مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

عبدالملك العتاكي
يا أحرار العالم، ويا أجيالنا الصاعدة التي تشاهد اليوم طغيان كَيان الاحتلال الصهيوني وإجرامه؛ هل تساءلتم يومًا كيف وُلد هذا الكَيان المحتل من رحم أبشع جريمةٍ عرفها التاريخ؟

نحن هنا لا نتحدث عن دولةٍ تأسست كبقية الدول، بل نتحدث عن "تزاوُجٍ شيطاني" بين أطماع الاستعمار البريطاني وحقد اللوبيات الصهيونية، تزاوجٌ أنتج مسخًا إجراميًّا زُرِعَ كخنجرٍ مسموم في قلب أمتنا الإسلامية.

نحن بصدد الحديث عن حقيقة عصاباتٍ إرهابية مثَّلت "مدرسة الإبادة" التي تخرّج فيها قادة العدوّ، حَيثُ كانت عصابتا "الهاقانا" و"الأرغون" هما المعمل الذي صُنع فيه حقد الصهيونية، وهما النواة الأولى لجيش كَيان الاحتلال الصهيوني؛ ذلك الجيش القائم على القتل واللصوصية.

لو عدنا إلى جذوره القذرة، وإلى تلك الأفاعي التي ربَّاها المستكبرون في الحواضن البريطانية، لوجدنا أن هذا كَيانَ الاحتلال الإسرائيلي ليس إلا عصابةً كبرى تقمصت دورَ "دولة"، وأن طريق زواله يبدأ من معرفة حقيقته الإجرامية التي لا تفهم إلا لغة القوة والصمود.

إن نكبة فلسطين في عام 1948 لم تكن وليدة الصدفة، بل كانت تتويجًا لمشروع شيطاني تم إعداده في غرف الاستخبارات الغربية وتولى تنفيذه شتات من العصابات الإجرامية التي تجردت من كُـلّ القيم الإنسانية.

في قلب هذا المشروع، برزت عصابتا "الهاقانا" و"الأرغون" كأدوات قذرة لتمزيق الأرض المقدسة ونشر الموت في ربوعها، تحت رعاية مباشرة من قوى الاستعمار.

بدأت الحكاية مع تأسيس عِصابة "الهاقانا" عام 1920، التي لم تكن في حقيقتها إلا جيشًا سِرِّيًّا تأسَّسَ تحتَ نظر وبصر الانتداب البريطاني، وعلى يد القيادات الصهيونية وعلى رأسهم المجرم "ديفيد بن غوريون".

لقد أُرِيد للهاقانا أن تكونَ "المخالبَ الناعِمَةَ" للمشروع الصهيوني؛ فبينما كان البريطانيون يسنُّون القوانين لتجريد الفلسطينيين من سلاحهم، كانت الهاقانا تتلقى التدريبات العسكرية والتمويل الضخم من لوبيات المال العالمي، لتتحول من مجموعات "حراسة" بسيطة إلى آلة حرب منظمة تنفذ سياسة الاستيطان المسلح، وتهدم القرى الفلسطينية فوق رؤوس ساكنيها لتبني فوق أنقاضها مستعمرات الغدر.

ومع اشتداد الصراع، برز وجهُ أكثر قبحًا وتطرفًا من رحم المشروع الصهيوني ذاته، حَيثُ انشقت مجموعةٌ من المتطرفين عن الهاقانا عام 1931 ليشكلوا عصابة "الأرغون" بقيادة المجرم "مناحيم بيغن".

كانت الأرغون تجسيدًا للعقلية الإرهابية التي لا تؤمن إلا بلغة الدم والتفجير؛ فبينما كانت الهاقانا تحاول الحفاظ على مظهر "المدافع"، كانت الأرغون تمارس الإرهاب العلني؛ فاستهدفت الأسواق العربية المكتظة وفجَّرت المنشآت المدنية، ولم ينجُ من غدرها حتى حلفاؤهم البريطانيون حين تعارضت مصالحُهم مؤقتًا.

لقد كانت مجزرة "دير ياسين" هي الشاهد الأكبر على دموية هذه العصابة، حَيثُ أظهرت للعالم أجمع أن هذا كَيانَ الاحتلال الصهيوني لا يقوم إلا على جثث الأطفال والنساء.

إن الدعمَ الذي حظيت به هاتان العصابتان يكشفُ طبيعةَ التحالُف العضوي بين قوى الاستعمار والصهيونية؛ فقد وفَّرت بريطانيا الغطاءَ القانوني والعسكري في البدايات، ثم انتقلت الرايةُ إلى الإدارة الأمريكية التي رأت في هذه العصابات وكلاءً لها في المنطقة.

كانت الأموال تتدفق من المصارف العالمية، والسلاح يُهرَّبُ عبر الموانئ تحت سمع وبصر القوى الدولية، لتمكينِ شذَّاذ الأرض من غزو شعب أعزل صابر.

وبعد أن أَدَّت عصابتا "الهاقانا" و"الأرغون" دوريهما المرسومين في ترويع الشعب الفلسطيني وتهجيره، بدأت ملامح مرحلة جديدة من المؤامرة تتبلور مع إعلان قيام كَيان الاحتلال الصهيوني في عام 1948 بقرار من المجرم "بن غوريون" لدمج هذه المليشيات فيما سمي بـ "جيش الدفاع"، لتنصهر خبراتُ الهاقانا في التنظيم مع وحشية الأرغون في القتل، وتتشكل عقيدةُ العصابة بزيّ الدولة.

أما التحولُ الأكثر إثارة للسخرية والمرارة، فهو تحوّل رؤوس الإرهاب إلى "قادة سلام" ورؤساء وزراء معترَف بهم دوليًّا.

فالمجرم "مناحيم بيغن"، الذي كان مطارَدًا كإرهابي أول، أصبح رئيسًا للوزراء وحاز على جائزة نوبل للسلام، في أكبر عملية استخفافٍ بدماء الضحايا.

ولم يكن "إسحاق شامير" استثناء، وهو الذي تزعم عصابة "شتيرن" الأكثر دموية؛ حَيثُ فتح الغرب أبوابَه لهذه القيادات الإرهابية بالسجَّاد الأحمر، متجاهلًا تاريخَهم الملطخ بالدماء، في تكريس واضح لمعاييرهم المزدوجة التي تشرعن إرهاب الصديق وتجرم مقاومة صاحب الأرض.

وبذلك، أصبح "جيش" كَيان الاحتلال الذي تأسَّس على أنقاض الهاقانا هو الأدَاةَ الرسمية لممارسة الإرهاب المنظم، وأصبحت "الحكوماتُ" التي تداول عليها قادةُ الأرغون هي الواجهة السياسية التي تشرعن الاستيطان والقتل.

إنها حقيقة ثابتة تؤكّـد أن هذا الكَيان الغاصب، منذ لحظة الدمج وحتى اليوم، ليس سوى النُّسخة المطورة من تلك العصابات؛ يحملُ نفسَ الحقد، ويمارسُ نفسَ الوحشية، ويستندُ إلى نفس الدعم الاستكباري العالمي.

إن قراءةَ تاريخ الهاقانا والأرغون تعلِّمُنا أننا لا نواجه "دولةً" بالمعنى التقليدي، بل نواجه عصابةً إجرامية دولية، وأن مواجهة هذا العدوّ هي معركة وجودية تتطلب وعيًا بأساليبه واستعدادًا لا يلين؛ فالمشروع الذي قام بالدم لا ينتهي إلا بالصمود والمقاومة الواعية.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر