ثم تجد أثناء دفعه للناس إلى أن يلتزموا بتشريعه، ودفعه بالناس إلى أن يسيروا على صراطه المستقيم الذي يوصلهم إلى مستقر رحمته الجنة، يفتح أبوابًا في الدنيا، أبوابًا كثيرة لمضاعفة الأجر: من أول وَهْلَة الحسنة بعشر حسنات.
أي الناس من أقاربك، من أرحم الناس بك يمكن أن يبادلك على هذا النحو في تصرفاتك معه: الحسنة بعشر حسنات! هل يمكن أمُّك أن تتعامل معك على هذا النحو في أمور تخصها فتقول لك: يا بني اسرح اعمل وحاول أن تدخِّل لي مائة ريال وأنا سأعطيك بدل المائة ألف ريال، هل هذا يحصل؟ أو أبوك ممكن أن يعمل هكذا؟ أو حتى أولادك ممكن أن يعملوا هكذا؟ أي من الناس ممن هم رحماء بك يمكن أن يتعاملوا معك على هذا النحو؟ من حيث المبدأ مائه بألف ريال أو حسنة بعشر حسنات؟ لا أحد إلا الله.
من الذي فرض عليه هذا؟ هل أحد فرض عليه هذا من جهة عباده؟ لا، هو الرحمن الرحيم، هو الرؤوف الرحيم الذي يدفعنا بأي وسيلة، ويشجعنا بأي وسيلة، ويعمل هو على تكثير حسناتنا؛ لنكون جديرين بما وعد به أولياءه، ويثقِّل موازين حسناتنا يوم القيامة هو، حسنة بعشر حسنات، سيئة واحدة منك يكتبها واحدة، تتوب تمحى بكلها ويبدل لك حسنات مكانها، أليست هذه رحمة؟ {فأولئك يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} (الفرقان: من الآية70) {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (هود: من الآية114) يحاول أن يحتفظ لك برصيدك من الحسنات مهما أمكن، إلا أن تأتي أنت بحماقتك فتعمل ما يحبطها، رغمًا من محاولاته فتصبح أنت من جنيت على نفسك.
قد أعتذرُ إلى شخصٍ أسأت إليه، ماذا يمكن أن يعمل لي بدل اعتذاري إليه؟ سيقول لي: [جاهك على الرأس يا رجّال، وكانت زلّة وانتهت، ونحن اخوة من الآن فصاعدا]. أليس هذا كل ما يمكن أن يعمله شخص يحترم وصولك إليه لتعتذر من زلة بدرت منك نحوه؟ أما الله فهو يتوب عليك، بل هو أحيانًا - ومع بعض عباده - يحاول هو أن يتوب عليهم أولًا ليتوبوا {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَـتُوبُوا} (التوبة: من الآية118) يعمل على أن يدفعهم إلى أن يتوبوا، بلطفه، وبتوفيقه ثم يتوبوا فيتوب عليهم، ومتى ما تاب أحدنا من زلة بدرت منه، أو سيئة هي في نفس الوقت ضر عليَّ وليست على الله. هل هناك ضر على الله فيما أعمل؟ فلأنني رفعت ضرًا عن الله قدّر لي ذلك العمل فبادلني بحسنات بدل تلك الأزمة التي فكيتها عنه؟ ليس هكذا.
الله لا تضره معاصينا، معاصينا ضر علينا نحن، ولكن على الرغم من ذلك يأتي هو فيبدل - عندما نتوب إليه - يبدل سيئاتنا بحسنات، الأمر الذي لا يكاد أن يفعله أي شخص أبدًا ممن تعتذر نحوهم من زلة بدرت منك إليهم وإن كانت ضرًا عليهم. أما الله فهو الذي لا تضره معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من أطاعه، وهكذا يتعامل معنا.
ثم هل هذا هو أكثر ما يمكن الحصول عليه، وما يمكن أن يعمله بالنسبة لمضاعفة الحسنات؟ لا، يفتح مجالات واسعة، ويفتح أبوابًا واسعة: في خلال اليوم أوقات معينة فيها صلوات يُضاعِف فيها الأعمال. في خلال الأربعة والعشرين ساعة هناك وقت متأخر في ثلث الليل الآخر يضاعف فيه الأعمال والحسنات أكثر. هناك داخل الأسبوع يوم واحد يضاعف فيه الحسنات وهو يوم الجمعة، في نفس هذا اليوم ساعة واحدة يضاعف فيها الأجر أكثر. في السنة هناك شهر يضاعف فيه الحسنات أكثر إلى سبعين ضعفًا، وفي نفس الشهر ليلة واحدة يضاعف فيها الحسنات آلاف الأضعاف، ليلة القَدْر، هكذا بالنسبة للزمن.
تعود بالنسبة للأماكن فيفتح نفس الشيء. أماكن معينة تكون العبادة فيها أفضل: المساجد، المساجد متعددة هناك مساجد العبادة فيها أفضل من العبادة في المساجد الأخرى، المسجد الحرام ومسجد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) والمسجد الأقصى. في داخل المسجد الحرام بجوار الكعبة تبدو الحسنات أكثر وتضاعف أكثر.
في أيام معينة هي من ليالي العشر، عشر ذي الحجة كذلك تتضاعف فيها الحسنات أكثر. تأتي إلى الأجواء الأجواء التي نؤدي فيها العبادة تجد كيف أن العمل الجماعي يكون الأجر فيه مضاعفًا أكثر عندما تصلي جماعة تصبح صلاتك بنحو خمس وعشرين صلاة.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
معرفة الله -عظمة الله : الدرس السابع
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 25/1/2002م
اليمن - صعدة