في قائمة الأظلم- أظلم الناس، والأعظم ظلماً من الناس- جاء الحديث في القرآن الكريم وبأكثر من أي موضوعٍ آخر عن الذين يفترون على الله الكذب، ثم يضاف إلى هذه القائمة المعرضون عن آيات الله، الصادون عنها، الذين اتجاهاتهم في هذه الحياة متباينة مع هدى الله ومع القرآن الكريم، بعد أن يذكَّروا ثم لا يتذكرون، ولا يتقبلون، ولا يهتدون، ولا يستجيبون، ويصرون على ما هم عليه من باطل، من مخالفةٍ لهدى الله، من مخالفةٍ للقرآن الكريم، التكذيب بآيات الله، الاعتداء الروحي والثقافي عل الناس، وعنوان الافتراء على الله كذباً هو يشمل التزييف في العقائد الدينية، يشمل التزييف في الشرائع، يشمل التزييف في الحلال والحرام، يشمل التزييف للمفاهيم الدينية، كل عمليات الإضلال هي تدخل باسم الدين، هي تدخل تحت هذا العنوان، وهذا ما وقع إلى حدٍ كبير في واقع البشر، وألحق ضرراً كبيراً بالبشرية، وكان لذلك تأثير سيء جدًّا في تحريف الرسالة الإلهية، حتى بعد الأنبياء السابقين، مثل: الرسالة الإلهية إلى موسى، الرسالة الإلهية إلى عيسى، ثم الرسالة السماوية الخاتمة إلى رسول الله محمد -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله-، فنجد أنَّ هذا النوع من الظلم الذي هو الافتراء على الله كذباً، هو من أفظع الظلم من حيث أنه إساءةٌ بالغةٌ إلى الله -سبحانه وتعالى-، بقدر ما كانت هذه الإساءة كبيرة إلى الله في أن ينسب إليه ما ليس منه، ما هو باطلٌ، ما هو زورٌ، ما هو ضلالٌ، ما يؤسس للظلم، ما ينتج عنه الظلم، ما يلحق بالناس بسببه الظلم، فكانت هذه إساءة بالغة إلى الله ربنا العظيم، وإلى رحمته، إلى حكمته، إلى عدله، إلى قدسيته، إلى ملكه، إلى ما تعنيه أسماؤه الحسنى، وتعبر عنه من كماله.
من جانبٍ آخر ألحقت الضرر الكبير بالبشر في واقعهم؛ لأنها أضاعت عليهم إلى حدٍ كبير في كل حالة تزييف لعقيدة، أو لشريعة، أو لحكمٍ من أحكام الله -سبحانه وتعالى-، أو في حلالٍ، أو في حرامٍ، أو في موقف، أو في مسؤولية، هناك إضاعة لحق، كلما حلَّ باطل؛ هناك إضاعة لحق، ذلك الحق الذي أضيع في ذلك الموقف، أو في تلك المسؤولية، أو في ذلك الحلال، أو ذلك الحرام، أو في تلك العقيدة، أو في ذلك المفهوم، ذلك الحق الذي أضيع كان سيتحقق به عدلٌ وخيرٌ للناس في واقع الحياة، لمَّا حلَّ محله باطلٌ باسم أنه من الله، باسم أنه هو إما الحلال أو الحرام، أو أنه مما يمثل العقيدة الحقة، أو أنه ما يمثل المفهوم الديني الصحيح، أو أنه ما يمثل الموقف المطلوب، الموقف المشروع، أو أنه ما يمثل المسؤولية الحقيقية التي فرضها الله -سبحانه وتعالى-، هو ذلك الذي حلَّ محل الحق يترتب عليه ظلم، فهنا مشكلتان يعني: مشكلة عندما يقدَّم شيءٌ يفترى على الله -سبحانه وتعالى- وهو من الكذب، فإنه بذاته بنفسه ما قدم يمثل مشكلة على الناس في واقع حياتهم، وله تأثيرات سيئة على الإنسان في نفسه وفي واقع حياته، إضافةً إلى ذلك أنه يمثل إساءةً إلى الله -سبحانه وتعالى-، إضافةً إلى ذلك أنه أضيع بسببه حقٌ أو هدى، كان سيتحقق به ذلك الحق الذي لو كان هو الذي قدِّم وعمل به يتحقق به الخير والعدل للناس، فكانت هذه الثلاثة الجوانب من أهم العوامل التي تجعل هذا النوع من الظلم هو أظلم الظلم، وهو أكبر الظلم، وهو أسوأ الظلم، وكما قلت: يمكن أن يرتكب هذا الظلم أي إنسان، الإنسان العادي يمكن أن يتورط في جريمة الافتراء على الله كذباً، الإنسان الذي هو في موقع مسؤولية، يمكن أن يتورط في هذه الجريمة، الإنسان الذي قد يكون في موقع اجتماعي معين، يمكن أن يتورط في هذه الجريمة ولكن أكثر الناس تورطاً في هذا النوع من الجرائم، هم من يتحركون ويتقدمون وينشطون في الساحة باسم علماء دين، وهم من علماء السوء؛ لأن علماء الدين ليسوا سواءً، هناك من يتحدث باسم أنه من علماء الدين وهو من علماء السوء، ليس موثوقاً، ليس مأموناً، هو من علماء السوء الذين قد يفترون على الله كذباً؛ وبالتالي هو الذي قد يتقدم تحت هذا العنوان ويقدِّم من خلاله الكثير من المفاهيم، الكثير مما يقدَّم في مواعظ، أو في كتب، أو في مؤلفات، أو يقدَّم في فتاوى، ويقدم وفيه إضلالٌ للناس، فيه الافتراء على الله كذباً؛ فيزيف شيئاً في العقيدة، أو شيئاً في الشريعة، أو شيئاً من الحلال أو الحرام، أو في المواقف والمسؤوليات، وما أكثر ما يحدث في المواقف والمسؤوليات، وله ضرره أيضاً البالغ جدًّا.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الرمضانية الرابعة عشرة 1441هـ
وما الله يريد ظلماً للعالمين (3)افتراء الكذب على الله أشد وأسوأ.