{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (البقرة: 286) هذا مما يؤمن به المؤمنون من أن الله سبحانه وتعالى فيما أنزله إلى رسله، فيما دعا إليه رسله، فيما قالوا فيه وله: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} كله تشريع كله هداية فيها سعة لنا ونحن نتحرك فيها، ونحن نلتزم بها، ليس فيها تكليفات لا نطيقها، ليس فيها تشريعات لا نطيق أن نتحملها كلها مما هي في وسعنا أن نعملها وأن نلتزم بها، وسنعرف هذه. وهذه قضية مهمة يجب أن نعرفها لأننا أصبحنا الآن في واقعنا ننظر إلى كثير من تشريعات الإسلام ونعدها في قائمة المستحيلات، منها توحد الكلمة، منها الجهاد في سبيل الله، منها العمل على إعلاء كلمة الله، منها العمل على إقامة دولة الإسلام، كل هذه في قائمة المستحيلات. المؤمنون يرون أن كلما أوجبه الله عليهم، كلما دعاهم إليه، كلما شرعه لهم، كلما هداهم إليه كله {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} داخل هذه الدائرة، ولكن بجهلنا نحن، نحن الذين صنفنا مجموعة كبيرة من هدايته من تشريعاته المهمة في قائمة تكليف ما لا يطاق، في قائمة المستحيلات، في سجل الغائبات، أليس هذا ما هو حاصل؟.تحصل هذه عند من ينظر إلى الدين في مهمته في الحياة نظرة تجزيئية، لي وحدي، ولك وحدك ولهذا وحده إلى آخره. أنظر إلى الدين كدين للأمة وأنك واحد من بناء هو صرح الأمة حينها سترى الإسلام مترابطا، وتراه لكل مجالات الحياة شاملا، أن تنظر إلى التشريعات التي شرعها الله سبحانه وتعالى، إلى كل ما هدانا إليه، إلى كل ما ألزمنا به كمنظومة واحدة، وستجدها حينئذ كلها يخدم بعضها بعضا، ويهيئ بعضها للوصول بك إلى البعض الآخر الذي تراه في قائمة المستحيلات، لكن أن تنظر نظرة تجزيئية للتشريعات الإلهية وللهدي الإلهي ستراها متباينة عن بعضها البعض، ثم لا تدري وإذا بك ترى مجموعة كبيرة منها في قائمة المستحيلات. فتعيش أنت حياتك وأنت تنظر إليها هذه النظرة، وطلابك الذين علمتهم يعيشون حياتهم أيضا من بعدك وهم ينظرون هذه النظرة، وكذلك أبناؤك، وكذلك مجتمعك الذي تتحرك فيه لإرشاده، وتمر في الحياة الكثير من المتغيرات التي تجعلك لا تفهم علاقتها بهذا أو بهذا، من الأشياء التي قد جعلتها وصنفتها في قائمة المستحيلات، ستمر بك وأنت لا ترى لها قيمة ولا تلمس لها أثرا، ولا تلتفت إليها.. ثم في الأخير تتعبد الله جهلا بالذل الذي أنت فيه، وبضياع الحق الذي أنت وغيرك من الأمة عليه، وتحت سيادة الباطل وانتشار الفساد، نتعبد الله أنك مسكت على ما تبقى من دينك، وأصبحت تنظر إلى ما تبقى من عمرك يوما بعد يوم يمر لتقول في الأخير: هذه دنيا وإن شاء الله ينتهي كل شيء ثم ندخل الجنة عندما نحشر بين يدي الله.ما يدريك؟ ربما لا يكون بينك وبين الجنة أي صلة، ربما لا تكون ممن يسير على طريق الجنة لأنك من جئت لتجزئ طريق الجنة الذي هو صراط مستقيم فتصنع فيه العقبات، تلك التشريعات التي جعلتها مستحيلات، ذلك الهدى الذي جعلته بعيد التأثير، أنت هنا شقيت طريقا للجنة لا تصل بك ولا بالآخرين ممن يسيرون عليها إليها، طريقا مليئة بالمستحيلات، ومن الذي سيصل إلى الغاية عن طريق المستحيلات؟. هل أحد؟. هل المستحيل يؤدي إلا إلى المستحيل؟. حينئذ يجب علينا جميعا أن نراجع أنفسنا وأن ننظر إلى دين الله نظرة صحيحة، إنها شريعة سمحة، إنها شريعة كلها تحت قول الله سبحانه وتعالى: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة: 185). {مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم فيْ الدَين مِّنْ حَرَجٍ}
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من ملزمة الهوية الإيمانية
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ 31/1/2002م
اليمن – صعدة