مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

فهد شاكر أبوراس
بينما تهدأ أصوات المدافع في جبهةٍ ما، أَو تتصاعد في أُخرى؛ تستعد جيوشٌ خفية لمعركتها الكبرى.. إنها معركةٌ تُشنُّ على العقل والقلب، وتستهدف المائدة العائلية والشاشة الصغيرة، وتضرب في عمق اليقين والأحلام.

أنتَ لستَ في مواجهة جيش تقليدي يحمل راياتٍ معروفة، بل أمام عدوٍّ خفيٍّ يتحضَّرُ لإطلاق عاصفة نفسية هي الأكثر تعقيدًا وشراسةً في عصرنا؛ إنه يستعدُّ الآن، بينما قد يظن البعضُ أن الهدوءَ نصرٌ تام.

 

من الدعاية الخشنة إلى الهندسة الاجتماعية

هذا ليس مُجَـرّد تحذير، بل هو ناقوسُ خطر يعلن أن خط الدفاع الأول عن وجودنا لم يعد مرابطًا عند الحدود الجغرافية فحسب، بل صار ممتدًا داخل كُـلّ بيت وعقل وضمير.

لقد تخطت الحربُ النفسية مفهوم "الشائعات العابرة" أَو "الدعاية الخشنة"، لتنتقل إلى مرحلة أكثر خطورة هي "الهندسة الاجتماعية الشاملة".

ما ينتظرُنا ليس تكرارًا للماضي، بل هو هجوم مبرمج يُصمم بواسطة خوارزمياتٍ تعرف الفرد أكثر مما يعرف نفسَه.

والهدف بوضوح هو: تفكيك الجبهة الداخلية من الداخل؛ عبر تحويل الأخ ضد أخيه، والجار ضد جاره، والمثقف ضد مقاتل الميدان.

سيغرسون الشك في قدسية التضحية، ويصوّرون البطولة حماقةً، والعزيمة عنادًا أعمى، مستخدمين تقنيات "التزييف العميق" (Deepfake) لصناعة أحداثٍ لم تقع، وإخفاء انتصاراتٍ حقيقية خلف أبطال وهميين.

 

سلاح "تضخيم اليأس" واستهداف الفئات الهشَّة

سيكون سلاحهم الرئيسي هو "تضخيم اليأس"؛ بإقناعك أن المعركة خاسرة سلفًا، وأن العالم قد تخلى عنك.

سيتسلل هذا الإعلام المضلل عبر قنوات تبدو "محايدة" أَو "ودودة"، ومن خلال صفحات تظهر التعاطف لتنفث سمومها بنعومة، مقدمةً الشائعات في قوالب "تحليلات مستقبلية" أَو "تسريبات خَاصَّة".

 

مخطّط يستهدف فئتين:

الشباب: بمشاعرهم المتقدّة؛ لإقناعهم أن مستقبلهم قد سُرق؛ بسَببِ خيار المقاوَمة.

النساء: عبر التلاعُب بمخاوفهن الطبيعية على الأُسرة، لتحويل الغريزة الحانية إلى أدَاة ضغطٍ نحو الاستسلام والرضوخ.

إنهم يدرُسون ثقافتَنا وعاداتِنا ونقاطَ ضَعفنا المجتمعية بدقة، ويستثمرون الملايين في مختبرات التأثير النفسي، بينما قد نغفل نحن عن تحصين "منازلنا العقلية".

خريطة النجاة: كيف نبني المناعة؟

أمامَ هذه العاصفة، تصبحُ اليقظةُ هي خط الدفاع الأول.

لا تنتظرُ العاصفة حتى تصل، بل ابدأ بالتحصين الآن عبر التمسُّك بقواعد "التثبت الذهني":

المساءلة الواعية:اسأل دائمًا: من المستفيد من هذه الرسالة؟ وما الهدفُ العاطفي الذي تحاولُ إثارتَه في داخلي (شك، خوف، إحباط)؟

مطرقة التثبت:علّم أبناءَك ألَّا يكسروا جدار الثقة المجتمعي بنشر أخبار غير موثوقة؛ فكل خبر يسرق الأمل هو سلاحٌ موجَّهٌ إليك.

شبكة الوعي الجماعي:لا تكن حارسًا وحيدًا؛ تواصل مع محيطك، واشترك معهم في رفض تداوُل المعلومات المجهولة.

ملء الفراغات النفسية:الحرب النفسية تبحثُ عن النفوس الفارغة؛ فاملأ فراغَك بالإيمان، والقراءة النافعة، والعمل المنتج، والتطوع لخدمة المجتمع.

 

خاتمة

التاريخ يشهد أن الأممَ التي انتصرت في الحروب النفسية لم تكن دائمًا تلك التي تمتلك أحدث التقنيات، بل هي التي امتلكت أقوى "المناعات الأخلاقية" والوعي الجماعي الصُّلب.

الخطر القادم حقيقي، لكنه يتلاشى أمام إرادَة شعبٍ يدرك حقيقته ويتوكل على القوي المتين.

المستقبل سيكتبه الأحرار الذين رفضوا أن يكونوا مُجَـرّد "أرقام" في خوارزميات العدوّ.

ابدأ الآن في تحصين نفسك وبيتك؛ فهذه ليست نصيحة عابرة، إنما هي خريطة نجاتنا الجماعية من عاصفة لا ترحم الغافلين.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر