مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

يقول الله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} (الفجر27-30) صدق الله العظيم.

إنا لله وإنا إليه راجعون، وعظم الله لنا ولكم الأجر، وأحسن لنا ولكم العزاء بوفاة الوالد العالم الكبير ربّاني آل محمد حفيد رسول الله ونسل الآل الكرام، حليف القرآن الكريم، وقرين التقوى، المجاهد الصابر السيد بدر الدين بن أمير الدين بن الحسين بن محمد الحوثي الحسني (رضوان الله عليه).

هذا الرجل العظيم الذي كان مثالاً للعالِم الرباني، العالِم المجاهد، العالِم الذي يعي مسؤوليته ويطبق الإسلام في واقعه، ويكون في موقع القدوة الحسنة، والتجسيد لقيم الإسلام في الواقع، فكان قرآناً يمشي، وإسلاماً في العمل والسلوك والموقف والروحية، وقدم الصورة الحقيقية والنموذج الحقيقي عن كيف يجب أن يكون العالِم الرباني في الإسلام، وكيف يقدم الإسلام، وما هي مسؤوليته تجاه الأمة.

ونحن - أيها الإخوة الأعزاء - نتحدث باختصار إذ لا يتسع المقام للحديث الواسع عن فضله وسجاياه، وإنما نذكر بعض الجوانب الأساسية بطريق الإجمال، نظراً لما يمكن الاستفادة منه في الإقتداء والتأسي، وكذلك للاستفادة في معرفة كيف هو العالم الرباني الذي هو في موقع القدوة، ويمثل الإسلام، ويترك في واقع الأمة الأثر العظيم، أثر الإسلام، أثر القرآن الكريم، أثراً في صلاح الناس واستقامتهم وزكائهم وطاعتهم لله، أثراً في إيمانهم، في عزتهم، في صدق انتمائهم للإسلام، أثراً في التزامهم أخلاق الإسلام وتطبيقهم تعاليم الإسلام، أثراً في ارتباطهم الوثيق بالقرآن الكريم، وفي فهمهم للمسؤولية وشعورهم بالمسؤولية واستجابتهم لله.

وحديثنا - أيها الإخوة - عن هذا الرجل العظيم (رضوان الله عليه) هو حديث عن الإيمان، حديث عن القرآن، حديث عن الجهاد، حديث عن الصبر، حديث عن الصدق، حديث عن الوفاء، حديث عن الشهامة، حديث عن الرحمة، حديث عن المسؤولية والحكمة، حديث عن مكارم الأخلاق جملة؛ لأنه كان في واقعه في حياته في اهتمامه في أعماله في أقواله في جملة تصرفاته هكذا يتحرك من خلال الإيمان، بدافع الإيمان، مستبصراً بالقرآن الكريم، مستنيراً بنور الله، فروحيته تلك الروحية العالية التي منشؤها الإيمان، وسلوكه وطريقته في التصرف والعمل، كذلك التزام كبير بأخلاق الإسلام بأخلاق القرآن الكريم، كذلك قيامه بمسؤوليته كعالم رباني، مسؤوليته في تعليم الناس، في بيان الحق، في إقامة الدين، في إقامة العدل، في التربية الإيمانية الجهادية للناس، في الأمر بالمعروف، في النهي عن المنكر، في نشر الخير ومواجهة الفساد ومواجهة الطاغوت، في التحلي بقيم الإسلام وإبرازها واقعاً في الحياة بجمالها وجاذبيتها، ومهما تحدثنا ومهما قلنا يبقى أمامنا الكثير من التفاصيل لم نقلها ولم نتطرق لها.

ولذلك فبما أن المقام لا يسع إلا القليل نختصر، ونتحدث بالقدر الذي يتناسب مع الوقت، وعندما نبدأ نبدأ بالحديث عن علاقته مع الله سبحانه وتعالى، إذ ذلك مرتكز وأساس لما عداه من المواضيع، فهذا الرجل العظيم ورث روحية الأنبياء التي حكاها الله في القرآن الكريم حينما قال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (الأنبياء:90) فكان سابقاً بالخيرات، عنده روح المبادرة، ويتحرك فيما هو رضا لله برغبة شديدة في كل الميادين, في كل المجالات الممكنة، وبرغبة إلى الله، ورهبة وخوف من الله، وخشوع وتواضع لله سبحانه وتعالى دون أي غرور، دون أي عُجب، دون أي تعالي.

وبهذه الروحية استمر في مشواره مع الله حتى لقي الله، لم يُعرف عنه أي حالة من تواني أو تثاقل عما هو رضا لله في مجال العبادة، وفي مجال الجهاد، وفي مجال الإنفاق والبذل والعطاء، وفي مجالات العمل بشكل عام، يبادر ويسارع بكل رغبة، وبكل تواضع لله، ولقد عز عليه أن يصلي صلاته من قعود أثناء مرضه قرب وفاته، فكان يصليها تامة بمشقة شديدة وهو يرتعش، حتى صلاة الفجر الأخيرة يوم وفاته أصر على أن يقوم للوضوء في وقت مبكر وتوضأ وصلاها تامة جماعة.

ويتجلى الجانب الإيماني والتقوى في استشعار المسؤولية والقيام بها، فمن واجب العالم أن يبين الحق للناس، ويدلهم عليه، ويخشى الله ولا يخشى غيره، ولا تأخذه في الله لومة لائم، لا يرده عن بيان الحق خوف من أحد؛ لأن خوفه من الله يجب أن يكون فوق كل شيء.

وهكذا كان (رضوان الله عليه) بالرغم من كل التحديات والمخاوف والأذى والمعاناة، وقد كان الطغاة يحاولون قتله ويؤذونه على مدى ثلاثين عاماً، ولم يردعه ذلك عن بيان الحق، وإحياء الروحية الجهادية التي كانت قد ماتت، يربي عليها ويعلمها؛ ولذلك معظم طلابه شهداء.

وهو في المسيرة الجهادية القرآنية المربي والمعلم والقدوة الحسنة، ومواقفه وخطاباته وكلامه كل ذلك معروف مشهور، ومواقفه في الدفاع عن الحق، ومواجهة الضلال، ومواجهة فتنة الوهابية، ثم وقوفه كسند عظيم في مواجهة فتنة أمريكا، متحركاً في هذه المسيرة سابقاً ومؤيداً ودافعاً وباذلاً كل شيء يمكنه تقديمه، وكان سيدي ومولاي وأخي حسين (رضوان الله عليه) يقول: ((أنا حسنة من حسنات أبي)).

كما أن قربه من الناس وتواضعه ورحمته بالناس وحرصه على هدايتهم وألاّ يضلوا ولا يُظلموا مما تميز به عن الكثير من العلماء، وفاق غيره فيه، وورعه الشديد عن حطام الدنيا، ونقاؤه وطهارته على مستوى راقٍ ومتميز، وصدعه بالحق، ومباينته للظالمين، وعداوته لأعداء الله، وعداوتهم له كذلك معروف مشهور لا يحتاج إلى التفاصيل، وهو القائل كلمته الشهيرة: ((إذا لم ننصر الإسلام ولم نعادِ أعداء الله، فالدين لا يُقبل منا)) وتفانيه مع الله وصبره على المشاق والمتاعب، ومواجهة الأخطار، والمعاناة من آلام المرض الذي يعاني منه من طفولته وهو [الربو] لم يؤثر على اهتمامه, على عمله, على جهاده, على بذله, على عطائه, هذا كله يدل على مستوى عالٍ من الإيمان والتقوى.

وكان واقعه في حياته من مصاديق الآية القرآنية التي وصف الله فيها عباده المتقين حين قال سبحانه وتعالى: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} (آل عمران: 17)، كانت هذه الصفات بكلها واقعاً يعيشه في حياته، نقول هذا عن معايشة، عن معرفة نعرفه ويعرفه غيرنا، نسأل الله أن يرفع مقامه ومنزلته في الصديقين من عباده، وأن يجزيه عن أمة جده خير الجزاء.

لا يتسع الوقت لنا للمزيد من الحديث مع ضيق الوقت وما تبقى من المواضيع، لكن - إن شاء الله - سيكون هناك إصدارات عن جوانب من حياته مهمة للاستفادة منها، نسأل الله التوفيق لنا أن نواصل المشوار في نفس الطريق، نهج القرآن الكريم، صراط الله المستقيم، نهج أنبيائه، نهج الهداة من عباده، والصالحين من عباده.

وهنا - أيها الإخوة - نعرف الأثر العظيم المفيد الذي يتركه العالم الرباني المستقيم في الناس، في حياتهم، في علاقتهم بالله، في استقامتهم، في قيامهم بمسؤوليتهم.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

 

كلمة السيد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي

في تأبين والده الراحل العالم الكبير

رباني آل محمد المجاهد السيد

بدر الدين بن أمير الدين الحوثي

رحمة الله عليه

بتاريخ: 22/ ذي الحجة/1431هـ.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر