مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

{وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ}، (وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ): هذا الإعراض، وهذا التنصل عن المسؤولية، هذا التهرب من الاستجابة، التهرب من الالتزام العملي، (وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ): تسمعون التوجيهات، وتسمعون الآيات، وتسمعون التذكير، فهي تعتبر من أسوأ الحالات على الإنسان عندما يصل إلى هذا المستوى من الاستهانة بالتوجيهات والتعليمات من الله -سبحانه وتعالى-، وفي كتابه الكريم، والتي تأتي إلى الواقع العملي، إلى الأداء العملي.

 

{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ}، حالة سلبية جدًّا أن يصل الإنسان إلى هذا المستوى، فهو يصغي أو يسمع، ولكنه لا يلتزم، وكأنه لم يسمع، لا يتأثر وكأنه لا يسمع، لا يتجه عملياً على ضوء ما سمعه من توجيهات وتعليمات من الله -سبحانه وتعالى-، مثلاً: البعض قد يكون سمع قول الله -سبحانه وتعالى-: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}[الأنفال: من الآية1]، وهو لا يزال يحمل الضغينة في نفسه على إخوته المؤمنين، وهو بعد لم يتجه عملياً ويلتزم عملياً ليسعى لصلاح ذات البين، فكأنه لم يسمع، البعض قد يكون سمع التعليمات والأوامر من الله -سبحانه وتعالى- عن التحرك في سبيل الله، عن العمل، عن الإنفاق... عن أشياء كثيرة، كم يسمع الناس من الأشياء الكثيرة من توجيهات الله وتعليماته، وكأنهم لم يسمعوا، كما يقال في المثل الشعبي: [دخل من أذن، وخرج من الأذن الأخرى]، كأنهم لم يسمعوا، في واقعهم العملي لم يتجهوا للتنفيذ وللتطبيق وللالتزام العملي.

 

فيأتي هنا التركيز على الالتزام العملي، وعلى الاستجابة لتعليمات الله وتوجيهاته، وهنا ستحقق الثمرة، ستأتي النتائج لهذه التوجيهات؛ لأن مخالفة هذه التوجيهات وهذه التعليمات له أضرار كبيرة على الأمة في دنياها وفي آخرتها، الأمة تدفع ثمن مخالفة التوجيهات والتعليمات الإلهية ثمناً باهضاً: ذلةً، هواناً، فشلاً، تمكيناً للعدو، خسارةً، مشاكل كثيرة على كل المستويات، أزمات كبيرة في كل المجالات، وكل ما يعيشه المسلمون في واقعهم من حالةٍ سلبية، وأزمات كثيرة، ومشاكل كثيرة؛ إنما هي نتيجة للخلل في مدى الالتزام العملي والاستجابة العملية.

 

الإنسان إذا وصل إلى هذه الحالة، إلى حالة يستهين فيها بالتوجيهات، لا يقدس أوامر الله، لا يعظم توجيهات الله -سبحانه وتعالى-، لا يتفاعل معها، فقد وصل إلى حالة خطيرة جدًّا، ولذلك قال الله -جلَّ شأنه-: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}، يصبح الإنسان من شر الدواب، يكون الثور أحسن حالاً منه، أحسن حالاً منك إذا وصلت إلى هذه الحالة، الثور، البغل يمكن أن يكون أحسن حالاً منك، عندما تصل إلى حالة لا تتفاعل فيها مع توجيهات الله، مع تعليماته المهمة والتي لها نتيجة مهمة، أنت تذكر عدة أمور: تذكر مصدر هذه التوجيهات، أنه الله -سبحانه وتعالى-، وهذا كافٍ لو بقي فيك خير، لو بقي فيك إيمان، أن تخجل من الله، أن تستحي من الله، أن تخشى الله؛ فتهتم بالتوجيهات التي مصدرها الله، التعليمات التي هي من الله -سبحانه وتعالى-، يكون لها أهميتها عندك، قيمتها عندك؛ لأن مصدرها الله -سبحانه وتعالى-.

