قال الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" في القرآن الكريم:
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}[الأحزاب: 23]
صَدَقَ اللهُ العَلِيُّ العَظِيمُ.
استهدف العدو الإسرائيلي ورشةً لحكومة التغيير والبناء في يوم الخميس الماضي، وأسفر هذا الاعتداء عن استشهاد مجموعةٍ من الوزراء والعاملين في الحكومة، وقد تمَّ الإعلان عن ذلك بالأمس، وأعقبه البارحة كلمة للأخ الرئيس "حفظه الله"، وهي معبِّرةٌ عن الموقف الرسمي والشعبي بما فيه الكفاية، وكلمتنا هي لرعاية حرمة ومقام الشهداء العظيم؛ لنساهم في الحديث عن ذلك، ومن باب التأكيد أيضاً على الموقف.
وفي البداية نتوجَّه بخالص العزاء والمواساة لكلِّ أسر الشهداء وذويهم، ولكلِّ رفاقهم في المؤسسات الرسمية في الدولة، ولشعبنا العزيز، فهم شهداء اليمن كلِّ اليمن.
والشهداء- كما يتَّضح- هم من الحكومة، وزراء يعملون، وكل قائمة الشهداء هي من الوزراء العاملين في المجالات المدنية، والعدو الإسرائيلي بإجرامه ووحشيته، يستهدف حتى الأطفال والنساء، والمدنيين العُزَّل من السِّلاح؛ ولـذلك تضاف هذه الجريمة في الاستهداف لوزراء وعاملين مدنيين إلى رصيده الإجرامي في المنطقة بكلها، رصيده الإجرامي الرهيب الفظيع وهو يقتل أبناء الشعب الفلسطيني، وفي لبنان، في سوريا، في العراق، في إيران... في مختلف أقطار هذه الأُمَّة، فهو عدوٌ مجرم، يثبت وحشيته، وإجراميته، وعدوانيته، بكل ممارساته الإجرامية التي لا ينضبط فيها بأي ضوابط، ولا التزامات، ولا مواثيق، ولا اعتبارات.
هذا يؤكِّد أهميَّة الموقف اليمني، الموقف الواعي، المستبصر، الموقف المستند إلى الثوابت والقيم والأخلاق الإنسانية والدينية، وهو موقفٌ مسؤولٌ بكل ما تعنيه الكلمة؛ لأن العدو الإسرائيلي المتوحِّش المجرم يشكِّل خطراً على الأُمَّة بكلها، وما يفعله يومياً في فلسطين، وفي قطاع غَزَّة من جرائم رهيبة جدًّا، لابدَّ تجاهها من موقف، هذا الموقف انطلق فيه شعبنا العزيز:
- باعتباره جهاداً في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وابتغاءً لمرضاته.
- وباعتباره من أهمِّ المسؤوليات الدينية والإنسانية والأخلاقية.
ونحن نعي أنَّ الجهاد في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وأنَّ الموقف الحق، وأنَّ القضية العادلة حينما نتحرك من أجلها، لابدَّ في ذلك من التضحية.
هذه التضحية الكبيرة في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" لن تؤثِّر على موقف بلدنا لا رسمياً ولا شعبياً، لن تؤدي إلى التراجع، ولا إلى الضعف، ولا إلى الوهن؛ إنما تزيدنا التضحية في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" ثباتاً، وعزماً، ويقيناً، وصموداً، وتماسكاً، وهي- كما قلنا- جزء من الجهاد في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".
من اليوم الأول، الذي أعلن فيه بلدنا موقفه المشرِّف، المسؤول، العظيم، في نصرة الشعب الفلسطيني، كُنَّا نوطِّن أنفسنا على التضحية في سبيل الله تعالى، وندرك- في نفس الوقت- أهميَّة هذا الموقف، وعظمته، وشرفه، وضرورته، وأنَّه لابدَّ منه، لابدَّ منه بكل الاعتبارات:
- باعتبار المسؤولية الدينية والإنسانية والأخلاقية.
- وباعتبار أيضاً المصلحة الحقيقية لبلدنا وأمتنا.
لابدَّ منه في أن نكون أحراراً، وأن نحافظ على حُرِّيَّتِنَا؛ لأن المخطط الصهيوني هو لاستعباد هذه الأُمَّة بكلها، وهذا ما لا يمكن أن يقبل به يمن الإيمان أبداً، يمن الإيمان الذي آمن بأنه (لا إله إلَّا الله)، وأننا لا نقبل بأن نكون عبيداً إلَّا لله ربنا "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، والمخطط الصهيوني- بلا شك- هو مخطط استعباد واستباحة، استعباد واستباحة لهذه الأُمَّة، وهذه حقيقة مؤكَّدة، ليست مبالغةً في الكلام، ولا تعبيراً عن حالة انفعالٍ أو سخط، بل هي نطقٌ بحقيقةٍ ثابتةٍ لا شك فيها.
نحن نعرف المخطط الصهيوني، ونعرف ما يستند إليه من: معتقدات، وثقافة، وأفكار، تُدَرَّس في المناهج الصهيونية اليهودية، في الجامعات والمدارس، وتبنى على أساسها: المواقف، والسياسات، والتوجهات، وبُنِيَ على أساسها الكيان الصهيوني اليهودي من يومه الأول، هو مبنيٌ على أساس تلك المعتقدات، ولتنفيذ ذلك المخطط، الذي يهدف إلى: الاستباحة، والسيطرة، والاستعباد لهذه الأُمَّة.
فنحن في أقدس معركة، وأعظم موقف، تطيب فيه التضحيات، لا نعتبر التضحيات فيه خسائر ضائعة، بل نعتبر كل ما قدَّمناه في إطار هذا الموقف، هو في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، وخيرٌ مما يمكن أن يخسره الآخرون، مما هو خسائر حقيقية لا ثمرة لها، ولا نتيجة لها، ممن قَبِلوا بمعادلة الاستباحة، وقَبِلوا بالاستعباد والخنوع للعدو الإسرائيلي، فيَقْتُل منهم، ويستبيحهم، ويحتل أوطانهم، ويعمل فيهم ما يشاء ويريد دون أي رد فعل، ولا أي موقف، ولا أي موقف.
أمَّا ونحن في إطار الموقف العظيم المشرِّف، في إطار الاستجابة لله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، في إطار الجهاد في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، فنحن في الموقف الذي لكل تضحيةٍ فيه قيمتها عند الله، وأثرها العظيم في نصرة القضية، في دعم الموقف، في تحقيق نتائج مهمة في المعركة؛ ولـذلك نحن نعتبر كلَّ ما نقدِّمه في سبيل الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" أنه ليس خسارةً؛ لأنه مُقَدَّمٌ إلى الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"، نحظى في مقابله برعايةٍ من الله، بمعونةٍ من الله، بنصرٍ من الله.
ولـذ [الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي
في استشهاد رئيس حكومة التغيير والبناء وعدد من رفاقه الوزراء
الخميس: 5 ربيع الأول 1447هـ 28 اغسطس 2025م