مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله


هذه الذكرى التي تذكِّرنا بهذا الرمز العظيم من رموز الإسلام وهداة الأُمَّة، والتي نحييها لما يعنيه لنا، ما يعنيه لنا الإمام زيدٌ "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، وهو الرمز العظيم، الذي له إسهامه الكبير في إحياء الحق، وإقامة الدين الإسلامي، والتَّصَدِّي للطاغوت، الإسهام الذي امتد في الأُمَّة جيلاً بعد جيل، فنحن حينما نحيي هذه الذكرى فلما يعنيه لنا الإمام زيدٌ "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، ونحن نستلهم منه الدروس العظيمة، التي نحن في أمسِّ الحاجة إليها في عصرنا هذا ومرحلتنا هذه، ولما في الحادثة نفسها من دروسٍ وعبرٍ مهمة، ونحن في أمسِّ الحاجة كأُمَّةٍ تواجه التحديات والأخطار إلى الاستفادة من تاريخها، بما يزيدها وعياً، وبصيرةً، وشعوراً بالمسؤولية، وإدراكاً لأهمية الأمور، التي لفت القرآن الكريم نظرنا إليها، أهمية القيام بها، ومخاطر التفريط فيها. 
الإمام زيدٌ "عَلَيْهِ السَّلَامُ" هو من سلالة بيت النبوة، ومعدن الكرامة، أبوه: زين العابدين، وسيد الساجدين، علي بن الحسين، وجده: هو سبط رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، والإمام زيدٌ "عَلَيْهِ السَّلَامُ" هو المعروف بين كل الأُمَّة بكماله الإيماني العظيم، ومنزلته الكبيرة والعالية، ودوره المميَّز، الذي أسهم فيه بشكلٍ كبير في إحياء الحق، والتَّصَدِّي للظلم والطاغوت، يحظى بالمكانة المحترمة بين كل فرق الأُمَّة، ويعترف الجميع له بعلو المنزلة وعظيم الشأن؛ ولـذلك حينما نتحدث عنه، وعمَّا كان عليه، وعن قضيته، وعن دوره في الأُمَّة، فنحن نتحدث عنه وفي هذه المكانة العظيمة: مكانة الهداية والقدوة، كرمزٍ عظيم من رموز الإسلام، ومن هداة الأُمَّة.
الإمام زيدٌ "عَلَيْهِ السَّلَامُ" في نهضته، وهو استشهد في العام مائة واثنين وعشرين للهجرة، كانت نهضته امتداداً لنهضة جده الحسين "عَلَيْهِمَا السَّلَامُ"، ولذلك كان يقول الكثير من أهل البيت عن قيامه: (قام مقام صاحب الطف)، يعنون الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، فحركته، ونهضته، وقيامه، امتدادٌ لقيام ونهضة جده الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، والمرحلة التي نهض فيها كانت مرحلةً حساسةً وخطيرةً جدًّا، فهي مرحلةٌ استحكمت فيها سيطرة الطغيان الأُمَوِي على الأُمَّة الإسلامية بشكلٍ رهيب، بكل ما فيه من ظلمٍ، وظلماتٍ، وإضلالٍ، وإفسادٍ، وبكل ما فيه أيضاً من إذلالٍ واستعبادٍ للأُمَّة الإسلامية، في مقابل حالة السكوت، والاستسلام، والخنوع، والخضوع، واليأس، في أوساط الأُمَّة.
كانت الأُمَّة ما بعد استشهاد الإمام الحسين "عَلَيْهِ السَّلَامُ" قد تحركت ونهضت في ثوراتٍ متتالية، في مناطق متفرقة، إضافةً إلى الصراع الزبيري الأُمَوِي، ولكن ما بعد ذلك عادت السيطرة الأُمَوِيَّة على الأُمَّة من جديد، واستحكمت القبضة الأُمَوِيَّة على الأُمَّة الإسلامية بكلها بشكلٍ كامل، بكل ما تمتلكه من رصيدٍ إجراميٍ ظلاميٍ رهيبٍ جدًّا، الطغيان الأُمَوِي، الذي دمَّر وأحرق الكعبة المشرفة، واستباح المدينة المنورة، وأباد عترة رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، وصحابته أيضاً، الطغيان الأُمَوِي الذي استهتر بكل المقدسات الإسلامية، واستخف بالقرآن الكريم واحتقره، واستخف برسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ".
في مجالس حُكَّام بني أُمَيَّة، كان اليهود يحضرون في تلك المجالس بشكلٍ محترمٍ ومقدَّر، يحظون بالمكانة الكبيرة، ويتصدَّرون تلك المجالس، ومنها يوجِّهون سبهم وإساءتهم إلى رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، ويوجِّهون سخريتهم منه، في إصغاءٍ تام من أولئك الحُكَّام، الذين يقدِّمون أنفسهم على أنهم حُكَّام للأُمَّة الإسلامية، ويسمُّون أنفسهم بإمرة المؤمنين، ويسمُّون أنفسهم أيضاً بالخلفاء، في ذلك المظهر الواضح جدًّا في الاستهتار التام بأقدس مقدَّسات المسلمين والإسلام، فلا الكعبة لها حرمتها، ولا المدينة كذلك لها حرمةٌ عندهم، ولا هناك أي حرمة للمسلمين، حتى على مستوى الصحابة، وعلى مستوى آل رسول الله "صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ"، ولا حرمة لأي شيءٍ من حرمات الإسلام، وإذلالٌ تامٌ للأُمَّة بشكلٍ عام.
فوصل بهم الحال في قبضتهم تلك، وفي سيطرتهم على الأُمَّة، أن ((اتَّخَذُوا دِينَ اللَّهِ دَغَلًا، وَعِبَادَهُ خَوَلًا، وَمَالَهُ دُوَلًا))، كثَّفوا كل جهودهم لإضلال الأُمَّة، وتحريف مفاهيم الإسلام، وطمس الكثير من معالمه، وعملوا أيضاً بشكلٍ كبير على أن تتحوَّل وضعية الأُمَّة تحت سيطرتهم وضعية الاستعباد، والإذلال، والخضوع التام، الذي تفسره هذه العبارة، وتعنيه هذه الجملة: ((وَعِبَادَهُ خَوَلًا))، أرادوا لِلأُمَّة أن تقبل بهذا النوع من العلاقة ما بينها وبينهم كحكامٍ مسيطرين عليها: علاقة العبودية، والخضوع التام، والطاعة لهم، والطاعة لهم في معصية الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَاَلَى"، وفي مخالفة القرآن الكريم، وفي مخالفة تعاليم الإسلام الواضحة.
وهناك الكثير جدًّا من التفاصيل في سلوكهم، وأقوالهم، وتصرفاتهم، وممارساتهم، التي- فعلاً- تثبت هذه الحقائق، تُبَيِّن كيف اتَّجهوا لمحاربة مفاهيم الإسلام، وتزييف هذه المفاهيم بمفاهيم بديلة، تُحسب على الإسلام زوراً، ويعملون على أن تدين بها الأُمَّة، وكذلك في ممارساتهم الظالمة، والإجرامية، والوحشية، الفظيعة جدًّا.
كتب التاريخ للأُمَّة بشكلٍ عام، وليست فقط محسوبةً على فئةٍ معيَّنة، أو مذهبٍ معيَّن، التواريخ المحسوبة على كل فرق الأُمَّة تحكي هذه الحقائق، وسطَّرتها لدى الجميع، وهي تفاصيل كثيرة جدًّا، يمكن للناس أن يعودوا إليها، وأن يدركوا من خلالها فظاعة ما كان يحدث، وأهمية وعظمة ما قام به الإمام زيدٌ "عَلَيْهِ السَّلَامُ" في نهضته المباركة، فهم- كما قلنا- ((اتَّخَذُوا دِينَ اللَّهِ دَغَلًا، وَعِبَادَهُ خَوَلًا، وَمَالَهُ دُوَلًا))؛ فاستأثروا بخيرات الأُمَّة في ترفهم، وفي تعزيز نفوذهم وسيطرتهم، وفي شراء الذمم وشراء الولاءات. 
في ظل تلك الوضعية، التي- كما قلنا- قابلها خنوعٌ من الأُمَّة؛ بسبب السطوة، والجبروت، والظلم الشديد، والتنكيل الذي كان يمارسه طغاة بني أُمَيَّة تجاه الأُمَّة، كان تحرُّك الإمام زيد "عَلَيْهِ السَّلَامُ" في تلك الظروف الصعبة جدًّا تحرُّكاً مهماً وعظيماً، يستند إلى دافعٍ إيمانيٍ عظيم، وإلى كمال وعيٍ وإيمانٍ على مستوىً عظيم.
وهناك معالم أساسية في نهضة الإمام زيدٍ "عَلَيْهِ السَّلَامُ"، عَمِل عليها على مدى سنوات، حتى لقي الله شهيداً، والعنوان الجامع لكل تلك المعالم، والتي تتفرَّع عنه كل تلك المعالم، هو: سعيه "عَلَيْهِ السَّلَامُ" لإعادة ارتباط الأُمَّة بالقرآن الكريم، على أساس الاهتداء والاتِّباع العملي، وهذه قضية مهمة، وقضية جوهرية؛ لأن علاقة الأُمَّة بالقرآن الكريم، في ظل سيطرة الطغاة، والظالمين، والمجرمين، والمضلِّين، تتحوَّل إلى علاقةٍ شكلية؛ يبقى القرآن الكريم بين أوساط الأُمَّة، تقوم الأُمَّة بتعليمه للقراءة، للتلاوة؛ ولكن مستوى الاهتداء به، والتَّمَسُّك بمفاهيمه بشكلٍ صحيح، والاتِّباع العملي له كمنهجٍ للحياة، وأساسٍ تتحرَّك على أساسه الأُمَّة في كل المواقف، وفي كل المجالات، يُغَيَّب هذا عن الأُمَّة بشكلٍ كبير، تبقى شعائر محدودة تتحرَّك فيها الأُمَّة، ويقبل بها الطغاة بعد أن يفرِّغوها من محتواها المهم والمؤثِّر، وبعد أن يفصلوها عن غيرها من الأمور المهمة، التي تعطيها فاعلية، وتترك لها الأثر الكبير في نفوس أبناء الأُمَّة. 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم 
من كلمة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي 
ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي عليهما السلام
25محرم 1447هـ 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر