{وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ} [التوبة: الآية84]، هذه الفئة التي رضيت بالقعود، وافتخرت بقعودها، وبرَّرت قعودها، وأصرَّت على أنَّه هو الموقف الصحيح والسليم والحكيم، تحت أي تبرير، هؤلاء مقاطعة لهم حتى بالصلاة عليهم، {وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ}، لَا تَقُمْ– حتى- عَلَى قَبرِهِ، فئة لا ينبغي أن يتعامل معها المجتمع بالاحترام أبدًا، لا في حياتها ولا في مماتها، وتقاطع إلى هذه الدرجة من المقاطعة، لماذا؟ لأن الإنسان إذا وصل إلى حالة الرضى بالقعود، ومات عنده روح الإحساس بالمسؤولية بشكلٍ تام، فإن هذا يعني: أنَّه فَقَدَ إيمانه، في داخله كفرٌ مبطَّن، في وجدانه وفي أعماق نفسه كفرٌ مبطن، هو فَقَدَ الثقة بالله -سبحانه وتعالى- إذا كنت تعتبر نفسك مؤمنًا ومتدينًا؛ لأن البعض يعتبر نفسه- حتى- متدينًا وأكثر من غيره، فما هو هذا التدين الذي لا ينسجم مع القرآن، لا يلتقي مع القرآن، لا يتجاوب مع آيات الله وتوجيهاته، أيُّ تدينٍ هذا؟!
آيات الله فيها وعيد على ترك الجهاد في سبيل الله، وعيدٌ بالعذاب، فيها تأكيد على أن الإنسان الذي يُعرِض عن هذه الفريضة، ويعطل هذه الفريضة فَقَدَ إيمانه، فَقَدَ إيمانه، وأنه لا يعتبر عند الله من المؤمنين، ولا يسير في طريق الجنة، {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: الآية142]، فالمسألة واضحة جدَّا.
يقول الله: {إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: من الآية84]، فهم عاشوا في واقعهم لمَّا وصلوا إلى درجة الرضى بما هم عليه من قعود، وجمود، وتنصل عن المسؤولية، وتفرج على واقع الأمة، معنى ذلك: أنهم وصلوا إلى حالة سيئة، وحالة مخزية، وحالة من انعدام تلك المبادئ الإيمانية، والقيم والأخلاق الإيمانية، التي يفترض أن تحيي فيهم روح الشعور بالمسؤولية.
{وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ}، فلا تعوِّل عليهم، ولا على إمكاناتهم، ولا تؤمِّل فيهم، {إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}[التوبة: الآية85]، هي عذاب نفسي عليهم، هم في حالة من الألم والقلق عليها؛ حتى لا تتضرر، أو يخسرون شيئًا منها، {وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ}[التوبة: الآية86]، هذه الفئة الميَّالة للقعود، الميَّالة للجمود، المتنصلة عن المسؤولية، المتهربة من القيام بالواجب، المتفرِّجة على ما تعانيه الأمة من حولها، وما تواجهه من أخطار وتحديات، وكأنها غير معنية بشيء {رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ}[التوبة: الآية87]، رضوا لأنفسهم أن يكونوا بلا ضمير، بلا موقف. معيبٌ في حق الإنسان أن يكون بلا موقف، الله قد أعطاك طاقة وقدرة تستطيع أن تكون صاحب موقف، إيمانك يفرض عليك أن تكون صاحب موقف، إن كان فيك إيمان، الدين الذي تنتمي إليه يفرض عليك أن يكون لك موقف، أين هو موقفك؟ {رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ}، وهذه حالة خطيرة جدًّا: (حالة الرضى)؛ لأن البعض- كما قلت- قد يستشعر التقصير والذنب، ويعترف على نفسه بالتقصير لقعوده، لكن البعض راضون بما هم عليه، ومرتاحون بما هم عليه، وهذه قضية خطيرة جدًّا تسبب مقتًا من الله، مقتًا شديدًا جدًّا، وخزيًا من الله، وسخطًا كبيرًا من الله -سبحانه وتعالى-.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الرابعة بمناسبة الهجرة النبوية 1440هـ – 4 – 4أبريل, 2019م.