إبليس بعد هذه المشكلة، وبعد هذه الورطة التي وصل فيها بمعصيته لله –سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى– الله جلّ شأنه طرده من السموات، ومن ذلك المقام الذي هو فيه {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا} [ص من الآية: 77] طرده طرداً، وبشكلٍ مهينٍ له {اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً} [الأعراف من الآية: 18]، طرده من السموات، وأنزله منها، ولم يسمح له بالبقاء فيها؛ لأن السموات ساحة مقدسة لا يسمح فيها بتواجد العصاة {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} [الحجرات من الآية: 34]، الله –سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى– طرده منها، وجعله على الدوام مطروداً لا يسمح له بالعودة إليها، بل إذا حاول في أي لحظة من اللحظات أن يعود إليها يرجم بالشهب، وكانت هذه إهانة كبيرة له، ومثلما تحوّل من حالة الطاعة إلى حالة المعصية، طرد من ذلك المقام الرفيع والعظيم والمهم بين صفوف الملائكة ليكون كائناً لا قيمة له، لا احترام له، لا شرف له، لا فضيلة له، لا قدسية له، بل كائناً مذموماً، مخذولاً، مطروداً، رجيماً، خاسئاً، ذليلاً، سيئاً، استبدل القدسية بالسوء، أصبح سيئاً، وأصبح رجيماً، كذلك استبدل القربة إلى الله –سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى– والمكانة العالية بين صف الملائكة بماذا؟ كما قال الله -سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى- {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} [ص من الآية: 78]، أصبح ملعوناً مطروداً من الساحة المقدسة في السموات، ومطروداً من مكان القربة إلى الله –سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى– وملعوناً: مطروداً من رحمة الله، ملعوناً: بمعنى مطروداً من رحمة الله –سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى– لا يرحمه الله أبداً، بعيداً عن رحمة الله، لا يناله أي خير من الله أبداً، كل تدبير الله معه من منطلق أن الله سبحانه قد طرده من الرحمة، وطرده من المحبة، لا يحظى بمحبة من الله، ولا برحمة من الله، ولا بخير من الله، كل تدبير الله معه على أساس غضب الله عليه، تدبير يزيده فيما هو فيه من الابتعاد عن رحمة الله، من الولوغ في الشر، في السوء، في الرجس، في الابتعاد عن الخير، في الابتعاد عن الطهارة، في الابتعاد عن الصلاح، فلا يزداد إلا سوءً، ولا يزداد من الله إلا مقتاً، ولا يزداد إلا شراً، ولا يزداد إلا ابتعاداً عن كل ما هو خير وشرف وفضل والعياذ بالله.
{وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ}، يعني يبقى ملعوناً ومطروداً من رحمة الله –سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى– إلى يوم القيامة، يوم الحساب، يوم الجزاء، ليلقى آنذاك حسابه وجزاءه، ويكون مصيره إلى جهنم ليكون هو في النار كبير أهل النار أعوذ بالله، ويتحول في هذه الحياة إلى رمزٍ للشر، رمزٍ للفساد، رمزٍ للجريمة، يكون هو قائد المطرودين من رحمة الله وكبيرهم، كبير أهل الرجس، أهل المعصية، أهل الشر، أهل الفساد، أهل الطغيان، أهل الإجرام، كبيرهم هو، لاحظوا هذه الحالة: التحول من أوساط الملائكة في السموات، إلى هذا المستوى الذي انحط إليه، وسقط فيه، وهوى إليه والعياذ بالله.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
لعلكم تتقون رمضان 1438هـ: خطورة الشيطان الرجيم
-1- المحاضرة الرابعة