عصام الزبيري
لقد اعتاد اليمنيون، في ظل سنوات العدوان، أن يمارسوا حياتهم اليومية بكل هدوء واتِّزان، حتى صار مشهد الصواريخ المتساقطة جزءًا من الخلفية المعتادة التي لا تثير اندهاشًا ولا تستدعي تعليقًا.
إنهم يذهبون إلى أعمالهم، يتسامرون، يصلّون، ويتفاعلون مع الحياة بكل تفاصيلها، وكأنهم في بلد لم يعرف الحرب. هذه الروح العالية، وذلك الهدوء العميق، لم يأتِ من فراغ، بل من وعيٍ راسخٍ بجذور المعركة، وبقيمة الأرض، وبأن كرامة الشعوب لا تهتزّ مع أول غارة ولا تنكسر أمام دخان السماء.
أمام هذا المشهد، أُصيب العدوّ بحالة من الذهول والتخبط. لم يجد صدى لقصفه، ولا اهتمامًا إعلاميًّا بما يصنعه من دمار، بل وجد شعبًا يمضي في طريقه، لا يلتفت لضجيجه، ولا يمنحه شرعية الصدمة.
وحين لم يجد ما يثير الدهشة في عيون الأحياء، وجّه نيرانَه نحو الأموات، مستهدفًا المقابر في محاولة يائسة لخلق صدمة ما، أَو إثارة انتباهٍ فقده منذ زمن.
إن ضرب المقابر ليس فقط دليلًا على الإفلاس الأخلاقي، بل علامة على الهزيمة النفسية، والانحدار إلى أدنى مستويات المعركة، بحثًا عن نصر إعلامي وهمي، أَو أثر مؤقت في ذاكرة لم تعد تمنح المعتدي قيمة الذكر.
هكذا هو العدوّ، جيشٌ تقوده غرف إلكترونية يعبث بها جيل “الجلاكسي” و”الآيفون”، لم يقرأ التاريخ، ولم يعرف من هم اليمنيون. لم يقرأوا عن بأس الأنصار ولا أدركوا أن الصبر في اليمن جزء من تركيبة الإنسان، وأن الصمود فيه ليس موقفًا طارئًا، بل هوية متجذّرة في ذاكرة شعب لم يعرف الهزيمة يومًا.