فالدين في نفسه بقدر ما هو لصالح هذا الإنسان، بما فيه من: تشريعات، وتوجيهات، وأوامر، ومبادئ من الله -سبحانه وتعالى- فيها الخير لهذا الإنسان، فيها الكرامة لهذا الإنسان، فيها الحرية لهذا الإنسان، فيها العزة لهذا الإنسان، فيها مصلحة هذا الإنسان الحقيقية والفعلية في الدنيا والآخرة، أيضًا هذا الإسلام العظيم يشكِّل حماية لهذا الإنسان، لأي مجتمع يتمسك به من أن يقع فريسة سهلة ولقمة سائغة للمتسلطين والشيطانيين والظالمين والمجرمين، فيمكن لأي أمة ولأي مجتمع يتمسك بهذا الهدى أن ينعم به، وأن يقوى به؛ لأن من الأشياء البديهية هي: هذا الصراع الذي سيحدث، وهذا ملحوظ في القرآن الكريم وفي هذا الدين العظيم، ملحوظ أن الإنسان الذي ينتمي إلى هذا الدين، أن المجتمع الذي ينطلق على أساس هذا الدين، أن الأمة التي ستتحرك في حياتها على أساس هذا الدين ووفق هذا الدين، ستواجه تحديات، وأخطار، ومشاكل، وصعوبات، و…الخ. هذا ملحوظ، وبما أنه ملحوظ فهناك مساحة كبيرة من التعليمات والتوجيهات التي تبني الأمة لتكون قوية في مواجهة التحدي، وكيف تخوض هذا الصراع بجدارة وكفاءة عالية، إضافة إلى وعد الله -سبحانه وتعالى- بالمعية والمعونة والنصر.
فنحن نقول: عندما تتجه أمة على هذا الأساس، ستواجه المشاكل والتحديات، وتخوض الصراع الذي لابدَّ أن تخوضه، البعض من الناس تعتبر هذه المشكلة بالنسبة لهم مؤثِّرة عليهم، على توجههم، على مصداقيتهم، على ثباتهم، ويتجهون للانحناء والخضوع لقوى الطاغوت، والتنازل عن مبادئ مهمة من هذا الدين، والقرآن الكريم عبَّر عن هذه الفئات، كما في قول الله -سبحانه وتعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ}[الحج: من الآية11]، وكذلك يقول الله -سبحانه وتعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ}[العنكبوت: من الآية10]، من الناس من هو على هذا النحو: يريد أن يتحرك في هذا الدين، لكن دون أن يتحمل مسؤولية في مقارعة الظلم والاستكبار والطاغوت، في العمل على إقامة الحق والعدل، في التصدي للطغاة والمتسلطين والظالمين، الذين يسعون إلى استعباد الناس من دون الله، يريد دينًا مجردًا من المسؤولية، وخاضعًا لطبيعة الظروف، فإذا كان سيواجه تحديات أو أخطارًا لم يعد هناك بالنسبة له من ضرورة لمبادئ معينة من هذا الدين، إما للدين جملةً وتفصيلًا، فهو مستعد أن يرتد عنه بالكامل، وإما لمبادئ أساسية ومهمة للغاية من هذا الدين لها دور حيوي وفعَّال في هذا الدين، ينتج عنها ثمرة هذا الدين في واقع الحياة، فلا بأس- مثلًا– سيتنصل عن كل ما هو مهم وعظيم في الإسلام، ويبقى بالنسبة له بقايا من هذا الإسلام فصلت عن جوانب أخرى أساسية، ففقدت أثرها المفترض والطبيعي في واقع هذه الحياة في نفس الإنسان وفي واقع الحياة.
فالفئة هذه من الناس فئة لا تنطلق على أساس ما عليه هذا الدين في مبادئه وقيمه وأخلاقه، وفيما كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- الذي بقي طيلة فترة بقائه في مكة على صلابة وثبات عظيم لا نظير له، ثم هاجر وواصل المشوار مجاهدًا في سبيل الله، آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، يخوض الصراع مع كل قوى الطاغوت على أشده، وبكل المستويات، وبكل الوسائل المشروعة.
الفئة التي تتجه هذا الاتجاه السلبي في القعود والجمود والتنصل عن المسؤولية، والمداهنة للطغاة، وتجريد الإسلام من جانب المسؤولية بكل ما فيه، هي لا تعبِّر عن حقيقة الإسلام أبدًا أبدًا، هي تعبِّر عن اتجاهها المزاجي، الذي ينبع من ضعفها، وحتى من ضعف وعيها، وقلة إيمانها، ومستوى إدراكها ومعرفتها بأهمية تلك المبادئ، وتلك القيم، وتلك الأخلاق، وتلك التشريعات، وتلك التوجيهات من الله -سبحانه وتعالى- فإذًا هي في اتجاه خاطئ وشاذ عن مسيرة هذا الإسلام، لا ينبغي أن تكون في موقع القدوة، ولا في موقع التأثر، ما كان منها باسم شخصيات علمائية، أو مثقفة، أو فكرية، وما كان منها بأي شكلٍ من الأشكال، هي في الاتجاه الخاطئ بكل ما تعنيه الكلمة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
الكلمة الثالثة بمناسبة الهجرة النبوية 1440هـ – 3