اليوم بقدر ما يتمكن أعداء الأمة من إبعادها عن مبادئها خصوصاً المبادئ المهمة الضامنة الحيوية في واقع الأمة التي تضمن للأمة الاستقلال والقوة، فالشكليات يمكن أن تخترق وأن تحتوى وأن تفرغ من تأثيرها، لكن المبادئ المهمة، والرئيسية والحيوية التي يتحقق بها استقلال الأمة، قوة الأمة، العدل في الأمة، الخير في الأمة، كل المبادئ التي لها أهمية في قيام الأمة، وإقامة الدين بكله، هذه المبادئ تستهدف، القيم المهمة تستهدف بشكل كبير جدًّا.
اليوم نرى أن هناك كثيراً من القيم الإيمانية، والقيم الإسلامية غائبة إلى حد كبير في أوساط الأمة، وغيابها نتج عنه فراغ كبير، مساحة كبيرة يستطيع العدو أن يتحرك فيها، يستطيع الصهيوني اليهودي يستطيع الأمريكي يستطيع أي ضال أو مفسد أو طاغية في العالم أن يجد أمامه بيئة مفتوحة.
الذي يحصن الأمة ويبني الأمة يحافظ على كيان الأمة كياناً متماسكاً كياناً عظيماً كياناً قوياً هو تلك المنظومة من المبادئ والقيم والأخلاق وفي مقدمتها وعلى رأسها المبادئ الحيوية المبادئ المهمة فمبدأ الولاية هو منظومة، هو ارتباط قيمي، ارتباط مبدئي، ارتباط أخلاقي، ارتباط منهجي، ارتباط عملي، التزام عملي يمسك الأمة من هذا البعثرة، من هذا التفكك، من هذا الضياع، من هذا الشتات.
اليوم هناك فراغ كبير في واقع الأمة الملايين في الأمة ذهنياتهم فارغة، من يأتي يحشوها بأي حشو يريد، يأتي الأمريكي يحشوها، يأتي الإسرائيلي يحشوها، يأتي من هب ودب كل يؤثر كل يشتغل في هذه الساحة.
نحن طالما نتألم، نعبر عن أسفنا من هذا الواقع المرير في العالم الإسلامي هذه الأمة التي يفترض أنها أمة النور، أمة القرآن، أمة الهدى، التي يفترض أن لديها من النور ما يحصنها من كل الظلمات، من الحق ما يحميها من تأثير الباطل، من القيم والأخلاق ما يجعل منها أمة عظيمة متميزة بتلك، هي اليوم بيئة مستهدفة مفتوحة وفيها فراغ كبير، قيم كبيرة غائبة أفسحت مجالاً للأعداء أتوا ليضعوا بدلاً عنها أباطيلهم ليضعوا بدلاً منها سمومهم التي تدمر الأخلاق، تدمر القيم، تدمر حتى الفطرة الإنسانية.
وهكذا قدمت هذه القضية المهمة للأمة بهذا الوضوح الذي لم تشهده أي قضية أخرى بدءًا بلهجة الآية ومرورًا بالترتيبات التي قدمها النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) والتي تبين للأمة عظم هذه المسؤولية وخطورة التفريط فيها. ثم يختتم الله هذه المراسيم العظيمة بقوله سبحانه وتعالى(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا). [المائدة: 2].