ترى الشعوب نفسها ضحية على نحو سريع، ضحية بشكل رهيب جداً، ومكشوفة، ليست محمية، لا محمية بجيوشها كما ينبغي، ولا محمية بأنظمتها كما ينبغي، وصل الاختراق، ووصلت حالة الاستهداف بكل وقعها ووجعها وألمها وتأثيراتها القاسية الى رؤوس الشعوب بشكل فوري؛ ولهذا ترى الشعوب بدت لفترة طويلة يعني سنوات وهي شبه مشلولة ومصدومة.
وكذلك كان لوقع الأحداث على هذا النحو بدون حماية ولا أدنى مستوى من القدرة من المستوى اللازم للتصدي لهذه الأحداث والمؤامرات في المستوى الذي وصلت إليه تلك المؤامرات، وإلا هي كانت قائمة بالفعل من قبل، لكن في هذا المستوى الذي وصلت إليه، الشعوب كانت مصدومة، حالة الصدمة كانت حالة واضحة في أوساط الشعوب.
أمتنا اليوم في مخاض لن ينفك هذا المخاض إلا بتغيير
نحن نستطيع أن نقول إن أمتنا اليوم في مخاض لن ينفك هذا المخاض إلا بتغيير واقعها، مهما كان هناك أحياناً من معالجات وحلول جزئية ومحدودة ووقتيه، ترحل هذه المشكلة، تؤخر هذا الحدث، تُطيل أمد هذه الأزمة وتعطي لها أشكالاً ومراحلاً، لكن لن ينفك هذا المخاض، لن تنفك هذه الأحداث، لن تنفك هذه الفتن، لأنه أصبح لها ارتباطات وتعقيدات كبيرة جعلتها لزاماً في واقع الأمة.
الطريق الوحيد لفكاك هذه الأمة من كل هذه التحديات والأخطار والواقع البئيس، هو تغيير واقعها؛ لأن واقعها أصبح هو عاملاً مهماً وأساسياً في ملازمة هذه الأحداث، وأن تكون الأمة بيئة لها، المخاضات التاريخية والأحداث الكبرى هي في سنة الله الكونية تكون دائماً حُبلى، حُبلى بتغييرات كبرى في واقع البشرية، حُبلى بولادة أمم وسقوط أمم، حُبلى بنهضة أقوام وسقوط أقوام، كل هذا يتم ضمن أحداث، ضمن صراعات ضمن مشاكل.
أيّ أمة، كل الأمم، أي أمة تأتي لتدرس نشأتها وكيف ابتنت وتحولت إلى أمة عظيمة، نشأت في ظل صراع، في ظل أحداث، في ظل واقعٍ ساخن، ما هناك من أمة نشأت وأصبحت أمة عظيمة وكبيرة، لم تمر بتحديات ولم تمر بأخطار ولم تمر بمراحل عاصفة وأحداث ساخنة نهائياً، هذا لا يوجد.