أيضاً من الجرائم في الكلام البهتان: عندما تبهت إنساناً بما ليس فيه، عندما تنسب إليه ما هو بريءٌ منه، تتكلم عليه أنه فعل كذا، وأنه صنع كذا، وأنه الذي قال كذا، وأنه الذي تصرف كذا... وهو بريءٌ من ذلك، وهذا مما يكثر في هذا الزمن، خصوصاً مع انتشار الشائعات، وتقبّل الشائعات، على مواقع التواصل الاجتماعي أول ما تنتشر شائعة يتفاعل معها- أحياناً- الآلف من الناس، وهي شائعة على إنسان قد يكون بريئاً، قبل التثبت، قبل التبين، ينطلق الآخرون ليتكلموا فيه، ليلمزوه، ليسيئوا إليه.
في واقع الناس في المجتمع، الكثير من الناس ما إن يسمع كلاماً في أحد حتى يبادر بتصديقه؛ ثم يتكلم فيه، ويسيء إليه، وهذا مما لا ينبغي، مما لا يجوز، يجب التثبت، يجب التبين، حتى لو كان الذي سمعته شكوى، أو تظلماً، أو كلاماً مؤلماً عن شخص أنه فعل كذا، أو شيئاً مستفزاً، يجب التبين، فتبينوا، الله يقول: {إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا}[النساء: من الآية94]، {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}[الحجرات: من الآية6]، كم في القرآن الكريم يأمر بالتبين والتثبت، {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا}[النور: الآية12]، حسن الظن يجب أن يكون هو السائد، التبين يجب أن يكون هو السائد، التثبت يجب أن يكون هو السائد، والقاعدة الأساس التي يعتمد الناس عليها، لكن التسرع عادة سيئة جدًّا لدى الناس، بمجرد أن يسمعوا شائعة يتفاعلون معها؛ ثم هذا يقول، وهذا يكتب، وهذا يتحدث، وهذا ينشر الكلام في المجالس، وهذا في الشارع، وهذا عند من يلقاه، وهذا في مواقع التواصل الاجتماعي، ويحمِّل الناس أنفسهم وزراً وظلماً وجرماً وإثماً بغير لازم، هكذا بكل استهتار وتهاون.
خطورة التهاون في الظلم بالكلام ونشر الشائعات.
التهاون في هذه الأمور من أخطر الأشياء التي تؤثر على الإنسان، والظلم حتى بهذا المستوى: الظلم في الكلام، الظلم في نشر الشائعات قبل التثبت والتبين، والإساءة إلى الآخرين فيما هم منه براء، هذا خطيرٌ على الإنسان في نفسه، في مشاعره، فيما بينه وبين الله -سبحانه وتعالى-، في احباط أعماله، (إياكم والظلم فإنه يخرِّب قلوبكم) في الحديث عن رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- (كما تخرّب الدور، أو تخرب الدور)، مثلما تهدم بيتاً بأكمله، الظلم يفسد حتى نفسيتك، حتى قلبك، حتى مشاعرك، عندما تكون ظلوماً ولو بكلامك، ولو بشائعاتك، ولو بلمزك وهمزك، الله يقول: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ}[الهمزة: الآية1]، الإنسان الذي اعتاد الطعن في أعراض الناس، والكلام في هذا، والكلام في ذاك، والإساءة إلى هذا، والإساءة إلى ذاك، ونشر شائعة عن هذا في مواقع التواصل الاجتماعي، في المجالس، في الاجتماعات، في اللقاءات، قضية خطيرة جدًّا، قضية خطيرة.
الإنسان قد يستهتر، قد لا يبالي، قد يصر، قد يستمر على ذلك، ولكن هذا يفسد عليه نفسه، يبطل أعماله الصالحة، يحمِّله الأوزار العظيمة والكبيرة، ويجعله من المساهمين في تفكيك المجتمع، في نشر الفتن، في إفساد ذات البين، ذات بين المؤمنين والمؤمنات، قضية خطيرة جدًّا، الواجب هو الكلمة الطيبة، الله -جلَّ شأنه- يقول في كتابه الكريم: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} [الإسراء: الآية53].
الكلام السيء، الكلمة الجارحة: كلمة السخرية، كلمة اللمز، كلمة البهتان... الكلمات الجارحة هي مدمرة لألفة المجتمع، وتنزغ الشر، تعطي فرصة للشيطان ليثير الفتنة والكراهية بين المجتمع، ويؤثر عليه في النهوض بمسؤولياته وواجباته، الجماعية.
لذلك يجب التواصي بالحق، والتواصي بالصبر، والتناصح بترك مثل هذه العادات والظواهر السلبية.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
من محاضرة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.
المحاضرة الرمضانية السادسة عشرة: 1441هـ 09-05- 2020م.
الظلم الاجتماعي آثاره ومخاطره.