنا، ما هو أمرنا؟ مهامنا في الحياة، مهامنا ونحن نربِّي أنفسنا ونرشدها لنـزكيها،»  

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر