في (الدرس السابع) من دروس رمضان يقول الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه
(وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّى)[البقرة: من الآية125] أمر من الله لما لهذا من أثر نفسي، ولما لهذا من ربط تاريخي، ربط روحي، هذه قضية هامة، استشعار وحدة المسيرة الإلهية، وأن تبقى آثار من آثار إبراهيم، مقام إبراهيم لا يزال باقياً تصلي بالقرب من ذلك المكان، يربط مشاعرك بإبراهيم، هذا يلهم فيما يتعلق بماذا؟ بالاقتداء، فيما يتعلق بالسلوك؛ لأن قضية الآثار، الآثار الدينية التي تمثل معلَما من معالم مسيرة الدين يكون لها أثرها الروحي في الناس.
هذا يبين أهمية الآثار، المعالم الدينية فيما تتركه من أثر في النفوس، والأعداء يفهمون هذه؛ لهذا حاولوا في كثير من الآثار الدينية، في مكة والمدينة أن يجردوها تماماً من أي شكلية يجعلها توحي بهذا الشكل، مسجد معين يحولونه، ويغيرونه إلى نمط جديد من البناء فلا تعد ترى فيه أي أثر إلا أنه بني في عام ألف وأربعمائة وكذا! أعني قبل عشر سنين ثمان سنين لم تعد الآثار الإسلامية باقية .
كان المفروض حتى مسجد رسول الله (صلوات الله وعلى آله) يحافظون عليه بشكليته، يحافظون على نمط المدينة بشكليتها، يعملون لهم عمراناً خارج محيط هذه، ويجعلونها منطقة غير قابلة إلا فقط للترميم على نفس النمط، كما يعملون هم بماذا؟ بآثارهم هم: آل سعود، قصر (الديرة) في الرياض تراه (يملجونه بطين) ويتركون بابه على ما هو عليه، بنفس النمط الذي هو عليه من يوم أن اقتحمه (عبد العزيز)، لأن عبد العزيز اقتحمه وقتل الأمير الذي كان فيه .
تلاحظ كيف كانت فعلاً قضية تؤكد: بأن الأشياء التي تعتبر من الأساسيات في معتقدات الوهابية: نسف الالتفاتة الدينية لآثار إسلامية، أو معالم دينية، يقولون: (شرك!) أن هذه فعلاً عندما تقرأ كتب محمد بن عبد الوهاب، وتنظر فعلاً إلى رؤية المستعمرين، رؤية المحتلين، رؤية الأعداء الذين يحاولون أن يزيلوا الأشياء التي هي آثار تشد الناس إلى تاريخهم الديني إلى بداية حركتهم في الإسلام تجد أنها واحدة كلها.
يحاولون أن يغيروا معالمها مهما أمكن، يغيرون معالمها تماماً، ولا يتركونك ترى الكثير منها ليخلقوا فراغاً روحيًّا عند الناس، فراغاً روحيًّا ينسف ذلك التأثر الذي ماذا؟ له قيمة إيجابية، وتربطك بتاريخك الديني.
عندما تدخل المدينة وكأنك عدت إلى القرن الأول ترى مسجد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ترى الأشياء وكأنك سافرت إلى ما وراء ألف وأربعمائة سنة، أليس الأثر سيكون كبيراً في النفس؟ هم يعرفون أهمية التراث؛ ولهذا عندهم قضية هامة موضوع التراث، لكن التراث الجاهلي يهتمون به أما التراث الديني يحاربونه، كلهم يحاربونه، كلهم يحاربونه، الأعداء، ومذهب من داخل الأمة تقوم عقائده على نسف معالم الدين، وآثار الدين ! حتى أنهم حاولوا في مرحلة من مراحل حركتهم الوهابيين أن يدمروا قبة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)!
يحاولون في ترتيبات بناء المسجد، وزيارة قبر رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أن تكون بالشكل الذي لا تتمكن أن تراه، أو تستحضر في ذهنيتك: أن هناك داخل هذا المبنى رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) فقط ممر واحد، وممر ضيق، ومجموعة من المطاوعة، والجنود يدفعونك: (هيا، تحرك!) باب واحد تدخل من باب، وتخرج من باب بسرعة (هيا بسرعة) لا يتركونك تلتفت لشيء، لا يتركونك تبقى تستحضر في ذهنيتك، تعود إلى ما قبل ألف وأربعمائة سنة أبداً!.
ألم يكن بالإمكان أن تكون الزيارة ممرين؟ كان بالإمكان أن تكون ممرين، لكن لا، ممر واحد فقط وبسرعة هيا! محراب النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) يضعون فيه مجموعة كراسي، يملؤونه بالكراسي لا يتركونك تجلس فيه، أو تصلي فيه كل هذه الأشياء (بدعة، شرك، هيا، لا تلمس شيئاً) عندما تلمس شيئاً يبدو وكأنك تلمس شيئاً يعود بذهنيتك إلى قرون من تاريخ الأمة هذه يقول لك: ممنوع! وبطريقة وقحة، بعض المطاوعة يركلون الناس بأقدامهم، يركلونهم فعلاً، يدفعونهم، ويركلون بعضهم، ويضربونهم، والبعض يقودونه إلى السجن؛ لأنه حاول أن يلمس قبة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) ويقبِّلها! لكن اذهب لتقبِّل جنب الأمير لا يوجد مانع، قبَّل جنبه، قبّل يده وهو حتى لا يبادلك التقبيل يبقى واقفاً وهم يقومون بتقبيله في جنبه، أو يقبِّلون يده فقط، وهو لا يبادلهم، ويتبركون بهذا، وتراهم يذهبون لهذا! لكن رسول الله ، لا، ممنوع! .