مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

الإمامُ زيدٌ عَلَـيْـهِ السَّـلَاْمُ، ما الذي حرّكه؟، ما الذي دفعه؟، ما الذي جعله ينهض في ظروف صعبة وحساسة ويضحي تلك التضحية؟، مَن يعود إلَـى التأريخ ويستقرئ الظروف التي تحَـرّك فيها الإمامُ الشهيدُ زيدٌ بنُ علي عليهما السلامُ يعرفُ جيداً أن تلك إنما كانت هي حركة الإسْـلَام وحركة القرآن وحركة النهج المحمدي الأصلي قام بها ونهض بها وجسّدها وأحياها الإمامُ الشهيدُ زيدٌ عَلَـيْـهِ السَّـلَاْمُ.
لقد عانت الأُمَّـةُ من التسلُّط الأموي الذي استفاد من موقعه في السلطة وكان وصولُه كارثةً كبيرةً على الأُمَّـة في كُلّ شيء على الأُمَّـة في دينها ودنياها على الأُمَّـة في حاضرها ومستقبلها، حاضرها آنذاك ومستقبلها الممتد عبر التأريخ وعبر الأجيال.
التسلُّطُ الأموي كان يشكِّلُ خطورةً كبيرةً جداً على الأُمَّـة؛ لأنه يتناقَضُ في أهدافه، وفي سلوكه، وفي ممارساتها، مع كُلّ مبادئ هذه الأُمَّـة مع مشروعها الأساس الذي من المفترَضِ أن تُبنى عليه في واقعها بكله، في نظام أمرها، في السلطة، في الحكم، في شأنها الاجتماعي، في شأنها السياسي، في واقعها الأَخْلَاقي، في دورها الحضاري، في كُلِّ ما يتصل بها، إن هذه الأُمَّـة هي أمة الإسْـلَام، هي أمة محمد، هي أمة القرآن.
ومن المفترض وما هو طبيعي في حقنا أن يُبنى واقعُها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وأن يحدّدَ دورها حضارياً طبقاً لذلك، طبقاً للمبادئ، طبقاً للتعاليم، طبقاً للأَخْلَاق، طبقاً للقيم التي أتى بها هذا الإسْـلَام، التي تضمنها القرآن، التي بلغها محمد، وأقامها محمد، وسعى لإحيائها رسول الله محمد صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، وهي المبادئ العظيمة، المبادئ السامية، الأَخْلَاق الكريمة، التي أرادها اللهُ لعباده، والتي هي متطابقةٌ مع الفطرة الإنسانية، {فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}.
للإسْـلَام مشروع سمو، مشروع أَخْلَاق، مشروع كرامة، مشروع عدالة، ولكن لا أبقى الأمويون في الأُمَّـة كرامة، لا أبقوا لها كرامة، ولا أبقوا لها عزة، ولا أبقوا لها سمواً، وكان أداؤهم وممارساتهم الظالمة إنما هي على النقيض من مبادئ هذا الإسْـلَام من جوهر هذا الإسْـلَام مع استغلالهم لما بقي من شكليات لم يروا فيها أنها تؤثرُ عليهم وإنما رأوا فيها أنهم احتووها فصارت ضمن وسائلهم وأدواتهم التي يستغلونها في التحكم بالأمة والسيطرة على الأُمَّـة.
إن مظلومية آل البيت عليهم السلام في التأريخ لم تكن أبداً لشأنٍ يخُصُّهم ولا لأمرٍ لا يتجاوزهم إنما كانت مظلومية الأُمَّـة بكلها، لم يكن لهم ولا لأنصارهم، ولا لمَن تحَـرّك معهم في أوساط الأُمَّـة، أيُّ شأن خاص أَوْ مكاسب شخصية، أَوْ أطماع شخصية، أَوْ نَزَعَات لاعتبارات محدودة، لا، التسلط الأموي استهدف الأُمَّـةَ بكلها منذُ بدايته منذ يومه الأول، واستهدفها في المبادئ؛ لأنه كان يرى أنه لا يستطيع أن يتحكمَ بالأمة، أن يسيطر عليها، إلا بعد أن يهدفَ فيها المبادئ وأن يهدم منها القيمَ والأَخْلَاق والوعي وأن يُخرِجَهَا من النور الذي أتى بها رسولُ الله محمدٌ، وقدمه من خلال كتاب الله الكريم، أن يُخرِجَها من ذلك النور إلَـى الظلمات المتراكمة ظلمات التضليل وظلمات الإفساد.
الرسولُ صلواتُ الله عليه وعلى آله كان قد قدّم إنذاراً مبكراً بخطورة هذا التسلط الأموي وبهذا الدور الهدّام لبني أمية.
الرسولُ رأى في منامه يوماً ما أن بني أمية ينزون على منبره الشريف نَزْوَ القردة، فأزعجه ذلك جداً، وعرَفَ بما عرّفه اللهُ، بما أخبره الله بوحي الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَـى، أنهم سيتمكنون يوماً من الوصول إلَـى التحكم بمقاليد أمر الأُمَّـة، وأنهم سيصلون يوماً ما إلَـى موقع السلطة وموقع القرار في هذه الأُمَّـة ومن ثم ستكون ممارساتهم في الأُمَّـة في كُلّ ما يفعلونه في واقع الأُمَّـة، سياساتهم، توجهات، أسلوبهم في الحكم تصرفاتهم بكلها، كلها خارجةً وشاذةً عن النهج الإسْـلَامي وعن النهج الفطري، عن الفطرة الإنسانية؛ لأنها ستقوم على الظلم والتسلط والاستهتار واللامبالاة.
الرسولُ كان أخبَرَ عنهم أنهم في المرحلة التي يتحكموا بها، سيكون برنامجهم في الأُمَّـة إنما هو البرنامج الشيطاني والبرنامج النفاقي، وقال عنهم وهو يصف الحالة التي إن وصلوا إليها ماذا سيعملون (اتخذوا دينَ الله دَغَلا، وعبادَه خَوَلا، ومالَهُ دُوَلا).
كلماتٌ جامعة، كلمات معَبِّرةٌ، كلمات مهمة، تستحق التأمل، وتستحق الترديد، وتستحقُّ التذكار، كلماتٌ من تأملها يدرك من خلالها الخطورة الرهيبة، الخطورة القصوى لذلك الدور الهدام، والهدام جداً والهدام إلَـى أسوأ ما يمكن أن نتصور، دينُ الله الذي هو نور يُخرِجُ الناسَ من الظلمات الذي هو بصائر الذي هو وعيٌ، الذي هو السمو للإنسان، الذي هو السبيلُ لترشيد هذا الإنسان ليكونَ إنساناً راشداً، واعياً، فاهماً، تصوُّراته مفاهيمه، أفكاره نقية سليمة، لا تشوبها الخرافة، ولا تشوبُها الأباطيل، ولا يشوبها الظلام والضلال.
دينُ الله الذي هو زكاءٌ لنفسية الإنسان، وتطهيرٌ لنفسية الإنسان، فتسمو نفسَه وتزكو وتطهر نفسيته، ويطهُر قلبه، فحمل كُلَّ مشاعر الخير، وكل الإحساس الإنساني، وكل الوجدان الخيري، حتى يتأصَّلَ في تفكيره وفي وجدانه وفي نفسيته الخيرُ كُلّ الخير، الدينُ دينُ الله، الذي هو بتعاليمه والذي هو بمنهجه والذي هو بنظامه يرمي إلَـى إحقاق الحق وإقامة العدل في الحياة، والسمو بهذا الإنسان لاستنقاذه من الضياع في هذه الحياة، لا يضيع كالحيوانات والأنعام بلا هدفٍ سامٍ، بلا مشروعٍ عظيم ومقدِّس يليق بهذا الإنسان، يليق بالكرامة التي كرّمه الله بها، يليق بالدور الذي أراده اللهُ له، يتخذونه دَغَلا، كيف؟ جناية مباشرة على الدين، استهدافٌ مباشرٌ إلَـى الدين، كيف هو هذا الاستهداف إنه من خلال التزييفِ والتحريف، التزييف الذي يعمدُ إلَـى تقديم قوالبَ جديدةٍ باسم الدين نفسه، محسوبة على الإسْـلَام نفسه، قوالب جديدة، تصورات جديدة، مفاهيم جديدة مختلفة، هي تخدمُهم، هي تمكّن لهم، هي تهيئُ لهم الظروف الملائمة لفعل ما يشاؤون ويريدون، لقد صنعوا في الإسْـلَام وداخل الإسْـلَام إسْـلَاماً من نوعٍ آخر، مفاهيم كثيرة، حسبت على الإسْـلَام، وليست من الإسْـلَام، وهم عمدوا إلَـى لبس الحق بالباطل تماماً كما فعل بنو إسرائيل، وثبتوا ضمن العقائد ضمن المفاهيم الثقافية والفكرية ضمن التصورات ضمن المبادئ ضمن السلوك والأعمال والتعاليم العملية، ضمّنوها الكثيرَ والكثير مما كُتب مما خطب به على المنابر، مما لقن بها الأجيال أَوْ ذلك الجيل، داخل المدارس، داخل الكتاتيب، المساجد، في حلقات الدراسة والعلم، فاستهدفوا المضمون الديني في تعاليمه، في منهجه، في مبادئه، فحرّفوا وزيّفوا وغيّروا، وبدلوا، حتى قولبوا شكلاً للإسْـلَام شيّد فيه الكثير من الباطل وبقي فيه القليل من الحق، واختلط به الكثير من الظلام، وتضاءلت نِسَبُهُ في ذلك الظلام، حتى صارت في مراحلَ كثيرةً من التأريخ على نحو ضعيف لا يكاد يُرى إلا أنه بصيص من النور من نوافذَ محدودةٍ.
هكذا عملوا، وكان لهذا تأثيرٌ كبيرٌ، تأثير كبير في مستقبل الأُمَّـة، في مواقف الأُمَّـة، ولذلك وصلوا إلَـى درجة التعطيل الفعلي للمشروع الإسْـلَامي في الحياة، فعطّلوه من أثره العظيم والسامي في الإنسان، فرأينا كيف صنعوا في الإنسان، رأينا الإنسان الذي تأثر بهم، الذي اقتنع لهم، الذي التف حولهم، الذي آمن بهم ونهج نهجهم، كيف صار إنساناً متوحشاً ظلامياً، مفسداً ومتكبراً، ومتوحشاً خالياً من كُلّ المشاعر الإنسانية، لا رحمةَ لديه، جاهزاً لأن يعملَ من أجلهم أي شيء وأن يتصرفَ أيَّ تصرف، وبذلك استطاعوا أن يفعلوا أشياءَ كثيرةً ما كانت لتُفعَلَ في بيئة إسْـلَامية بقيت سليمة، لكن كانوا قد شابوا هذه البيئة الإسْـلَامية وأَوْبَأُوْهَا بما لديهم من ضلال وفساد ونشاط تخريبي، تخريب للقيم وتخريب للمبادئ، تخريب على المستوى الثقافي، تخريب على المستوى النفسي، في تدنيس النفوس بدلاً عن تزكيتها.
فاستطاعوا أن يحرّكوا الجيوش المكونة من الآلاف من المنتسبين لهذا الدين، من الذين يصلون بالصلاة ويصومون الصيام، وحتى يتلوا بعضهم القرآن، وحتى ينتسبون في المشاعر الإسْـلَامية إلَـى هذا الإسْـلَام، ليفعلوا ما يمكنُ أن نتصور أن يفعله المتوحشون من بني الإنسان، مَن انسلخوا عن الفطرة الإنسانية، ما بالُك بالدين؟!، ما بالك بالقيم؟!، ما بالك بتعاليم السماء وبوحي الله وتعاليم الرسل والأنبياء؟!.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

من خطابُ السيّد / عبدالملك بدرالدين الحوثي / حفظه الله - في ذكرى استشهاد الإمام زيد 1438هـ.

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر