مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

مجتمع مكة الذي بلغ في عناده، والذي بلغ في جحوده- في أكثريته- إلى درجة أن البعض منهم توجهوا بالدعاء إلى الله قائلين، كما حكى القرآن الكريم عنهم: {وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الأنفال: 32]، قالوا: [خلاص، نحن لا نريد هذا الحق أبدًا، وإذا كان هو الحق من عندك يا الله]، يدعون الله على أنفسهم بأن يمطر عليهم حجارةً من السماء فتبيدهم نهائيًا، أو أن يعاجلهم بعذابٍ أليم ليتخلصوا من ذلك الحق، ما هو ذلك الحق الذي بلغوا من نفورهم منه، وعنادهم تجاهه، وكرههم له إلى درجة أن يدعوا على أنفسهم بالهلاك بهذه الطريقة المخيفة: مطر، حجارة من السماء، أو عذاب أليم يجتاحهم ويبيدهم، شيءٌ غريب! دين عظيم، فيه الخير، فيه الشرف، فيه السعادة، فيه الحرية، فيه الكرامة، فيه العزة، فيه السمو، فيه رحمة الله في الدنيا، فيه الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، الإنسان إذا ساء يمكن أن يتنكر حتى لأجمل وأرقى وأعظم ما في الحياة، إلى هذه الدرجة وهذا المستوى من التنكر، ويمكن أن يحمل في نفسه الكراهية والنفور من الحق الواضح الجلي، الذي فيه الخير له، وفيه الحل له.

يقول القرآن الكريم عنهم أيضًا كذلك: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ}، الأغلبية الساحقة فيهم، الأكثرية منهم،{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}[يس: 7]، وصلوا إلى درجة رهيبة من الخذلان، على مدى سنوات طويلة سمعوا فيها صوت الحق، وعرفوا هذا الحق، فنفروا منه، وصلوا في الأخير إلى درجة من الخذلان أن يسلبوا التوفيق نهائيًا، وأن يحقَّ عليهم القول، أصبحوا في موقع الاستحقاق للعذاب الإلهي، وأن لا يوفقوا للتوبة والهداية أبدًا، وأن لا يصلوا إلى الإيمان، فسدت نفوسهم، شقاقهم وعنادهم صنع فيهم ذلك الأثر السيئ الذي خرَّبهم نهائيًا، فأصبحوا فاقدين لكل عناصر الصلاح والخير التي يمكن أن تهيئهم للإيمان مجددًا، والمشكلة فيهم هي ارتباطهم بتلك الزمرة والفئة من رموز الشر والباطل والطاغوت، البعض منهم قالوا كما حكى الله عنهم في كتابه الكريم: {وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}، قالوا: [صحيح أنت تقدم هدى من الله، ولكن ليس بوسعنا أن نتبع معك هذا الهدى؛ لأننا سنعرض كل مصالحنا للخطر، ويمكن أن يتجه الآخرون لعدائنا والاستهداف لنا، فتتعرض مصالحنا الاقتصادية للخطر، ونتعرض في أمننا واستقرارنا للخطر والاستهداف]، رد الله عليهم: {أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِن لَّدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [القصص: 57].

في الأخير وصل الحال بمجتمع مكة في أكثريته، وتحت قيادة زمرة الشر، الطاغوت، المستكبر، المتمثل آنذاك في أبي جهل وأبي سفيان ومن معهم، وصل الحال بهم إلى التآمر على شخص الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله-، وبعد مرحلة طويلة من التكذيب والأذى والحرب الإعلامية والدعائية ضد الرسول والإسلام، وضد مبادئ الإسلام الرئيسية، والإكثار من الجدل، والخصام، والأذية، والاضطهاد لمن يسلمون، في نهاية المطاف التآمر على رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- بهدف التخلص منه والاستهداف المباشر له، يقول الله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30]، فهم ضاقوا ذرعًا بالرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- في دعوته إلى الله بهذا الإسلام العظيم، واتجهوا- في نهاية المطاف- بمكرهم ومؤامرتهم للاستهداف له.

في مكرهم، وفي مخططاتهم ومؤامراتهم درسوا عدة خيارات لاستهداف الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله-: أول خيار طرح: {لِيُثْبِتُوكَ}، ويعني ذلك: الزج به في السجن، وإغلاق السجن عليه والحيلولة بينه وبين الناس، الخيار الآخر: {أَوْ يَقْتُلُوكَ}، الخيار الثالث: {أَوْ يُخْرِجُوكَ}، واستقر رأيهم- كما ورد في السير والتاريخ- إلى الخيار الثاني الذي هو القتل، الاستهداف لرسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- بالقتل.

الله -سبحانه وتعالى- يرعى رسوله، ويرعى دينه، وهو -جلَّ شأنه- القائل: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33]، لم يكن -جلَّ شأنه- ليترك نبيه ولا ليترك مشروعه الذي يستنقذ به عباده من الطاغوت، ولذلك قال -جلَّ شأنه-: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30]، فالله -جلَّ شأنه- وجَّه رسوله -صلوات الله عليه وعلى آله- بالهجرة، الهجرة باعتبار ذلك المجتمع لم يعد فيه أي أمل في الاستجابة لهذا الهدى، وفي أن يحظى بهذا الشرف العظيم والفضل الكبير، وأن يكونوا في طليعة البشرية في التمسك بهذا الهدى والنور، والانتفاع به، والاستفادة منه، {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}، خلاص خُذلوا.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

 

من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

بمناسبة الهجرة النبوية 1440هـ – 1 –1.

 

 

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر