مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (البقرة:248). فيكون فيه طمأنينة لأنفسهم.


إذاً تحركوا بعد، القليل ألم يقل: {تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً} (البقرة: من الآية246). بعد ذلك تحرك القليل هؤلاء، وهم آلاف. أي لا يزالون كثيراً الذين تحركوا كما في بعض التفاسير وليسوا إلا قليلاً ممن قعدوا، أي احسب عشرات الآلاف جلسوا {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ} (البقرة: من الآية249). تحرك باتجاه ميدان المعركة مع العدو، هذا القائد اصطفاه الله. لاحظ كيف ترتيباته القيادية {قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً} (البقرة: من الآية249).


لاحظ القليل لم يخرج منهم إلا قليل، أعني: هو نفس طالوت قائد يعرف مجتمعه، ويعرف المواجهة مع العدو تتطلب أناساً ثابتين، وأنه عندما يكون هناك أكثرية، هو يعرف أنهم قد ينهزمون فيشكلون هزيمة منكرة، تكون العاقبة سيئة أسوأ مما هم فيه، هو قائد ثابت لأنه لاحظ ترتيبات العدو هناك هي مبنية على أساس عشرات الآلاف من بني إسرائيل، لأنهم ذهبوا كبار بني إسرائيل أي: المجتمع كله معناه، أليس العدو هناك سيهيئ نفسه لأن يكون بالشكل الذي يواجه مجتمع بني إسرائيل؟ وإذا بنوا إسرائيل أول أكثرية منهم تنفصل، ثم ثاني أكثرية منهم تنفصل، بقي القليل في مواجهة جيش هو في إعداده وعدده مرتب نفسه لمواجهة عشرات الآلاف.

لكنه قائد ثابت، قائد ليس عنده تراجع بعدما رأى أول أكثرية، ثم بعدما شربوا من النهر، لم يبق إلا عدد قليل، يقولون بأنهم فقط ثلاث مائة شخص وقليل! وهناك جالوت، الملك نفسه، أن يقود الملك المعركة يعني: معركة هامة وعندما يخرج الملك يعني: يخرج بكامل ما لديه من عدة، وعتاد، وجنود. هنا هذا القائد ما تراجع يقول: [إذاً ما دام قد رجع الكثير وأمامنا العدو كثير إذاً سنعود] لا. إتجه.


{فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} (البقرة: من الآية249). والآخرين ظهروا أنهم ليسوا مؤمنين في الأخير، ألم يظهروا أنهم ليسوا مؤمنين؟ الذين تراجعوا من البداية، والذين تراجعوا عندما شربوا من النهر. {فَلَمَّا جَاوَزَهُ} جاوز النهر {هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} (البقرة: من الآية249). لأنه قد القضية كبيرة أمامهم، والمؤمنون عادة يتفاوتون في درجات الإيمان، يتفاوتون لكن هذه نوعية قد هم يعتبرون راقين جداً، هم قالوا العبارة هذه لكن في الأخير عندما قال الآخرون منهم الذين حكى عنهم هنا: {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ} (البقرة: من الآية249). مستشعرين لقاء الله، ويعرفون أهمية العمل أنهم في سبيله، وأنه لا بد أن يموتوا إذا لم يقتلوا سيموتون.

{قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} (البقرة: من الآية249). هم ذكروهم هنا بقضية ثابتة في التاريخ {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً} (البقرة: من الآية249). أي لا تقاس المسألة بالأرقام، بحيث لا بد أن يكون عددنا كعددهم، أو يكون عتادنا بالكامل كعتادهم {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (البقرة: من الآية249). إذاً اتجهوا ألم يكفهم كلمة؟ كفاهم كلمة واتجهوا.


{وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ} (البقرة: من الآية250). من برز الآن؟ قليل من قليل من قليل! أليسوا الذين برزوا الآن أمام الملك وجنوده؟ {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (البقرة:250). إنقطاع إلى الله بمشاعرهم، بنفسياتهم، وثقة بأن الله مع الصابرين. هذه تمثل وعياً إيمانياً.
لاحظ الإنسان يجب مهما كان مؤمناً يعرف بأنه إنسان يجب أن يكون مستمداً قوته من الله، لا تركن على مجرد إيمانك أنك عندك طاقة من الصبر، أنت .. أنت .. استفرغ الصبر من الله {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً}
(البقرة: من الآية250). مثلما تقول: [صب صبوب علينا صبراً] {وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (البقرة: من الآية250) {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ} (البقرة: من الآية251).

