الإمام زين العابدين يدعو الله أن يمتعه؛ لأنها متعة فعلا أن تجد من نفسك أنك على هدى, وأنك على حق في اعتقاداتك, ومواقفك, تجد في نفسك طمأنينة هي السعادة بكلها، هي العزة, هي متعة, حتى متعة الحياة. ((متعني)) هيئ لي أن أتمتع بهدى صالح لا أستبدل به, كيف يكون قضية أن تتمتع بهدى صالح لا تستبدل به؟ عندما يكون هدى تحرص عليه, هدى تكون واعيا وأنت تتمتع به، فلا تتعرض لأن تستبدل به غيره, وهل هناك
غير الهدى إلا الضلال {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ}(يونس: من الآية32) لا أستبدل به شيئا من الدنيا, لا أستبدل به شيئا من دعاوى الضلال التي تقدم تحت اسم هدى, تحت اسم دعوة إلى التوحيد.
أنا أريد منك يا الله أنت أن توفقني إلى هدى صالح لا أستبدل به، فلا أستبدل به شيئا من الدنيا، فيكون الإنسان كما حكى الله عن بني إسرائيل {يشترون بآيات الله ثمنا قليلا} {يشترون بعهد الله ثمنا قليلا} وآيات الله هي هداه، وعهد الله هو هداه فيما عهد به إليهم، فأن تستبدل بهدي الله شيئا من الدنيا، أن تستبدل بهدي الله شيئا من المكانة المعنوية: شهادة جامعة، شهادة ثانوية، شهادة تقدير، وظيفة في أي مكان كنت, كلها تعتبر قليلا؛ ولهذا جاء في القرآن الكريم وهو يتحدث عن بني إسرائيل: {يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً}(آل عمران: من الآية77) يقول: دائما قليلا. قليلا.. كلما تحدث عن ما جعلوه بدلا عن الدين من الدنيا يقول عنه: ثمنا قليلا, والدنيا بكلها هي ثمن قليل، أن تستبدل بها تجعلها بدلا عن دينك، تجعلها بدلا عن الهدى الذي متعك الله به، ومنحك إياه.
فالإنسان فيما إذا ما تمتع بالهدى هو بحاجة أيضاً إلى أن يكون حريصا على ذلك الهدى؛ لأنه فيما إذا وقع الضلال سيكون ممن يقع في الضلال بعد المعرفة في الضلال بعد العلم، في الضلال بعد الهدى, وهذا أسوأ أنواع الضلال, وأشد الضلال عاقبة على صاحبه: أن يضل بعد هدى، سواء أن يستبدل ثقافة أخرى، عقائد أخرى منهجا آخر، أو يستبدل بهداه شيئا من الدنيا, والدنيا بكلها مادياتها, ومعنوياتها تعتبر ثمنا قليلا لدينك؛ لأنها ثمن في الواقع لنفسك, وهل ترضى لنفسك أن تكون الدنيا كلها ثمنا لنفسك؟ وتكون عاقبتك جهنم.
من الذي يرضى؟. أليس المجرم - كما حكى الله عنه - سيتمنى يوم القيامة لو أن الدنيا كلها وهي ذهب له لافتدى بها يوم القيامة؟ فالإنسان يتمنى أن لو يملك أي شيء، الدنيا كلها بل أقاربه أيضا فيجعلهم فداء لنفسه ولا يدخل جهنم؟ ((إنه ليس لأنفسكم ثمنا إلا الجنة)). فمن يستبدل بالهدى شيئا من الدنيا فإنه باع نفسه فأوبق نفسه، أوبق نفسه - أهلكها - والكثير الكثير يبيعون أنفسهم! ومن هو ذلك الذي قد باع دينه بالدنيا كلها هل أحد عمل هذه؟ البعض يبيع دينه, ويبيع هداه بأقل القليل, بالشيء البسيط, وهذا مما يكشف - وللأسف الكبير - أنه ليس للهدى.. ليس للإيمان.. ليس للدين أهمية عند الكثير منا إذا ما كان مستعدا أن يبيعه بأتفه الأشياء. إنك من يجب أن تحرص على الهدى, وأن لا تستبدل به غيره حتى ولو كان ذلك الشيء هو الدنيا بكلها.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من ملزمة في ظلال دعاء مكارم الأخلاق الدرس الثاني
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 2/2/2002م
اليمن – صعدة