ما الذي يوقع الإنسان في هذه الجريمة؟ عوامل توقع البعض في هذه الجريمة، منها وفي مقدمتها الخلل الإيماني، والإخلال بالضوابط الشرعية.
الله -سبحانه وتعالى- قد جعل من التوجيهات والتشريعات ما يساهم على حماية مجتمعنا المسلم من خلال الالتزام بها من الوقوع في هذه الجريمة، وجعل في تلك التشريعات ما يمثِّل حاجزاً يصون المرأة ويصون الرجل من الوقوع في هذه الجريمة، هذه الضوابط الشرعية هي مهمة جداً في صيانة مجتمعنا المسلم، في الحفاظ على عفته، على طهارته، على شرفه، على كرامته، على إنسانيته، على أخلاقه، على روابطه الأسرية، الضوابط الشرعية ذات قيمة عالية، وهي التي تشكِّل الضمانة المؤكَّدة لحماية المجتمع المسلم.
عندما نلاحظ في النص القرآني كيف قال: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى} أتى بمفردة (تَقْرَبُواْ)، المشكلة على الإنسان هي الاقتراب، الزنى لا يأتي إلا عبر المقدمات، له مقدماته، الوقوع في المقدمات هو الذي يوقع في الجريمة، هو الذي يسقط الإنسان إلى هذه الجريمة الشنيعة الفظيعة، السيئة للغاية، ولهذا أتت عبارة (لاَ تَقْرَبُواْ) لا تقربوا، احذر من المقدمات؛ لأنه لا يمكن أبداً الوقوع في هذه الجريمة إلا من خلال المقدمات، المقدمات يمنعك عنها الضابط الشرعي، الالتزامات الشرعية التي تحرمها، يحرم الإسلام التبرج الذي يمثل حالة من الإغراء واستمالة الآخرين، وهذا تحريم على النساء، يحرم على المرأة التبرج الذي تغري به الآخرين، عندما تظهر زينتها ومفاتنها أمام الآخرين غير الأرحام، هناك دائرة محددة للمرأة يمكنها أن تظهر فيها زينتها، أن تتزين وتلبس زينتها فيها، حددها القرآن الكريم في سورة النور في إطار المحارم: عند الزوج، وللزوج مساحة كبيرة جداً، ليست لغيره في إظهار الزينة والمفاتن، حدود معينة أيضاً أقل مما يخص الزوج في إطار بقية الأرحام: الأب، الإخوة… في إطار معين بأقل من الزوج، للزوج ما ليس لغيره في ذلك من إظهار الزينة والمفاتن، أما في حدود بقية الأسرة فلا يجوز أيضاً إظهار المفاتن، ولا التعري بأي شيءٍ من الجسد مما يحرم إبداؤه أمام الآخرين، ولكن بالنسبة للملابس هناك مساحة معينة أمام الأرحام، أما الأجانب الآخرين فلا، لا يجوز التبرج وإظهار الزينة أمامهم.
كذلك النظرة الحرام تمثِّل مشكلة خطيرة، النظرة التي يحاول الإنسان فيها أن يستمتع ويتلذذ بالنظر إلى الآخر: سواءً الرجل إلى المرأة، أو المرأة إلى الرجل، ثم كذلك كسر حاجز العلاقة، الدخول في علاقة مباشرة وخاصة ما بين أي رجل أجنبي مع امرأة أجنبية أخرى، هذه العلاقة التي يدخل فيها: إما مغازلة، أو خلوة، أو تعامل فيه اختلاط مؤثِّر، أو كذلك ما يحصل من البعض من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، أو التراسل بالجوالات، تبادل الرسائل الخاصة بالغزل والتأثير على العواطف والمشاعر، ثم إثارة الغرائز والرغبة… هذه الممارسات بكلها ممارسات محرمة في الإسلام، يحرم عليك أن تدخل في علاقة مباشرة خاصة مع امرأة أجنبية، يحرم عليك أن تخلو بها، الاختلاط يمثِّل خطورةً كبيرة أيضاً، وسلبية كبيرة جداً، كسر هذه الحواجز والدخول في المقدِّمات التي فيها إقامة روابط وعلاقات محرمة، ثم إثارة للغرائز، ثم وقوع وسقوط في الجريمة، فالمقدِّمات هي الخطر، وهي التي توقع الإنسان في الجريمة.
كذلك التفكير السلبي: عندما يجلس الإنسان يفكر في الحرام، يتخيل الحرام، يركِّز على الحرام ينشغل ذهنياً وخيالياً؛ هذا يؤثِّر عليه تأثيراً خطيراً جداً، فالإنسان إذا صان نفسه من هذه المقدِّمات، والتزم بالضوابط الشرعية، واجتنب هذه العلاقة غير المشروعة مع المرأة الأجنبية، اجتنب، ما هناك أي لزوم لأي علاقة مباشرة مع امرأة أجنبية، هناك ضوابط، هناك أرحام، هناك تشريعات تصون الإنسان عن الوقوع أو الدخول في هذه العلاقة الشخصية المباشرة التي تخلوا فيها مع تلك: سواءً في المكان، أو تخلوا من خلال الرسائل وهذه الروابط التي لا ضرورة لها، ليست ضرورة ولا شرعية لها، وتكسر الحاجز (حاجز الحياء)، ثم تؤسس للميول والرغبات، ثم توقع الإنسان في الجريمة -والعياذ بالله-.
فالإخلال بالضوابط الشرعية يمثِّل خطراً كبيراً، والحفاظ على الضوابط الشرعية يصون المجتمع، يصون الإنسان، يصون النفس، يساعدك على أن تكون منضبطاً، مشاعرك متوازنة، لا تعيش حالة الانفلات في هذه المشاعر، حالة الاستعار بهذه الرغبات والشهوات. لا، تكون في حالة من التوازن.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الخامسة عشر
جريمة الزنى وآثارها المدمرة للإنسان والحياة
سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ المحاضرة الخامسة عشر
مايو 23, 2019م