الدرس الآخر هو درسٌ تربويٌ مهم، وهو: أنَّ الله -سبحانه وتعالى- يذكِّرنا بأنه -جل شأنه- الذي يمكِّن، لولا تمكينه، لولا تأييده، لولا معونته، لولا إمداده المعنوي، لولا تسهيلاته الكثيرة التي يحققها لعباده المؤمنين؛ لما تمكَّنوا من النكاية بالعدو بحساب إمكاناتهم المادية وقدراتهم البشرية، ولكن تأييد الله -سبحانه وتعالى- ومعونته كانت هي الحاسمة، والتي حققت هذه النتيجة، وبدونها لم يكن ذلك ليحدث، ولم تكن تلك النتيجة لتكون، فعلى المستوى التربوي يبقى الإنسان المؤمن معترفاً بالفضل لله -سبحانه وتعالى-، ويبقى مستشعراً فضل الله عليه، ونعمته عليه؛ حتى لا يصاب بالغرور، عندما تكون في ميدان المعركة، عندما يحقق الله على يديك البعض من النتائج، أو التنكيل بالعدو، أو القتل لقادة من قادة العدو، أو إلحاق نكاية شديدة بالعدو، لا تعش حالة الغرور والعجب بالنفس، وتتجه إلى نفسك فتحسب هذا إنجازك، وقدرتك، وخبرتك، وجدارتك... وهكذا تتجه إلى نفسك، بدلاً من التوجه إلى الله -سبحانه وتعالى-، هذا أمرٌ خطيرٌ جدًّا، هو يبعدك عن التوجه بالشكر لله -سبحانه وتعالى-، فأنت بدلاً من الشكر لله، والاعتراف بنعمته، والإقرار بفضله، والتأثر بالإنشداد نحو الله -سبحانه وتعالى- بالتعظيم له، والمحبة له، تخسر كل هذا، وتتجه نحو نفسك لتعيش حالةً سلبية من تضخّم الذات، من التعظيم للنفس، من الاستشعار لعظمة النفس... وهكذا تجعل من نفسك صنماً تتجه إليه، تعظِّمه، تمجِّده، تكبر أنت في نفسك على نحوٍ سلبيٍ، تكبر فيك حالة الغرور، حالة العجب، وحينها تفترض لنفسك مقاماً عند الله -سبحانه وتعالى- أولاً، فترى أنَّ لك حقاً على الله، هذه حالة خطيرة ورهيبة جدًّا، حقاً عليه أن يمنحك، وأن يعطيك، وأن يمكِّنك، وأن يجعل لك موقعاً مهماً في هذه الحياة، وفي وسط الناس، وتفترض لنفسك في واقع الناس كذلك أن يكون لك مكانة مهمة، وموقع كبير، مثلاً: على المستوى القيادي، على مستوى الإمكانات، على مستوى المزيد من الاحترام والتقدير والتبجيل والتعظيم، فتتحول الحالة لديك إلى حالة سلبية خطيرة جدًّا، أنت تجاه الله تفترض منه أن يعطيك أشياء تحددها أنت عليه، أن يجعلك طالوت عصرك، أو داوود زمانك، أو يجعل لك شيئاً معيناً، أو يمنحك شيئاً معيناً، تصبح ناقد على الله -سبحانه وتعالى-، يعني: تعيش حالة الاستشعار بأنَّ لك حقاً عليه -سبحانه وتعالى-، وكذلك ناقماً على الناس، أنت تفترض منهم أشياء كثيرة بحقك، أن يروك كبيراً، أن يروك مهماً، أن يروك عظيماً، أن يقدِّموا لك إمكانات معينة، أن يعطوك ماديات معينة، أن يعطوك مناصب ومواقع معينة، فتفسد نفسيتك، وتتحول إلى صاحب أطماع وأهواء، وتتحول رغباتك في هذه الحياة وتوجهاتك محكومةً بهذا الهواء وبهذا الهوس،
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الرمضانية الحادية والعشرون: 1441هـ 14-05-2020م.
يوم الفرقان (4) الاعتماد على الله والتنكر للذات.