 

ثم أيضاً كل هذه التوجيهات التي تأتي من الله هي لخيرنا، ولمصلحتنا، ولفائدتنا، ولفلاحنا، ولنجاحنا، ولعزتنا، ولكرامتنا، ولصلاح حياتنا، والإخلال بها وعدم الاستجابة لها له نتائج سلبية جدًّا وخطيرة علينا في واقع حياتنا، وراء كل توجيه من الله خير، ووراء الإخلال به وعدم الاستجابة له شر، ونتائج سلبية في الواقع، هذا أيضاً يمثل دافعاً للاستجابة؛ لأن في هذا الخير لنا، وهو لمصلحتنا، وإذا لم نستجب فهو وراء ذلك شرٌ علينا، وهو خطرٌ علينا وليس لمصلحتنا؛ فإذاً المفترض أن يكون هذا أيضاً حافزاً ودافعاً للاستجابة.

 

ثم ما يأتينا من الله -سبحانه وتعالى- فيه الكثير مما يفيدنا تربوياً: يمنحنا الرشد، التفكير الصحيح، يزكي نفوسنا؛ حتى تكون نفوساً زاكية تتفاعل مع الأشياء الإيجابية في الحياة، مع الأشياء الصحيحة في الحياة، وتحمل الهمم العالية، وتدرك قيمة هذه التوجيهات فيما لها من آثار ونتائج مهمة وإيجابية وكبيرة في هذه الحياة، فالنفوس الزاكية، والهمم العالية، والرشد والنضج الفكري، يساعد الإنسان أن يدرك قيمة التوجيهات الإلهية، أن يدرك أهمية أوامر الله -سبحانه وتعالى-، وما يترتب عليها من النتائج المهمة، فيكون ذلك دافعاً للاستجابة.

 

فإذا وصل الإنسان إلى مستوى لا يتفاعل فيه مع توجيهات الله -سبحانه وتعالى-، مع أوامر الله -جلَّ شأنه-، وحتى عندما يسمع كأنه لم يسمع، لا يتأثر ولا يتفاعل؛ فلا يتجه عملياً على أساس التنفيذ، فهو في هذه الحالة أصبح في وضعيةٍ نفسيةٍ خطيرة، وأصبح شر الدواب، أصبح شر دابة تدب على وجه هذه الأرض، كما قلنا يكون الحمار أحسن حالاً منه، والبغل أحسن حالاً منه، والثور أحسن حالاً منه، لقد أصبح شر دابةٍ تدب على وجه هذه الأرض، وكأنه أصم لا يسمع، والتوجيهات والتعليمات من الله -سبحانه وتعالى- وهدى الله فيه ما يكفي في التأثير على الإنسان، ما يخلق قناعةً لدى الإنسان، ما يترك تأثيراً عظيماً لدى الإنسان، فإذا وصل الإنسان إلى هذه الحالة في حالة خطيرة جدًّا، إذا وصل مجتمع إلى هذا المستوى فحاله سيء جدًّا، حاله سيء جدًّا، يفقد الإنسان قيمته الإنسانية فيما أولاه الله وما أعطاه من مؤهلات، تساعده على أن يكون أكثر وعياً ونضجاً وفهماً وتفاعلاً وإيجابيةً في الحياة من بقية الدواب، كأنه أصم وكأنه أبكم لا ينطق، وكأنه لا يعقل ولا يفهم شيئاً.

 

{وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ}؛ لأن الإنسان إذا وصل إلى درجة لم يعد يتفاعل مع ما يسمع، فقد الخير في نفسه، ما فيه خير، {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}؛ لأنهم في حالة حتى ولو سمع، حتى ولو فهم الموضوع لم يعد يتفاعل معه، يتجه للإعراض للتنصل عن المسؤولية، للتهرب وكأنه لم يسمع، يحاول أن يتجه عملياً باتجاهٍ آخر، وكأنه لم يسمع شيئاً من هدى الله ومن توجيهاته، تعتبر هذه حالة خطيرة جدًّا والعياذ بالله.

 

والإنسان إذا عود نفسه على الاستهانة بالتوجيهات، وعلى المخالفة تزداد هذه الحالة عنده حتى يصل إلى وضع سيء جدًّا، والعياذ بالله يصل إلى هذه الحالة: (شَرَّ الدَّوَابِّ).

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

المحاضرة الرمضانية الحادية والعشرون: 1441هـ 14-05-2020م.

يوم الفرقان (4) الاعتماد على الله والتنكر للذات.


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر