من تجليات هذه المواصفات الإيمانية والحالة الإيمانية هي حالة الرحمة والإحساس والشعور الحي فهذا الرجل العظيم كان رحيماً بأمته وبشعبه، يتألم ويعاني لكل ألم أو معاناة عندما يشاهد الظلم عندما يشاهد معاناة الأمة، عندما يشاهد تلك المظالم الفظيعة والوحشية بحق الأمة، سواء في داخل شعبه أو خارج شعبه، فالكل أمة واحدة يجمعها عنوان واحد هو الإسلام، وارتباط واحد وأساس واحد وأرضية واحدة هي الإسلام.
هذه الأمة في كل قطر من أقطارها، في كل منطقة من مناطقها، حيث كان يشاهد مظلمةً أو مأساةً كان يعاني كما يعاني صاحبها أو أكثر، يعاني للواقع المرير والمظلومية الكبرى للأمة في فلسطين، وفي غيرها من الشعوب العربية والإسلامية يعاني ويشعر بالمعاناة والألم، ويتبين عليه أنه يعيش في نفسه في مشاعره في واقعه حالة الألم الشديد والمعاناة والشعور بالمرارة.
لم يكن حاله كحال الكثير من الناس الذين يعيشون حالةً الأنانية والحالة حالة الانغلاق الشخصي، فلا يبالي عندما يرى معاناة الأخرين، إما؛ لأنه يرى في الأخرين غيره، أو يرى فيهم غير شعبه، أو يرى فيهم غير طائفته، أو يرى فيهم غير أسرته، فلا يبالي مهما كانت أوجاعهم، مهما كانت آلامهم، مهما كانت مظلوميتهم، فالمهم عنده أن يكون هو على مستواه الشخصي على مستوى واقعه الأسري، أو غيره يشعر بالأمن أو يرى نفسه سليماً، لا.
لربما إذا تأملنا في واقع الأمة الكثير الكثير من الناس على المستوى الفردي، أو على مستوى النخب الكثير من الناس لا يبالون، لا تهتز فيهم شعرة أمام الكثير من الأحداث الرهيبة والمؤلمة والمظالم الكبيرة في أوساط الأمة، القتل والدمار والتشريد والعذابات لشعوب بأكملها لا يبالي الكثير من الناس. أما هو فقد كان كل حدث وكل مأساة تزيده ألماً وحزناً وأساً على واقع أمة جده، وتحرقاً على هذا الواقع، وشعوراً بضرورة التحرك لمواجهة هذا الواقع.
من القيم الإيمانية والإنسانية التي كان يتحلى بها وعلى درجة عالية العزة، فقد كان عزيزاً وكما قال الله سبحانه وتعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (المنافقون:من8) بإيمانه المتكامل كان عزيزاً وأبياً ، لا يقبل بالذل ولا يقبل بالهوان، ولا يقبل بالقهر، ولا يستسيغ لا يستسيغ الظلم أبداً. ولا يستسيغ الهوان أبداً. عزيزاً يشعر بالعزة ملأ جوانحه، وتدفعه حالة العزة للموقف العزيز والكلام العزيز، تجلت هذه العزة وظهرت في موقفه، في شموخه، في إبائه، في حزمه، في ثباته، في كلامه، في منطقه، فلا مكان عنده أبداً للذل ولا للهوان ولا للقهر ولا للضيم، كان أبياً يأبى الضيم، ويأبى الظلم وحراً، وهذه من القيم التي غابت إلى حدٍ كبير في واقع الأمة، بل أصبحت في تلك المرحلة التي تحرك فيها ثقافة الذل والترويج للذل والترويج للقبول بحالة الهوان، والترويج لحالة السكوت أصبحت ثقافةً سائدة، وحالةً راسخةً قائمة.
فالكثير ممن فقدوا الشعور بالعزة، وفقدوا هذه القيمة الإيمانية والإنسانية، فقبلوا بالذل والهوان لم يقبلوا به فحسب، بل انطلقوا ليعمموا تلك الحالة ويصبح لها ثقافة، ويصبح لها رؤية، ويصبح لها فكر، ويصبح لها ترويج، ولها منابر ولها تبريرات كثيرة وكثيرة وكثيرة، حتى تبريرات دينية.
البعض كان يبرر حالة الذل والهوان التي تعيشها الأمة وينادي لأن تستمر فيها الأمة، وتقبل بها الأمة، وترضاها الأمة، يطلق البعض التبريرات المصبوغة بصبغة دينية لذلك، والبعض تبريرات بغطاء سياسي، والبعض تبريرات بالزيف الإعلامي، ولكن كلها كان ضاراً بالأمة، وخطراً على الأمة ومتناقضاً مع هوية الأمة، وكان يخدم أعداء الأمة بالدرجة الأولى.
كل المنادين من كانوا ينادون بالقبول بحالة الذل والاستسلام، ويعملون على أن تستمر الأمة في ذلك الوضع في تلك الحالة حالة الجمود والاستسلام والعجز والصمت والهوان، لا تتحرك ولا تتبنى أي موقف لمواجهة ذلك الواقع المخزي، وتلك الحالة المهينة، وذلك الواقع المظلم والمليء بالظلم والمعاناة والقهر، كلهم كانوا يعملون لمصلحة العدو إما بنية بحسن نية أو بسوء نية، عملهم كان يخدم الأعداء بالدرجة الأولى ويتناقض مع هوية الأمة.
أما هو فكان عزيزاً بعزة الإيمان، بعزة القرآن، بعزة هذا الانتماء الإيماني القرآني الإسلامي بإنسانيته أيضاً، فلم يستسغ الظلم أبداً. وكان يتألم يتألم حتى على أولئك الذين يريدون للأمة أن تقبل بحالة الذل والهوان، فيتفلسفون ويقدمون الرؤى والتبريرات، ويسعون جاهدين لدرجة عجيبة لدرجة وكأن الواقع يتطلب ذلك، وكأن الذي ينقذ الأمة أو يعز الأمة أو يخرجها من واقعها السيء هو ما يعملونه من تدجين للأمة، ومن عمل لتضخيم حالة الرعب لدى الأمة، ومن تخويف للأمة وإرجاف في وسط الأمة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
في
تأبين الشهيد القائد السيد / حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه.
ألقاها بتاريخ:28 / رجب/1434هـ
اليمن – صعدة.