بقي النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- يتحرك في مجتمع مكة، ويدعوهم إلى الله “سبحانه وتعالى”، ولكن ارتباطاتهم بزعمائهم وقادتهم الطغاة المجرمين، الذين يرون في هذا الإسلام وفي هذه الرسالة الإلهية حداً من نفوذهم، ومنعاً لسيطرتهم واستغلالهم واستعبادهم لذلك المجتمع، فارتباط ذلك المجتمع بأولئك القادة والزعماء الطغاة، أعاق أكثرية ذلك المجتمع عن تقبل هذه الرسالة وعن الإيمان بها، فبعد فترة زمنية طويلة بذل الرسول -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله- فيها أقصى جهد في العمل على هدايتهم، وبحرص كبير جدًّا على هدايتهم، لدرجة أنَّ القرآن كان ينزل لمواساته في ذلك: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}[الشعراء: الآية 3]، {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}[الكهف: الآية 6]: هوِّن عليك، لا تهلك نفسك غماً وحزناً عليهم لماذا لم يقبلوا هذه الرسالة الإلهية العظيمة.
رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- كان يحرص على هدايتهم، وكان يتألم؛ لأنه يدرك عظمة هذه الرسالة، التي قال الله عنها في أهم ما تضمنها وهو القرآن الكريم: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}[الزخرف: الآية 44]، كان بإمكانهم أن ينالوا شرفاً عظيماً، وفضلاً كبيراً، لو قبلوا هذه الرسالة الإلهية وآمنوا بها، وكانوا النواة الأولى لحمل رايتها، ولكن أكثريتهم لم يقبلوا، ولم يسلموا، ولم يقتصر ذلك على هذا المستوى فحسب: على مستوى الرفض للإيمان وعدم الاستجابة، بل تحركوا كضد لهذه الرسالة، وكأعداء لهذه الرسالة، وكأعداء لرسول الله -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله-، بعد أن صبر فترةً طويلة على تكذيبهم، على تعنتهم، على جدالهم، على أساليبهم في إطلاق الدعايات المتنوعة ضد هذه الرسالة وضده -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله-، ويأتي القرآن لتصبيره: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ}[القلم: من الآية 48]؛ حتى لا يستعجل، ويواصل مشواره فيهم أكثر حتى يأتي الإذن الإلهي، الذي أتى فيما بعد، عندما أتى قوله “سبحانه وتعالى”: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ}[الذاريات: الآية 54].
[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي
بمناسبة الهجرة النبوية 1442هـ