فإذاً إجراءات الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- ترتيباته، الإعلان للنص، النص القرآني بنفسه، علاقة الموضوع في موقعه من الدين، وفي أثره في الحياة، كل هذا يدل على أهمية هذا البلاغ، وعلى أهمية الارتباط بهذا البلاغ من واقع الوعي، من واقع الإيمان، من واقع الاستفادة منه حتى ننظر إلى الإسلام نظرةً صحيحة؛ لأننا إن فقدنا هذا الارتباط نفقده في حلقة الوصل الأولى في الامتداد الأصيل منذ وفاة الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- كل هذا سيحدث فراغاً كبيراً في الذهنية العامة، وبالتالي في مشروع الإسلام بكله، سنراه مشروعاً لا رأس له، لا قيادة له، لا معني به، سننظر إليه على أنه مشروعٌ منفلت، مشروعٌ من جاء يتبناه يتزعمه، من جاء يخترقه، من جاء يوظف عناوينه، من جاء يقدم نفسه الأمين المؤتمن عليه، من جاء يتحرك تحت عنوانٍ من عناوينه سيجد فرصةً لخداع الكثيرين من قاصري الوعي، من ناقصي الإيمان، من السذج، من الذين لا يتمتعون بالحصانة الثقافية والمعرفية الصحيحة التي تحميهم من التأثر، معناه أننا ننظر إلى هذا الدين برؤيةٍ قاصرة ستجعل منه مجرد طقوس وأخلاقيات عامة محدودة، بعيداً عن النظرة إليه كمشروع يبني الحياة، يبني الأمة لتتجه هذه الأمة لبناء الحياة، ننظر حتى إلى الإسلام على أنه مجرد مشروع بسيط، يعني: ليس مشروعاً للحياة بكل ما يعنيه في ذلك، ليحقق للإنسان الدور المنوط به كخليفةٍ لله في الأرض، بل ننظر إليه على أنه يرتبط بالإنسان في جوانب محدودة من حياته وشؤونه: بعض من الأخلاقيات العادية، طقوس معينة؛ أما أن يدير شأن هذا الإنسان، أما أن يحل مشاكل هذه الحياة، أما أن يبني واقع البشرية لتؤدي دورها الحضاري، لتؤدي دورها الاستخلافي في الأرض على أساسٍ صحيح، فهذا سيشطب، سيغيب، أو تقدم رؤية أخرى محرفة، مشوهة، على النحو الذي يقدمه الدواعش والتكفيريون، معناه أن نفتح ثغرةً كبيرةً لأعداء الأمة، أعدائها من اليهود القديرين في عملية التحريف، ليتدخلوا هم في واقع الأمة لصنع ولاءات، لصنع ثقافات، لصنع رموز وهمية في عملية التضليل بالأمة التي حذر منها القرآن الكريم، في عملية التطويع التي ينفذون من خلالها للسيطرة على واقع الأمة.
ولذلك يجب أن نفهم أن هذا المبدأ العظيم مبدأ الولاية بمفهوم حديث الغدير، وثقافة يوم الغدير، ومناسبة الغدير، هو يضمن لنا النظرة إلى الإسلام في امتداده الأصيل والسليم والنقي الذي يبني الأمة، ويحمي الأمة من الاختراق، ويحمي الأمة من كل أولئك الطامعين، من كل أولئك المضلين، من كل أولئك الذين قدموا لهم رؤى بديلة تبرر لهم السيطرة على هذه الأمة، إدارة شؤون هذه الأمة من موقع البغي، من موقع الضلال، من موقع الانتهازية، من الجبارين والطغاة والمفسدين والظالمين والجائرين والمستكبرين، الذين ليسوا أمناء على الأمة في أن يديروا شؤونها، في أن يكونوا امتداداً أصيلاً على أساس مبدأ الولاية، في السير بالأمة على أساس منهجها الإسلامي العظيم في كل مجالاته: التربوية، التثقيفية… التي تبني الإنسان أولاً هو حتى على المستوى التربوي، تهدي هذا الإنسان، تزكي هذا الإنسان، تربي هذا الإنسان، تصلح هذا الإنسان، تسمو بهذا الإنسان ليؤدي دوره العظيم في هذه الحياة، الإسلام هو دينٌ عظيم إذا تمسكت به الأمة كما هو في أصالته، في نقائه، في مبادئه الحقيقية، في مشروعه العظيم، في أهدافه الكبيرة؛ تصلح البشرية وتصلح الحياة، يصلح واقع الحياة، يحقق للناس الخير، ويحقق للناس العدل، ويسمو بالبشر في أخلاقهم، في تصرفاتهم، في سلوكياتهم، في أعمالهم، يسموا بالإنسان.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.