كيف كانت النتيجة؟ {فَهَزَمُوهُمْ}. هزموا جالوت وجنوده بإذن الله {وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ} (البقرة: من الآية251). وداوود هو واحد من الجنود في ظل قيادة طالوت كانت قضية عجيبة هذه، قضية عجيبة، وتعطي الناس أملاً كبيراً فيما إذا كانوا صادقين مع الله، أنه قد يأتي النصر في الظروف الحرجة هذه، بالشكل الذي يخزي العدو ويخزي المتراجعين في وقت واحد، كيف ستكون نفسيات الناس الذين رجعوا من البداية؟ {تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ}.
الناس الآلاف الذين رجعوا من عند النهر بعدما شربوا، ورجعوا، وإذا أمكن واحد من الجنود أن يقتل جالوت الملك نفسه! وقالوا بأنه قتله بحجر، رماه بحجر قتله فانهزم جنوده {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ}
(البقرة: من الآية251). أليست هذه تعتبر خزي للمتراجعين! أليس هذا يعتبر خزياً بالنسبة للعدو نفسه؟ يعتبر مثلا أعلى في أهمية أن يكون الناس متوجهين في سبيل الله، لأن هذا هو مثل لهذه من البداية. وتجد كيف كلامهم كله، أليس هو كله مرتبطاً بالله؟. لا يوجد فيه أي عبارة حول موضوع الوطن نهائياً.
عندما تراجع الكثير منهم بعد النهر، وناس منهم قالوا: {لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ}
(البقرة: من الآية249). كيف كان خطاب الآخرين؟ أليس خطاباً إيمانياً يذكرهم بالله، وبسنة إلهية معروفة في تاريخ البشر {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (البقرة: من الآية249). لا يوجد كلام أخر.

تلاحظ هنا مواقف الدعاء، ومواطن الدعاء متى تكون؟! في ميدان المواجهة، في الميدان العملي، أن تدعو الله، كيف كان دعاؤهم هنا؟ أليس دعاءً لأنفسهم هم؟ أعني: القصة هذه تكشف لك مشاعر هؤلاء وثقافتهم، ومفاهيمهم الدينية، نفس القصة هذه هم دعوا الله بالنسبة لأنفسهم: أن يفرغ عليهم صبراً، وأن يثبت أقدامهم، وأن ينصرهم على القوم الكافرين، هل قالوا: اللهم دمرهم؟ يقول: طالوت إذاً ما دام أنه لم يبق إلا نحن، ونحن عدد قليل سندعو عليهم من على شاطئ النهر: اللهم دمرهم، اللهم أهلكهم!. برزوا ومع المواجهة دعوا لأنفسهم؛ لأنهم يعرفون في سنة الله سبحانه وتعالى أنه إذا ما كان المقاتلون في سبيله مستبصرين، وثابتين، أن موضوع العدو محسوم أنه يهزم. وذكر بهذه في أكثر من آية في القرآن.
من العجيب أنه قام لبني إسرائيل بعد العملية هذه ـ لاحظ كيف قليل من قليل من قليل ممن كانوا ثابتين، وفي سبيل الله، وقيادة سبيل الله، لا بد أن تكون قيادة سبيل الله مساوية لهذا العنوان الكبير، تكون مساوية لهذا العنوان الكبير، أعني: قيادة اصطفاها الله، قيادة مصطفاة من جهة الله ـ بعد هذه ينتهي جالوت ودولته بكلها. وتقوم لبني إسرائيل أهم مملكة في تاريخهم بسبب هؤلاء العدد القليل.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم


ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي / رضوان الله عليه.

الدرس العاشر – من دروس رمضان.
بتاريخ: 10 رمضان 1424هـ
الموافق: 4/ 11/2003م
اليمن ـ صعدة
.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر